انتقد محللون في حديثهم لصحيفة "صوت أميركا" إصدار محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة حكماً على رسام الكاريكاتير محمد بن أحمد بن عيد آل هزاع الغامدي بالسجن لمدة 23 عامًا بسبب رسومه الكاريكاتورية، وذلك بعد إعادة محاكمته في جلسة سرية، مؤكدين أن ذلك يمثل تصعيدا في قمع المملكة للمعارضة.
وبحسب منظمة القسط لحقوق الإنسان فإن التُهم الموجهة إلى الغامدي، الذي اعتقل في 13 فبراير 2018، بسبب عمله رسام كاريكاتير مع صحيفة "لوسيل" القطرية، بما في ذلك و"التعاطف مع قطر" و"تواصله مع أشخاص معاديين للمملكة العربية السعودية".
وتتضمن الاتهامات أيضا "إنتاج وإعداد وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام من خلال إرساله عبر مواقع التواصل الاجتماعي" ومخالفته لسياسات السعودية المتعلقة بمقاطعتها التي فرضتها السعودية وعدد من حلفائها في 2017.
وكان الغامدي، يقضي بالفعل ست سنوات في السجن بتهمة ارتكاب مجموعة من التهم، لكن المحكمة أعادت فتح القضية في أكتوبر/تشرين الأول وحكمت عليه بالسجن 23 عاما إضافية دون إمكانية الاستئناف.
واشتهر الغامدي، المعروف باسم الهزاع، برسومه الكاريكاتورية التي انتقدت السياسات السعودية وسلطت الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية في الخليج. لكن أعماله، التي اعتبرها البعض متعاطفة مع قطر خلال فترة متوترة سياسياً، وصفتها السلطات السعودية بأنها معادية للدولة.
اعتُقل الغامدي في عام 2018 بتهم تشمل التعاطف المزعوم مع قطر وإنتاج ما قالت السلطات السعودية إنه 100 رسم مهين. وفي ذلك الوقت، حُكم عليه بالسجن ست سنوات وحظر السفر.
وقال محللون إن قضيته، إلى جانب قضية المدون ومقدم البرامج الصوتية حاتم النجار، الذي اعتقل في يناير/كانون الثاني، تشير إلى استراتيجية أوسع نطاقاً من القمع تتناقض مع الصورة الخارجية للمملكة العربية السعودية المتمثلة في الإصلاح والتحديث.
وقالت الباحثة في لجنة حماية الصحفيين يجانه رضائيان، "إن خلط السلطات السعودية بين الأنشطة الصحفية والتهديدات للأمن القومي يكشف عن تصميمها على إسكات أي صوت ينحرف عن الرواية الرسمية".
وأضافت أن "شدة العقوبة التي تعرض لها الغامدي تؤكد كيف اتسع نطاق هذه الحملة لتشمل الصحفيين غير التقليديين مثل رسامي الكاريكاتير، الذين غالبا ما ينتقدون السلطة السياسية على مستوى العالم".
ومنذ تولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سلطات أوسع في عام 2017، شهدت المملكة العربية السعودية حملة قمع مكثفة على المعارضة.
ومن بين القضايا الأكثر شهرة قضية الكاتب الصحفي في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي، الذي قُتل في عام 2018 وتم تقطيع أوصاله في القنصلية السعودية في إسطنبول في عملية خلصت أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى أنها تمت بموافقة ولي العهد.
وتحتل السعودية المرتبة التاسعة بين أسوأ الدول التي تسجن الصحفيين، وفقًا لبيانات لجنة حماية الصحفيين، وتحتل المرتبة 166 من بين 180 دولة على مؤشر حرية الصحافة العالمي،
حيث يشير الرقم 1 إلى أفضل بيئة عمل. وتقول منظمة مراسلون بلا حدود، التي تقوم بتجميع المؤشر، إن وسائل الإعلام المستقلة "غير موجودة ... ويعيش الصحفيون السعوديون تحت مراقبة شديدة، حتى عندما يكونون في الخارج".
ولم تستجب السفارة السعودية في واشنطن لطلبات التعليق التي أرسلتها إذاعة صوت أميركا عبر البريد الإلكتروني وموقع السفارة على الإنترنت.
وقال المدير الأول لمكافحة الاستبداد في مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط غير الربحي ومقره الولايات المتحدة، عبد الله العودة، إنه تحت قيادة ولي العهد، أصبح استهداف واحتجاز الصحفيين والناشطين وحتى أفراد العائلة المالكة أمرًا روتينيًا.
وأضاف: "لقد تم استهداف واعتقال العديد من الصحافيين والناشطين. وقد استمر هذا لأنه لم تكن هناك عواقب حقيقية لمثل هذه الأفعال
وتابع العوده "لقد وثقنا وأثبتنا تعرض العديد من الناشطين للصعق الكهربائي والتحرش الجنسي والتعذيب في السجن. وهناك حتى رجال أعمال وأمراء تعرضوا للتعذيب. ومات أشخاص تحت التعذيب، واستسلم آخرون للإهمال الطب".
