أخبار

القسط تستعرض التوصيات الأممية للسلطات السعودية لحماية حقوق الإنسان

تاريخ النشر:2024-01-30

استعرضت منظمة القسط لحقوق الإنسان، التوصيات التي قدمتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خلال الاستعراض الدوري الشامل الرابع للسعودية في 22 يناير/كانون الثاني 2024، لمعالجة انتهاكات الحقوق الواسعة النطاق والممنهجة في المملكة، من الإفراج عن معتقلي الرأي إلى إلغاء عقوبة الإعدام للقاصرين، فضلًا عن مجموعة من الإصلاحات التشريعيّة. 

وقالت في 29 يناير/كانون الثاني 2024، إن هذه التوصيات التي لديها القدرة على إحداث تغيير كبير في البلاد، تعكس مدخلات من المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان بما في ذلك القسط، داعية السلطات السعودية الآن إلى تبنّي هذه التوصيات وتنفيذها لصالح الشعب من جانب والمملكة من جانب آخر.
وأشارت القسط إلى أن السعودية أمامها حتى الدورة السادسة والخمسين لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في يونيو/حزيران، ويوليو/تموز القادم، لتقرّر ما إذا كانت ستقبل أيًا من هذه التوصيات أو ترفضها. 
ولفتت إلى أن السعودية قبلت في استعراضها الدوري الشامل السابق، في عام 2018، رسميًّا الجزء الأكبر من التوصيات المقدمة، رغم بعض الاستثناءات الملحوظة، ومع ذلك، على الرغم من ادعاء الوفد السعودي في الاستعراض الأخير بأن المملكة قد نفّذت "80% من العدد الإجمالي" لتوصيات عام 2018، إلا أنه لم يتم إحراز تقدم يُذكر في الواقع، وفي الوقت نفسه، استمر تدهور وضع حقوق الإنسان في السعودية.
وأوضحت القسط أن أكثر من 50 دولة دعت السعودية إلى مواءمة تشريعاتها المحلية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتصديق على المعاهدات الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان، مذكرة بأن السلطات السعودية قد أوصيت بالتصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوله الاختياري الثاني.

وأشارت إلى أن السعودية أوصت أيضا بالتصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري؛ والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم؛ والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب. 
وقالت القسط، إن السعودية قبلت معظم هذه التوصيات عندما تم تقديمها في الدورة السابقة من الاستعراض، ومع ذلك لم تصادق على أي من هذه المعاهدات، مضيفة أن مجموعة من الدول السعودية أوصت بتوجيه دعوات إلى المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة وقبول زيارات منهم.
وأوضحت أن عدة دول دعت إلى إجراء تعديلات على النظام القمعي لمكافحة جرائم الإرهاب وتمويله (نظام مكافحة الإرهاب) ونظام مكافحة جرائم المعلوماتيّة، بما في ذلك مواءمة تعريف الإرهاب مع المعايير الدولية وضمان عدم تجريم الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، سواء على شبكة الإنترنت أو خارجها. 
وأكدت القسط أن من الناحية العمليّة، استُخدمت أنظمة مكافحة جرائم الإرهاب وجرائم المعلوماتيّة بشكل روتيني لقمع المعارضة السلمية، مما أدى إلى إصدار أحكام قاسية بحق النشطاء مثل سلمى الشهاب وعبدالرحمن السدحان.
وأضافت: "كما أوصت عدة دول بتنفيذ الإصلاحات القضائية وضمانات الحماية القانونية، فقد دعت هذه الدول إلى إصلاح المحاكم الجزائية في المملكة، التي تشتهر بعدم احترامها للإجراءات القانونية الواجبة وعدم استقلاليتها، وزيادة الشفافية في النظام القضائي، وأوصت بأن تقصر السلطات استخدام المحكمة الجزائية المتخصّصة على القضايا "المحددة وفقًا للتعريف الصحيح للإرهاب".

