في عهد الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، تصاعدت حدة الانتهاكات التعسفية لحقوق الإنسان بين الاعتقالات التعسفية والاخفاء القسري والتعذيب الوحشي التي شملت كافة أطياف المجتمع، من نسويات ونشطاء حقوق الانسان وعلماء دين ومثقفين، وصولاً إلى الحكم بالإعدام على بعضهم إذ يُخشى تنفيذه بأي لحظة، أو الإعدام الذي تم بالفعل سواء كان بحكم قضائي كما حدث مؤخراً عندنا تم إعدام الصحفي والكاتب السعودي تركي الجاسر في يوم ١٤ يونيو ٢٠٢٥، بتهم ملفقة تتعلق بالارهاب والخيانة وتعريض الأمن القومي للخطر!
أو مثلما حدث للصحفي البارز جمال خاشقجي في أكتوبر ٢٠١٨ في سفارة المملكة العربية السعودية في إسطنبول، عندما تم اغتياله بشكل وحشي وتصفيته سياسياً. أو مثلما حدث أيضا لبقية معتقلي الرأي الذين تُوفوا في السجون نتيجة الإهمال الطبي وغيره أو عندما تم الإفراج عنهم ثم توفوا بطريقة غامضة.
إعدام تركي الجاسر، وتسريع وتيرة الاعدامات من قِبل السلطات السعودية حيث يواجه مجموعة من القصّر المحكوم عليهم بالإعدام خطراً متزايداً أكثر من أي وقت مضى. على سبيل المثال يواجه القاصران عبدالله الدرازي وجلال لباد خطر تنفيذ حكم الإعدام في أي لحظة، بانتظار توقيع الملك فقط. بعد أن صادقت المحكمة العليا السعودية على حكمي قتلهما تعزيراً بحسب المنظمة الأوربية السعودية.
في هذا التقرير الخاص بصحيفة صوت الناس نسلط الضوء على أبرز هذه الاعدامات وحالات الوفاة بطريقة غامضة للعديد من معتقلي الرأي سواءً تُوفوا داخل السجون أو خارجها.
حيث أشارت تقديرات مراسلون بلا حدود إلى وجود ١٩ صحفياً معتقلاً في سجون السعودية، وهذا من شأنه أن يثير مخاوف وقلق المنظمات الحقوقية للدفاع عن حقوق الإنسان والنشطاء والمهتمين كذلك، فالسؤال هنا ما مصيرهم؟ في ظل النظام الملكي المطلق و مع غياب العدالة.
نتذكر هنا أبو الإصلاحيين الدكتور عبدالله الحامد أحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية( حسم) الذي أُعتقل ستة مرات إذ كانت المرة السادسة في ٩ مارس ٢٠١٣ بتهمة المشاركة في تأسيس جمعية مدنية غير مرخصة والسعي لتقويض سياسات الدولة وتقديم معلومات زائفة عن السلطة السعودية لمنظمات مرتبطة بالأمم المتحدة، وقد حكم عليه بالسجن ١١ عاماً تليها ٥ سنوات منع من السفر.
وقد وضع في سجون غير ملائمة للتضييق عليه كوضعه في سجن جنائي مع أصحاب قضايا جنائية كبرى، أو وضعه مع سجناء لا يتحدثون العربية بالإضافة للعديد من الانتهاكات كالتهديد والإساءات المتكررة داخل السجن، ورفض السلطات السعودية الإفراج عنه رغم تفشي الكورونا وكبر سنه.
إذ في يناير ٢٠٢٠ قال الطبيب بأن الحامد بحاجة إلى جراحة قلب مفتوح، لكن سلطات السجن هددت بقطع اتصاله بأسرته إذا أخبر أقاربه بحالته. وفي ٩ أبريل ٢٠٢٠ دخل ابو بلال المستشفى في قسم العناية المركزة بعد ما دخل في غيبوبة كاملة وكان في حالة صحية حرجة بعد تعرضه لجلطة في المخ ودخوله غيبوبة أثناء تواجده في سجن الحائر في الرياض، وفي يوم ٢٣ أبريل ٢٠٢٠ فُجع النشطاء في كل مكان برحيل ابوالاصلاحيين وانتقاله إلى رحمة الله في مدينة الملك سعود الطبية، بسبب الاهمال الطبي المتعمد من قبل السلطات السعودية.