ويعتقد أن هذه القضايا يتم نشرها عمداً بهدف خلق تأثير مخيف.
وتشير تقارير المنظمات الحقوقية إلى أن الغامدي تعرض لمعاملة سيئة أثناء الاحتجاز، بما في ذلك مزاعم التعذيب والاعترافات القسرية.
وقال العودة إن النفوذ الدولي قد يساعد في إحداث التغيير. لكن "للأسف، يتم توجيه النفوذ الدولي نحو الصفقات والمعاملات مع الحكومة السعودية، وليس نحو حماية حقوق الإنسان".
وتنتشر التقارير حول التعذيب والاعترافات القسرية في القضايا المتعلقة بالصحفيين المعتقلين في المملكة العربية السعودية.
وقالت رضائيان: "إن السلطات تستخدم هذه الأساليب في كثير من الأحيان لانتزاع الاعترافات وتبرير الأحكام القاسية ضد الأفراد الذين مارسوا مجرد حقهم في حرية الصحافة".
وأوضحت المحامية والزميلة البارزة غير المقيمة في المجلس الأطلسي هايدي ديجكستال، أن مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي أشارت أيضًا إلى نمط مثير للقلق من الاعتقالات في المملكة العربية السعودية.
وقالت "إن نمط القمع الموثق امتد بالفعل على نطاق واسع من الناشطين والمعارضين السياسيين إلى المواطنين العاديين".
واستشهدت ديجكستال، بقضية شخص حُكم عليه بالإعدام في عام 2023 بسبب تغريداته حول سياسة الحكومة لعدد صغير من المتابعين.
وقالت: "يتعين على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الإصرار على أن تمتثل المملكة العربية السعودية للتدابير التصحيحية المرفقة بنتائج الأمم المتحدة، وأن تحترم وتحمي هذه الحقوق الأساسية بشكل حقيقي".
وتعتبر المملكة العربية السعودية حليفة للولايات المتحدة والعديد من دول الاتحاد الأوروبي. وقد حضر سلمان مؤخرًا قمة الاتحاد الأوروبي والخليج في بروكسل.
وقالت رضائيان، في إشارة إلى ولي العهد بالأحرف الأولى من اسمه: "من المحبط أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذان يزعمان أنهما يدافعان عن حرية الصحافة على مستوى العالم، لا يعطيان الأولوية لوضع حرية الصحافة في المملكة في تعاملاتهما مع محمد بن سلمان. لقد فشلوا في انتقاد الحكم على رسام كاريكاتير علنًا دون مبرر مشروع".
ورأت رضائيان أن الصمت يشجع الحكومة السعودية ويكشف عن ازدواجية المعايير المثيرة للقلق في الدبلوماسية الدولية.
وقالت إن "هذا الموقف المنافق بشأن السجل المزري للمملكة العربية السعودية في مجال حرية الصحافة يشجع محمد بن سلمان فقط على تشديد سيطرته على التعبير الإعلامي في المملكة".
وفي ديسمبر/كانون الأول، ستستضيف المملكة العربية السعودية منتدى حوكمة الإنترنت، وهو حدث دولي يركز على حقوق الإنسان والاندماج في العصر الرقمي.
وقالت رضائيان "إنه لأمر مقلق للغاية أن نرى المملكة العربية السعودية تستضيف مثل هذا المنتدى بينما تسجن في الوقت نفسه الصحفيين الذين يعبرون عن أفكارهم عبر الإنترنت".
وبدوره، علق عضو حزب التجمع عمر عبدالعزيز، على الحكم الصادر ضد الغامدي، قائلا: "حكومة الخنازير الخضر بقيادة شولوم تحكم على رسام كاريكاتير سعودي بالسجن لمدة ٢٣ سنة بسبب رسومات!".
وأضاف في تغريدة على حسابه منصة X، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2024: "نعم المواطن محمد آل هزاع الغامدي في السجن بسبب رسوم كاريكاتيرية!، ويبقى السؤال: إذا كان شولوم لا يشعر بالحقد والألم تجاه قطر فلماذا يعتقل مواطنا بهذه التهمة!".
حكومة الخنازير الخضر بقيادة شولوم تحكم على رسام كاريكاتير سعودي بالسجن لمدة ٢٣ سنة بسبب رسومات!
نعم المواطن محمد آل هزاع الغامدي في السجن بسبب رسوم كاريكاتيرية!
ويبقى السؤال: إذا كان شولوم لا يشعر بالحقد والألم تجاه قطر فلماذا يعتقل مواطنا بهذه التهمة! https://t.co/9pK3NzdPZj— عمر بن عبدالعزيز استعيدوا 🥕🥕🥕🥕 (@oamaz7) November 2, 2024