بينما يبدد أصحاب السمو والمعالي في مختلف البلدان العربية والإسلامية أموال شعوبهم وثرواتهم على الحفلات والمواسم الترفيهية ويشبعون رغباتهم في دخول الموسوعات القياسية ويرتكبون الحماقات السياسية والاقتصادية، يعيش أهل قطاع غزة الفجائع والويلات ويموتون من شدة الجوع وانعدام أساسيات الحياة التي بددها الاحتلال.
باحثون وصحفيون وناشطون على منصة إكس استنكروا ضعف موقف الأنظمة العربية والإسلامية الحاكمة تجاه ما يتعرض له أهل غزة خاصة شمال القطاع من تجويع ممنهج وشح في المواد الغذائية، نتيجة الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى اليوم لإجبار أهل شمال غزة على النزوح.
وأعربوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية على منصة إكس عن غضبهم من ترك الفلسطينيين يموتون جوعاً وتجاهل الجوع الذي يتمدد في أحياء غزة المدمرة، منددين بعجز النظام العربي عن إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة ومشاركة بعض الدول العربية والإسلامية الاحتلال في حصاره وتقديم كافة أشكال الدعم له.
نقل صحافيون شهادتهم التي وثقوا خلالها الواقع الكارثي الذي يعيشه أهل الشمال، موثقة بروايات للمقيمين أفادوا فيها بأنهم يحاربون خطر المجاعة بطحن الأعلاف المخصصة للحيوانات في محاولة لصنع الخبز، وسط شح طال أبسط الموارد الأساسية الحياتية، وعجز عن إنتاج الأغذية أو استيرادها.
وكانت وكالات الأمم المتحدة قد قالت في 16 يناير/كانون الثاني 2024، إنه مع تصاعد خطر وقوع مجاعة، وتزايد أعداد الناس المعرضين لانتشار الأمراض الفتاكة، ثمة حاجة ماسة لإجراء تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأكد رؤساء برنامج الأغذية العالمي، واليونيسف، ومنظمة الصحة العالمية، إن إدخال إمدادات كافية إلى غزة وتوزيعها في جميع أنحائها الآن يعتمد على: فتح مسارات دخول جديدة؛ والسماح لعدد أكبر من الشاحنات بعبور نقاط الحدود يومياً؛ وتقليص القيود على حركة العاملين الإنسانيين؛ وضمان سلامة الناس الذين يصلون إلى مراكز توزيع المساعدات والأفراد الذين يوزعونها.
وفي أعقاب التحذيرات الأممية بأن مجاعة تلوح في الأفق في غزة، رصدت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تفاقم حالة الجوع بين أكثر من مليوني نازح في غزة مع دخول الشهر الرابع من الحرب، مؤكدة أنهم يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الخارجية التي تدخل عبر نقطتي الدخول الوحيدتين، رفح على الحدود مع مصر، وكرم أبو سالم على الحدود الإسرائيلية.
الباحث العربي المستقل مهنا الحبيل، رأى أن الحلقة الأخيرة من سلاح العدوان الوصول إلى المجاعة وتعزيزها كدلالة قطعية أن النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي، يقود حرب سلاح المجاعة بالتنسيق مع الكيان الصهيوني والغرب، موضحا أن الهدف نقل الحرب إلى كل حياة مدنية وتفعيل الإبادة بالتجويع والعطش.
واستنكر أن العدو لا يزال يرقص على جثامين أهل غزة بينما العرب يمدونه من كل طوق.
وأكد الوزير التونسي السابق الدكتور رفيق عباس، أن وضع المجاعة في غزة مسؤول عنه دولة الاحتلال أولا بإجرامها وحقدها، ثم السيسي شخصياً بتواطؤه وإصراره على إغلاق الحدود مع إطلاق بالون من الشعارات الكاذبة من قبيل "لن نقبل بتصفية القضية الفلسطينية"، جازماً بأن السيسي منخرط ليلا نهارا في تصفيتها بعجزه وتواطؤه وتلاعبه.
واستنكر رئيس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده، تعليق البعض آمالا على بعض النظم التي تصدر نفسها على أنها داعم "شرس" للحق الفلسطيني، رغم مشهد الخذلان الشعبي والرسمي العربي لغزة.
وقال: "حتى يكتمل المشهد تماماً في ظل التجويع الحاد نسأل ما الذي يمنع المستوى الرسمي الجزائري والتونسي والتركي من تسيير بواخر مساعدات لغزة مباشرة برعاية جيوش تلك الدول مع إعلان الاستعداد لقبول تفتيش تلك البواخر من أطراف دولية بما فيها أطراف من الاحتلال أو تنوب عنه"، مؤكدا عدم وجود ما يمنع سوى غياب الإرادة.
وتساءل الصحفي اليمني محمد الجرادي: "أين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر، أين دور تركيا؟"، داعيا لإنقاذ أهالي شمال غزة من المجاعة خاصة أن هذه الدول لديها علاقات كبيرة مع الولايات المتحدة الراعي الرسمي لهذه الحرب الإجرامية.
ووجه الناشط السياسي والإعلامي أبوسياف الظاهري، رسالة عاجلة إلى من يسمون أنفسهم قادة دول مصر والأردن والسعودية ودويلة الإمارات والبحرين، موضحاً أن سكان قطاع غزة بدأوا باستخدام علف الحيوانات بغرض عمل الخبز بعد نفاذ مخزون الدقيق.
وتساءلت الناشطة اليمنية غزال المقدشي: "أين هم ملوك الخليج وثرواتهم، أين ملوك السعودية والإمارات وحكام العرب ورؤساء المسلمين، أين الخليفة والداعية وارطغل والشيخ والمفتي؟، أين فتاويكم؟ أين دقونكم من جرائم اليهود بحق الإسلام والمسلمين؟".
ونددت الإعلامية آنيا الأفندي، بصرف المليارات على المهرجانات والحفلات في الوقت الذي يأكل فيه أهل غزة علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة، مذكرة بقول الشاعر طرفة بن العبد: "وظُلمُ ذوي القربى أشد مضاضةً.. على المرء من وقع الحسامِ المهندِ".