قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، عزز سلطته السياسية والاقتصادية، بما فيه كرئيس "صندوق الاستثمارات العامة"، وهو صندوق الثروة السيادي السعودي (الصندوق) الذي سهّل انتهاكات الحقوق واستفاد منها.
وأوضحت في تقريرها السنوي لعام 2024، أن استثمارات الصندوق تُستخدم في الأحداث الرياضية والترفيهية البارزة محليا ودوليا للتغطية على سجل حقوق الإنسان المزري في البلاد، مشيرة إلى أن العمال الوافدون العاملين في المشاريع الممولة من الصندوق، يواجهون انتهاكات واسعة النطاق بموجب نظام الكفالة.
وأشارت المنظمة إلى أن السلطات السعودية تقمع بشدة أي معارضة، بإصدار أحكام سجن طويلة أو عقوبة الإعدام، بعد محاكمات غير عادلة بتهم تتعلق بالتعبير السلمي في الإنترنت.
ولفتت إلى أن الصندوق سهّل واستفاد بشكل مباشر من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان مرتبطة بولي العهد، ويشمل ذلك حملة "مكافحة الفساد" التي شنها عام 2017، والتي تضمنت اعتقالات تعسفية وانتهاكات بحق المحتجزين وابتزاز ممتلكات من النخبة السعودية، وقتْل الناقد والصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018.
وأكدت المنظمة أن أموال من الصندوق تُستخدم في مشاريع تسببت في طرد السكان قسرا، وهدم الأحياء، وعرّضت العمال لانتهاكات خطيرة، وأسكتت المجتمعات المحلية، كما تستخدم استثماراته في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأماكن أخرى من العالم أيضا كأداة قوية لممارسة القوة الناعمة والنفوذ السعوديَّين.
وعن وضع حريات التعبير وتكوين الجمعيات والمعتقد بالمملكة، أوضحت رايتس ووتش، أن السلطات السعودية واصلت حملتها لقمع النشاط السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي، مستشهده بقرار المحكمة الجزائية المتخصصة" السعودية المتخصصة في مكافحة الإرهاب، إدانة المدرس السعودي أسعد الغامدي (47 عاما) في 29 مايو/أيار 2024، بعدة جرائم جنائية تتعلق فقط بتعبيره السلمي في الإنترنت.
كما استدلت على ذلك بحث منظمات حقوقية حلفاء السعودية على إرسال مراقبين إلى جلسات محاكمة سلمى الشهاب ونورة القحطاني، اللتين حُكم عليهما بالسجن 34 و45 عاما على التوالي بناء فقط على نشاطهما السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي. تتعلق منشورات الشهاب على إكس بدعم حقوق المرأة.
وأشارت المنظمة إلى أن العمال الوافدين يشكلون 42% من سكان البلاد، ومع ذلك، ورغم مساهماتهم الكبيرة، يواجهون انتهاكات واسعة النطاق في مجال العمل في جميع قطاعات العمل والمناطق الجغرافية، وتتقاعس السلطات السعودية بشكل منهجي عن حمايتهم من هذه الانتهاكات، ومعالجتها.
وأكدت أن الانتهاكات المتفشية في نظام العدالة الجنائية في السعودية والتي تقوّض سيادة القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان موثقة، مشيرة إلى أن قانون مكافحة الإرهاب ينتهك الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة بمنح السلطات سلطات واسعة لاعتقال واحتجاز الأشخاص دون إشراف قضائي.
وأوضحت المنظمة، أن السلطات السعودية تستمر باستخدام أحكام فضفاضة وغامضة في قانون مكافحة الإرهاب سيء السمعة لإسكات المعارضة واضطهاد الأقليات الدينية. حُكِم على أسعد ومحمد الغامدي وسلمى الشهاب ونورة القحطاني بموجب قانون مكافحة الإرهاب السعودي لممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير في الإنترنت.
ولفتت إلى تأييد محكمة سعودية في أبريل/نيسان، حكم إعدام رجلين سعوديين بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بالاحتجاج عندما كانا طِفلَيْن، رغم تصريحات "هيئة حقوق الإنسان" السعودية التي زعمت أنه لن يُعدم أي شخص في السعودية بسبب جريمة ارتكبها عندما كان طفل. كان سنّ يوسف المناسف وعلي المبيوق، وكلاهما من المنطقة الشرقية حيث تعيش معظم الأقلية الشيعية في البلاد، بين 14 و17 عاما عندما قُبض عليهما، موضحة ان لا يزال خمسة أشخاص على الأقل حُكِم عليهم بالإعدام وهم أطفال معرضين لخطر الإعدام الوشيك.
وذكرت المنظمة، بأنه لا يوجد في السعودية قانون لمكافحة التمييز. ينص أول قانون سعودي مدوّن للأحوال الشخصية على ولاية الرجل على المرأة رسميا ويتضمن أحكاما تُسهّل العنف الأسرة والاعتداء الجنسي في الزواج.
وأشارت إلى أن الحكومة لم تستشر ناشطات حقوق المرأة السعوديات رغم حملاتهن من أجل قانون للأحوال الشخصية ينهي التمييز ضد المرأة. بدلا من ذلك، واجهت ناشطات حقوق المرأة السعوديات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين والتعذيب وحظر السفر.
واوضحت أن النساء في السعودية تواجه قيودا تمنعهن من التنقل بحرية في بلدهن وخارجه دون إذن من ولي أمرهن الذكر. يمكن للأوصياء الذكور وأفراد العائلة الآخرين الإبلاغ عن النساء للشرطة لكونهن "غائبات" عن منازلهن، مما قد يؤدي إلى اعتقالهن وإعادتهن قسرا إلى منزلهن أو سجنهن، كما لا يُسمح للنساء بمغادرة السجن دون ولي أمر ذكر لمرافقتهن عند الإفراج عنهن.