مقالات

نعم للتجديد .. لا للتدوير !

الكاتب/ة صبري الموجي | تاريخ النشر:2024-03-17

أرفضُ وبشدة فكرة تدوير القيادات داخل أيّ مصلحة أو مؤسسة حكومية بحجة أنه لم تأتِ بمثلهم ولاّدة، فبقاء المسؤول أو تصعيدُه لمنصب أعلى داخل مؤسسته، أو ندبه لمكانة أرفع وأشرف بهيئة أو مصلحة أخرى هو تأصيلٌ لمبدأ الأنانية، والاستحواذ، وحجر عثرة في طريق تكافؤ الفرص، وتفريخ الكوادر .

إن تدوير القيادات يا سادة هو رسالةٌ فجة تُعلن سطورها الباهتة أنَّ أرحام النساء عَقمت أن تأتي بمثل هذا المسئول الألمعي، اللوذعي، الذي يُتقن لعبة الانتقال على الكراسي المُتحركة !

كثيرٌ من المسؤولين آلتْ إليهم مناصبُ أكبر من إمكاناتهم، وجلسوا على كراسي أكبر من أحجامهم، لكنهم سرعان ما تكيّفوا مع الوضع، وتشبثوا بالفرصة، مثلما فعل الفنان الراحل أحمد زكي في فيلم وحيد حامد، وسمير سيف ( معالي الوزير )، وأبدا لم يكن بقاء هؤلاء المسؤولين في أماكنهم بسبب قدراتهم الفذّة على الإدارة، وتسيير الأمور وفقط، ولكن بسبب رسوخ شعار : ( عاش الملك .. مات الملك )، الذي صنع كثيرا من الطواغيت على مرّ الأزمان !

إن تغيير القيادات هو ضمانةُ تفريخ الكوادر، وضخ الدماء الجديدة، وتفجير الطاقات، والاستفادة من الخبرات، بينما بقاؤهم أكثر من فترة، هو تعطيلٌ للطاقات، وتكلس للأفكار، ودأد للخبرات، وتيسير فرص السرقة والنهب، والثراء غير المُبرَّر، والتاريخ شاهد، فكم من أشخاص حققوا ثراء ومجدا شخصيا من وراء مناصبهم، بعدما فتحوا بطونهم ( وكروشهم ) للمال العام بحجة أنه لا صاحب له !

نعمْ تصدت الدولة، وتتصدي لهؤلاء، ولكن قطعاً للشك باليقين، فلابد من رفض الدولة مُطلقا فكرة التجديد والمد للقيادات سدا للذرائع !

إن موقفَ فاروقِ الأمة عمرَ بن الخطاب في عزل خالد بن الوليد عن إمارة الشام، وقيادة الجيش، وإسناد الأمر لأبي عبيدة بن الجراح، رغم ثقته في أمانة خالد وجدارته هو تأطيرٌ لفكرة تجديد الدماء؛ لتفجير الطاقات .

أما فكرةُ بقاء المسؤول أيا كان موقعه حتى موته، أو خروجه بفضيحة مدوية، و ( جُرسة بجلاجل ) فهو تعطيلٌ لمسيرة التقدم والتنمية والبناء .

ورحم الله عمر بن الخطاب، حينما قال لخالد بن الوليد في واقعة عزله : ما عزلتك عن تقصير، ولكن حتى لا يُفتن بك الناس، ولا تغتر بنفسك .

وأخيراً أتساءل :  وعي عمرُ القضية .. فهل نحن لها واعون ؟ !