بذريعة أن 12 موظفا لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" قد يكونوا متورطين في الهجوم الذي شنته كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، ضد الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، علقت عدة دول غربية تمويلها للوكالة بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأميركية وقف التمويل.
أميركا أعلنت موقفها في أعقاب إصدار محكمة العدل الدولية قرارات مناهضة للاحتلال في 26 يناير/كانون الثاني 2024، تقضي برفض الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى التي أقامتها جمهورية جنوب أفريقيا، قائلة إن على إسرائيل أن تتخذ "كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية".
وتبع أميركا في إعلانها وقف تمويلها على إسرائيل أن تتخذ "كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية"، كل من "بريطانيا وألمانيا وفرنسا وأستراليا وفنلندا وإيطاليا وهولندا وكندا وسويسرا واليابان".
وندد أعضاء بحزب التجمع الوطني وكتاب وصحفيون وناشطون على منصة إكس بتعليق المساعدات المقدمة للأونروا، وعدوها خطوة ضمن مخطط أميركي إسرائيلي لتنفيذ خطة "الترانسفير" وهي مجموعة من العمليات والإجراءات تستهدف ترحيل الفلسطينيين من أرضهم واتاحتها للمستوطنين الإسرائيليين بهدف توسيع الدولة الإسرائيلية.
ويستخدم مصطلح "ترانسفير" للإشارة إلى نقل سكان من منطقة سكنهم الأصلية إلى منطقة أخرى بهدف إقامة منطقة فيها انسجام سكاني من شعب أو عرق واحد؛ ولمجابهة مخطط تهجير الفلسطينيين وترحيلهم، ومناهضة الضغوطات التي تمارس على المنظمة الأممية أطلق ناشطون على منصة إكس حملة #تقويض_الأونروا_لن_يمر، #الأونروا_في_خطر.
وأكدوا أن الهجوم الغربي على الأونروا هو استكمال للعدوان العسكري الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بهدف تحقيق هدف التهجير الجماعي خارج غزة ومعاقبة الشعب الفلسطيني، بدعم غربي غير مسبوق ووسط صمت وخذلان عربي وإسلامي وعالمي، ساخرين من الأسباب والمبررات المعلنة لإيقاف التمويل.
وتعقيبا على تعليق المساعدات المقدمة للأونروا، قالت المتحدثة الرسمية باسم حزب التجمع الوطني الدكتورة مضاوي الرشيد، في تغريدة على حسابها بمنصة إكس، إنهم "يريدون تشتيت شملهم ومنعهم من الدراسة والصحة والعمل وقطع كل الخدمات حتى لا يبقى إلا الرحيل لكنهم عبروا وسيعودون".
وأعرب الكاتب والمؤلف أحمد منصور، عن غضبه من تلقف الدول الغربية الأكاذيب الإسرائيلية لتبني عليها مواقف وقرارات غير إنسانية مثل التوقف عن دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا الشريان الانساني الوحيد الذي بقي يمد ما تبقى من سكان غزة بالفتات، مؤكدا أن الدول الغربية بهذا الموقف تشارك إسرائيل في جرائمها وعلى رأسها قتل أهل غزة جوعا وعطشا.
وعد الصحفي والمعلق المتخصص في السياسة والتاريخ إياد أبو شقرة، الحرب التي تشنها الدول الغربية على الأونروا، بناءً على تقارير استخباراتية إسرائيلية، وفي هذا الوقت بالذات، مشاركة فعلية في التهجير الجماعي القسري للفلسطينيين، وقال إن كل الكلام الدبلوماسي عكس ذلك لا معنى له، مؤكدا أن هناك حملة عالمية بقيادة واشنطن وتل أبيب لتنفيذ جريمة "الترانسفير".
وعدد الصحفي أحمد سرحان الأسباب التي دفعت الاحتلال لتشويه صورة الأونروا، ومنها تأمين غطاء وتبرير لاستهداف المدارس التابعة للمنظمة وارتكاب المجازر بحق النازحين، وتأمين غطاء وتبرير له بقتل وسفك دماء الموظفين (لأن استهداف موظفي منظمة دولية ضريبته عالية)، وإقناع الرأي العام العالمي أنه مضطر لارتكاب جرائمه ومحق فيها، وإخلاء قطاع غزة من سكانه وجعله غير صالح للعيش.
وحذرت 9 منظمات إغاثة في رسالة مشتركة، من تعليق تمويل "الأونروا" وعدته تهديد لحياة الفلسطينيين في غزة والمنطقة، ويؤثر على المساعدات التي يمكن وصفها بالمنقذة لحياة أكثر من مليوني مدني في القطاع، مستنكرين قطع شريان الحياة عن شعب بأكمله، وأعربوا عن قلقهم وغضبهم من اتحاد بعض أكبر المانحين لتعليق التمويل للأونروا، داعين الدول المانحة على إعادة تفعيل الدعم.