وأوضحت القسط أن عدة دول أوصت أيضا بأن تضمن السلطات السعودية اتباع الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمات العادلة والحماية من الاحتجاز التعسفي وإلى أجل غير مسمى والتعذيب وسوء المعاملة، كما قُدمت توصية بالسماح للصحفيين والدبلوماسيين بحضور جلسات المحاكمة، وهو ما منعته السلطات منذ أكتوبر 2018.
وفي ضوء استهداف السعودية المستمر للأفراد، بمن فيهم أعضاء المجتمع المدني المستقلون والمدافعون عن حقوق الإنسان، بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم الأساسية، قالت إن 10 دول أصدرت توصيات بشأن حماية الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات. 
وأشارت القسط إلى أن هذه الدول حثت السلطات السعودية على السماح للمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بالتسجيل والعمل دون خوف من الأعمال الانتقامية، وضمان تمكين الصحفيين والمدافعين الحقوقيين من العمل بحرية على شبكة الإنترنت وخارجها، ووُجّهت دعوات أخرى إلى السلطات للإفراج عن معتقلي الرأي وإلغاء حظر السفر على المدافعين الحقوقيين الذين قضوا محكوميّاتهم.
ولفتت إلى أن السلطات السعودية وجهت أيضا لها دعوات للامتناع عن ممارسة الأعمال الانتقامية ضد المدافعين الحقوقيين الذين يتعاونون مع آليات الأمم المتحدة، كما أوصت ثلاث دول بأن تفي المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية بالمعايير المنصوص عليها في مبادئ باريس، خلافًا للطريقة التي تستخدم بها السلطات هيئة حقوق الإنسان السعودية كأداة للتبييض.
وفي ضوء عمل السعودية الكثيف بعقوبة الإعدام، حيث تم إعدام ما لا يقل عن 172 شخصًا في عام 2023، قالت القسط إن 19 دولة أوصت بوقف العمل بعقوبة الإعدام، بهدف إلغائها، مذكرة بأن 12 دولة دعت إلى إلغائها الفوري للجرائم التي يرتكبها أشخاص دون سن 18 عامًا، بما يتماشى مع اتفاقية حقوق الطفل. 
وأكدت أن هنا كانت الدول تلمّح إلى فشل السلطات السعودية في الوفاء بما ثبت أنه وعود كاذبة بالإصلاح فيما يتعلق بعقوبة الإعدام للقاصرين، لافتة إلى أنّ ما لا يقل عن تسعة شبان معرّضون حاليًا لخطر الإعدام في السعودية بسبب جرائم يُزعم أنهم ارتكبوها وهم قاصرون، في تناقض مباشر مع الادعاءات الرسمية بإنهاء هذا الانتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأفادت القسط بأن عشر دول دعت إلى مزيد من الإصلاحات القانونية فيما يتعلق بحقوق المرأة، بما في ذلك إلغاء منظومة ولاية الرجل على المرأة وجريمة "العصيان"، وإلغاء جميع الأحكام الواردة في قانون الأحوال الشخصية لعام 2022 التي تميز ضد النساء والفتيات (بما في ذلك تلك المتعلقة بالزواج والطلاق والحضانة) والحكم التمييزي المتعلق بنقل الجنسية في قانون الجنسية في المملكة. 
وقالت إن على الرغم من الادعاءات بعكس ذلك، لم تقم السلطات السعودية بعد بتفكيك منظومة ولاية الرجل بالكامل، بل قامت بدلًا من ذلك بتضمين الكثير منها في قانون الأحوال الشخصية. وفي الوقت نفسه، فإن قدرة الوصي الرجل على أخذ امرأة إلى المحكمة بتهمة "العصيان" تقوض بشدة الإصلاحات التي تم إدخالها. 
وأضافت القسط أن قانون الأحوال الشخصيّة يهدّد حقوق الفتيات من خلال السماح بزواج الأطفال دون سن 18 عامًا في ظروف معينة، مما دفع العديد من الدول إلى التوصية بإلغاء جميع الاستثناءات من حظر زواج الأطفال، ودعت دول أخرى إلى تجريم العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاغتصاب الزوجي، وإلى توسيع نطاق تعريف هذا العنف ليشمل ما هو أبعد من الاعتداء الجسدي وحده.
وأوضحت أن أكثر من 15 دولة أصدرت توصيات في مجال حقوق المهاجرين والاتجار بالبشر والعمل القسري، بما في ذلك دعوات لسد الثغرات في الإصلاحات الأخيرة للقانون، لا سيما من خلال إشراك عاملات المنازل في الإصلاحات المستقبلية، وشملت التوصيات الحاجة إلى تعزيز حقوق العمال الأجانب من خلال مراجعة نظام كفالة التأشيرات.
وبينت أن التوصيات شملت أيضا إزالة متطلبات تأشيرة الخروج، وإنشاء آليات فعالة لتقديم الشكاوى للعمال المهاجرين، مشيرة إلى أن دولتين دعتا إلى إجراء تحقيقات شفافة في عمليات القتل الجماعي التي ارتكبتها القوات السعودية للمهاجرين وطالبي اللجوء الذين يعبرون الحدود اليمنية السعودية بين مارس 2022 ويونيو 2023.

وبدورها، علّقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط، لينا الهذلول، قائلة: "استرشد المجتمع الدولي بمدخلات المجتمع المدني قبل الاستعراض الدوري الشامل، وأوضح الخطوات اللازمة لتحسين وضع حقوق الإنسان المروّع في السعودية، ويجب على السلطات السعودية الآن قبول هذه التوصيات بحسن نية والعمل على تنفيذها، من أجل إحداث تغيير حقيقي لصالح الشعب السعودي – وكذلك صورة المملكة على الصعيد الدولي".