شاركت المملكة السعودية بوفد يرأسه رئيس هيئة الرقابة والفساد /مازن الكهموس في المؤتمر العالمي لتسخير البيانات من أجل قياس معدلات الفساد، الذي ينظمه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى جانب منظمات دولية أخرى ذات الصلة بمكافحة الفساد بمقر الأمم المتحدة في فيينا، خلال الفترة 31 أغسطس إلى 1 سبتمبر 2023م وبهذه المناسبة استعرضت المملكة من خلالها تجربتها وجهودها في مكافحة الفساد! وعرضت استفادتها من التقدم التكنولوجي في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد!
أولاً: عندما نأتِ على تعريف الفساد باختصار هو إساءة استخدام السلطة لصالح الفرد والإضرار بالصالح العام، وله عدة أنواع مثل الفساد الاقتصادي مثل تضخم الأسعار ودفع الضرائب بغير وجه حق كما في الحالة "السعودية" إذ كما هو معروف "لا ضرائب بدون تمثيل" ومنه الفساد الإداري كالواسطة والرشوة، الفساد السياسي الذي ما إن يصبح ظاهرة فاعلم بأن الفساد قد تمكّن وشاع في الدولة بكافة أنواعه.
في السعودية نجد إساءة استخدام السلطة والنفوذ من قبل الفرد الواحد وهذا حتمي في الحكم الملكي المطلق، واستيلاء على المال العام ومقدرات الوطن وبعثرته دون مساءلة أو رقابة بينما المواطن يئن من وطأة الجوع والحاجة والديون، فالمظهر العام في الشارع السعودي دونما سبر أغواره، يشي بالبذخ والرفاهية بينما الحقيقة غير ذلك، تبذر الأموال على ما لا يعود بالنفع على المواطن.
في المؤتمر عرضت المملكة السعودية تجربتها في الاستفادة من التقدم التكنولوجي في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، ولكن الحقيقة أن السلطات السعودية أساءت استخدام هذا التقدم في قمع النشطاء وتضييق الخناق عليهم وملاحقتهم في الداخل والخارج في شراء برنامج "التجسس الإسرائيلي بيجاسوس" الذي تم بيعه بقيمة 55 مليون دولار! للتجسس على المعارضين! وتكبيلهم بتهمة ارتكاب الجرائم المعلوماتية وغيرها من التهم المعلبة، هكذا استفادت المملكة السعودية من التقدم التكنولوجي.
وكيف سيكون للشفافية مكان في ظل أجواء الخوف والبطش والقمع ورؤية الفرد الواحد الذي يقصي الآخر ورأيه ويغيبه إما بالقتل أو السجن ويرهبه بكلاهما؟! الشفافية والنزاهة والمصداقية يستحيل أن تنشأ في مزرعة الاستبداد!
كل مخرجات المؤتمرات في نهايتها ستبقَ حبراً على ورق طالما أن جذور الاستبداد راسخة في الحكم كنهجٍ لحكم الفرد المطلق المتحكم في جميع مفاصل الدولة، لا يمكن محاربة الفساد بأدوات فاسدة، لذلك أولى معايير مكافحة الفساد هي التخلص من أُس الفساد المتمثل بالحاكم وإعلاء صوت المواطن في المشاركة السياسية وإعادة حقوقه الأصيلة له، والعمل على إرساء دولة الحقوق والمؤسسات وتفعيل دور المساءلة والرقابة ...إلخ وإلا فملف حقوق الإنسان الذي يغص بالانتهاكات الصارخة وحده قادر على عدم ضمان الاستقرار السياسي وزعزعته.