وهاجمت منظمة العفو الدولية "أمنستي" في بيان لها، الدول التي أعلنت وقف تمويل الوكالة، قائلة إن "بعض الحكومات التي أعلنت أنها ستقطع التمويل عن الأونروا بسبب ادعاءات الاحتلال، واصلت في هذه الأثناء تسليح القوات الإسرائيلية على الرغم من وجود أدلة دامغة على أن هذه الأسلحة تستخدم لارتكاب جرائم حرب وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".
ونقلت عن الأمينة العامة لها أنييس كالامارد، قولها إن "التسرع في تجميد أموال المساعدات الإنسانية، بناءً على مزاعم لا تزال قيد التحقيق، مع رفض مجرد التفكير في تعليق الدعم للجيش الإسرائيلي هو مثال صارخ على ازدواجية المعايير"، محذرة من أن القرار يعد ضربة مدمرة لأكثر من مليوني لاجئ في قطاع غزة.
وأوضحت أن "الأونروا بمثابة شريان الحياة الوحيد بالنسبة لأهل غزة"، داعية الدول إلى التراجع عن قراراتها والامتناع عن تعليق التمويل للأونروا، قائلة إن "أمر صادم للغاية - بل وغير إنساني - أن تتخذ عدة حكومات قرارات من شأنها أن تسبب المزيد من المعاناة لمليوني فلسطيني، يواجهون بالفعل خطر الإبادة الجماعية والمجاعة المدبرة".
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن قرار تعليق التمويل لوكالة (أونروا) يُعتبر امتدادا واضحا للدعم الذي تقدمه هذه الدول لعصابات الاحتلال في ارتكابها لجريمة الإبادة الجماعية ضد سكان غزة مما يسرع في نتائج هذه الإبادة فمن نجى من آلة القتل فإنه لن ينجو من الجوع والأمراض التي أصبحت تفتك بالمهجرين.
ورأت أن القرار الذي اتخذته الدول بُني على حجة سخيفة اختلقتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي مفادها أن 12 موظفا يعملون في هذه المنظمة التابعة للأمم المتحدة "قد" يكونون ضالعين في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع العلم بأن عدد العاملين في الوكالة يزيد على 30 ألفا.
وعدت موقف الدول المعلقة لدعمها للأونروا بمثابة تجرد من أي قيم إنسانية وأخلاقية، مستنكرة أن عدد الضحايا وحجم التدمير والتهجير الواسع في غزة لم يزحزح سياسة هذه الدول في دعم المذبحة مثل تقليص تدفق الأسلحة أو فرض عقوبات من أي نوع، بينما لفت انتباههم 12 موظفًا في منظمة دولية جاءت اتهامات باطلة بحقهم من قبل القتلة أنفسهم.
ولفتا للانتباه للأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ورفضا لموقف الحكومات الداعمة للاحتلال، وعلى رأسها أميركا، فمن المقرر أن يضرب العشرات من موظفي الحكومة الأميركية عن الطعام في 1 فبراير/شباط 2024، تنديدا بسياسة الرئيس جو بايدن، الداعمة لإسرائيل، وردا على استخدام إسرائيل للمجاعة كسلاح حرب عن طريق منع دخول الطعام عن قصد للقطاع.
وفي سياق الفعاليات التضامنية رفضا للعدوان الإسرائيلي على غزة، برزت الموانئ في أستراليا كمركز للمسيرات المؤيدة لفلسطين، حيث استهدف متظاهرون السفن الإسرائيلية والسفن التي يُعتقد أن لها صلات بها.
وحذر إعلان عالمي وقّعت عليه شخصيات من أنحاء العالم من أن "الفظائع" الجارية في القطاع تمثل تحديا أخلاقيا للعالم أجمع، رافضا في الوقت ذاته سياسة "غض النظر عن الجرائم الشنيعة ضد الإنسانية" بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وضمت قائمة الموقعين أكثر من 100 شخصية من أنحاء العالم.
وبينهم قادة دول وحكومات ووزراء سابقون وحائزون على جوائز دولية بارزة وعلماء مسلمون وقادة كنائس ومفكرون وكتاب وأدباء وفنانون من بلدان عدة.
وانتقدت الشخصيات العامة الموقعة على الإعلان الصادر بـ8 لغات رفضها "غض النظر عن الجرائم الشنيعة ضد الإنسانية الجارية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتي تتخذ طابع الإبادة والتطهير العرقي"، مستنكرين بأقصى العبارات ما يحظى به ذلك من دعم عسكري وسياسي ودعائي متواصل من قوى دولية.