أخبار

المال والسياسة: هل تستطيع الرياض تنفيذ تعهدها الاستثماري الضخم لواشنطن؟

تاريخ النشر:2025-12-29

قدمت صحيفة South China morning Post 
تحليلاً حول إمكانية السعودية الوفاء بوعودها بالاستثمار بأمريكا وتساءلت: لماذا قد لا تفي السعودية بتعهد الإنفاق الاستثماري في الولايات المتحدة وتأثير الصراع مع الصين؟
إذ أثار تعهد بن سلمان باستثمار ما يقرب من تريليون دولار في الولايات المتحدة الأميركية جدلاً في الأوساط الاقتصادية والدبلوماسية، بعد أن تساءل محللون حول مدى إمكانية تنفيذ هذا الحجم الهائل من الاستثمارات فعليًا، أو ما إذا كان مجرد عرض سياسي في سياق المنافسة المتصاعدة بين واشنطن وبكين.
في نوفمبر الماضي، أعلن  محمد بن سلمان خلال زيارة إلى واشنطن أن المملكة ستعمل على رفع حجم الاستثمارات في أمريكا إلى نحو 1 تريليون دولار، في زيادة كبيرة عن التعهد السابق البالغ 600 مليار دولار الذي تم الإعلان عنه خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض في مايو من هذا العام.

وأشار نيو، في مقال له في مجلة "الشؤون العالمية" التابعة لوزارة الخارجية الصينية، إلى أن أسعار النفط العالمية ظلت منخفضة وسط وفرة في العرض، وأن الرياض قد زادت الإنفاق على مشاريع التنمية.
وقال نيو: "مع استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية وتوسع الإنفاق المحلي للبلاد بشكل مفرط، فإن المملكة العربية السعودية تكافح لتحقيق التوازن بين إيراداتها ونفقاتها".
وأشار إلى أن الرياض أبرمت صفقات والتزامات مع الولايات المتحدة بقيمة 450 مليار دولار أمريكي خلال زيارة ترامب عام 2017، إلا أنها لم تُنفذ بالكامل. وقال إنه حتى لو نمت الصادرات الأمريكية إلى السعودية بمعدل سنوي متوسط ​​قدره 10%، فسيظل هناك عجز كبير، ولن يُسد هذا العجز إلا بالاستثمارات.
من المتوقع أن تظل أسعار النفط ضعيفة في السنوات المقبلة، وقد توقعت الرياض في وقت سابق من هذا الشهر عجزًا قدره 165 مليار ريال (44 مليار دولار أمريكي) في عام 2026. وهذا يمثل حوالي 3.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
لكن محللين اقتصاديين ودبلوماسيين يرون أن هذا الرقم قد يكون أكثر طابعًا سياسيًا لامتصاص التوتر في العلاقات الدولية، بدلاً من أن يكون التزامًا ماليًا ملزمًا بخطط واستثمارات محددة.
وأشار تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي أيضاً إلى أن العام المقبل سيكون "محورياً" بالنسبة للمملكة حيث ستنتقل إلى "بيئة أكثر صعوبة تتسم بانخفاض أسعار النفط وتزايد الاحتياجات التمويلية".

ووفقاً لنيو، فإن ذلك يعني أن استثمارات المملكة العربية السعودية الخارجية "لن يكون لديها مصادر تمويل جديدة".
وكتب نيو: "لذلك يجب تمويل أي زيادة في الاستثمار الخارجي من خلال الاقتراض أو بيع الأصول الحالية
تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تصعد فيه المنافسة الجيوسياسية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسعى كل من القوتين العظميين لكسب نفوذ أكبر في الشرق الأوسط، لا سيما لدى السعودية، كواحدة من أهم دول إنتاج النفط في العالم.

بعد فترة وجيزة من تعهد الرياض باستثمار تريليون دولار أمريكي في الولايات المتحدة، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن مصادر مطلعة على الأمر، أن الصندوق السعودي كان يواجه تحديات مالية ولديه العديد من المشاريع الفاشلة.

وقال المحللون أيضاً إن التعهد كان يتعلق أكثر بالمظهر العام.
إن التزام المملكة العربية السعودية بتقديم تريليون دولار أمريكي للولايات المتحدة يُفهم على أفضل وجه على أنه استعراض سياسي، وليس التزاماً ملزماً"، وفقاً لجيسي ماركس، المدير التنفيذي لشركة رحلة للأبحاث والاستشارات، وهي شركة استشارية مقرها واشنطن وتركز على الشرق الأوسط.
وقال: "هذه المرونة هي ما يجعل تحقيق ذلك ممكناً اسمياً على الرغم من القيود المالية الكبيرة المستمرة التي تواجهها المملكة".
هذا يعني أن التنفيذ على نطاق تريليون دولار أمريكي يعتمد كلياً على كيفية تعريف "الاستثمار"، ومقدار الرافعة المالية المستخدمة، وعلى أي إطار زمني، بدلاً من القدرة السيادية البحتة على كتابة الشيكات.

وبالمقارنة، فإن الصين وقعت صفقات تجارية مع السعودية بقيمة حوالي 30 مليار دولار خلال زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الرياض عام 2022، وهو رقم أقل بكثير من التعهد الأميركي الضخم لكنه يعكس شراكات استراتيجية قائمة بالفعل بين البلدين.
الصفقات التجارية والاستثمارات الجديدة بين السعودية والولايات المتحدة تشمل قطاعات البنية التحتية، التكنولوجيا، الصناعة، الطاقة النووية المدنية، والذكاء الاصطناعي، لكنه لا يزال غير واضح ما إذا كانت هذه الاتفاقيات ستُترجم في النهاية إلى التزامات مالية فعلية بقيمة تريليون دولار.

المصدر