عالم الدين أحمد العماري الزهراني، الذي تعرض للتعذيب وسوء المعاملة في سجن ذهبان بجدة، وتوفي في مطاع عام ٢٠١٩ بسبب نزيف الدماغ بسبب التعذيب.
كذلك الأستاذ الجامعي موسى القرني الذي اعتقل مع مجموعة ما عُرف " بإصلاحيّ جدة" في ٢ فبراير ٢٠٠٧ وفي نوفمبر ٢٠١١ حكمت عليه المحكمة الجزائية بالسجن ٢٠ عاماً ومثلها منع من السفر. وفي عام عام ٢٠١٨ تعرض لجلسة دماغية ووفرت له إدارة السجن أدوية خاطئة قبل أن يُنقل بعدها إلى مستشفى الأمراض العقلية وتقديمه على أنه يعاني من اضطرابات عقلية، وقبل نهاية عام ٢٠٢١ بشهرين قُتل في السجن حيث تعرض للضرب على الوجه والرأس ما تسبب في تهشيم الجمجمة وتشوّه الوجه مما أدى إلى وفاته.
ووثقت منظمة القسط لحقوق الإنسان وفاة الصحفي صالح الشيحي الذي تم اعتقاله من منزله في مطلع عام ٢٠١٨ باستخدام القوة المفرطة وأخفي قسرياً لفترة، وفي ١٩ يونيو ٢٠٢٠ قالت القسط بأن قد أُفرج عنه دون أن يتضح ما إذا كان إفراجاً مؤقتاً أو تاماً، لا سيما أنه قد تم الحكم عليه في ٢٠١٨ بالسجن لمدة ٥ سنوات تليها ٥ سنوات منع من السفر، فكان ذلك مثيراً للاستغراب حيث توفي في نفس العام الذي أُطلق فيه سراحه وذلك بعد الإفراج الغير متوقع بشهرين في ١٩ يوليو ٢٠٢٠، مما يستدعي إجراء تحقيق دولي في وفاته. حيث دعت منظمة القسط لتحقيق محايد وعاجل وشامل ومستقل وفعال في وفاة صالح الشيحي، بإشراف خبراء دوليين.
وكذلك الناشط زهير علي شريدة الذي اعتقل على خلفية تغريدات، وتم اعتقاله في ٢٠١٧ وتوفي بسبب الإهمال الطبي بعد إصابته بفيروس كورونا، حيث احتجز وآخرون في زنزانة تجمع المصابين بالفيروس.
وجاء إعدام الصحفي والكاتب تركي الجاسر بسبب تعبيره عن رأيه، حيث لُفقت له التهم كالخيانة العظمى والإرهاب لتكون مبرراً لقتله، ليثير القلق والمخاوف على النشطاء الحقوقيين والسياسيين السلميين، من نهج السلطات السعودية التي لم تكتفي بالاعتقالات التعسفية وممارسة القمع بل إلى التصفية السياسية لكل من يغرد خارج سربها، فقد جعلت القتل أداة لإرهاب النشطاء ومحاولة لتكميم الأفواه.
في حديث الأمين العام لحزب التجمع الوطني الدكتور عبدالله العودة لصوت الناس قال بأن النشطاء والعمل والمعارضة لم يوقفها إعدام خاشقجي ولا ملاحقة النشطاء في الخارج
وأكد العودة أن محاولات تصفية رموز في معارضة في السابق لم تزدها إلا شدة بأس ووطأة وقوة تأثير وحضور، و كل نفس تحاول أن تخنقه السلطات السعودية يتحول إلى رياح تعصف بالاستبداد تكشف سوأته وتفضح مؤامراته محلياً ودولياً وتكون فرصة للكشف عن خبايا خبثه وأدواته محليا ودوليا لذلك لن تنجح أي من هذه، إلا بإبراز أسماء جديدة ودفع بملفات جديدة للواجهة وبإعادة إحياء المجازر والجرائم والانتهاكات التي تورطت فيها السلطات السعودية.