نشرت صحيفة آسيا تايمز تقريراً سلطت الضوء من خلاله على القضية الفلسطينية والإبادة التي تحدث الآن في غزة، وذكرت أنه في الشهر الماضي، عندما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نيته الاعتراف بفلسطين، اعتبر ترامب ذلك غير ذي صلة. وتجاهل ترامب في جوهره إعلان بريطانيا اللاحق أنها ستفعل الشيء نفسه، وإعلان ألمانيا وقف بيع الأسلحة لإسرائيل. علاوة على ذلك، أكد ترامب الأسبوع الماضي اختلافه في الرأي مع الأوروبيين بوصف نتنياهو (وبالطبع نفسه) بأنه بطل حرب لا مجرم، مع أن ترامب كان متساهلاً للغاية مع الزعيم الروسي باستقباله بوتين بحفاوة خلال زيارته لألاسكا.
الخلافات، وخاصةً مع ترامب، أمرٌ طبيعيٌّ، حتى وإن حاول القادة الأوروبيون إخفاؤها بالمجاملة والنفاق. تكمن مشكلة الخلاف حول الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين في أنه سيُطرح علنًا الشهر المقبل، على الأراضي الأمريكية، في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التي تُفتتح رسميًا في 9 سبتمبر/أيلول. وقد صرّح كلٌّ من ماكرون وكير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، بأن اعتراف بلديهما بفلسطين سيتم في الجمعية العامة، ما لم تتفق إسرائيل وحماس بحلول ذلك الوقت على وقف إطلاق النار، وتُظهر إسرائيل التزامها بإقامة دولة فلسطينية.
من الممكن استيفاء الشرط الأول، لكن احتمال التزام الحكومة الإسرائيلية الحالية بحل الدولتين ضئيلٌ للغاية. يُقال منذ أسابيع إن محادثات وقف إطلاق النار، التي توسطت فيها مصر وقطر، تقترب من الاتفاق، مع أن الكثير في النهاية قد يعتمد على التزام إسرائيل بشرطها المسبق المتمثل في موافقة حماس على تسليم سلاحها. وحتى أثناء استمرار هذه المحادثات، يوسّع جيش الدفاع الإسرائيلي سيطرته على المزيد من أجزاء غزة، بما في ذلك منطقة مدينة غزة المكتظة بالسكان الأسبوع الماضي.
ولفت التقرير إلى أنه في الأسبوع الماضي، أكدت الحكومة الإسرائيلية استخفافها بفكرة حل الدولتين بموافقتها على مشروع استيطاني جديد في الضفة الغربية سيقسمها إلى قسمين. أدان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، هذا القرار، ووصفه بأنه انتهاك للقانون الدولي، ومن شأنه أن "يقوض حل الدولتين بشكل حاسم". وانضمت ألمانيا إلى هذه الإدانة.
ورأى التقرير أن الأمل الحقيقي الوحيد لتغيير حسابات نتنياهو بشأن حرب غزة وحل الدولتين يكمن في انضمام الحكومة الأمريكية إلى هذه الإدانة. لا يوجد حاليًا أي مؤشر على أن واشنطن ستفعل ذلك. لن يكون لدى وفد من القادة الأوروبيين إلى البيت الأبيض أي فرصة لتغيير رأي ترامب في هذا الشأن، على عكس أوكرانيا. بالنسبة لفلسطين، وحده وفد من القادة العرب، بقيادة المملكة العربية السعودية، قادر على حثه على الاهتمام بهذه القضية.
لذا، فإن الساحة مهيأة لانعقاد جمعية عامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، وهي جمعية صاخبة ومثيرة للجدل على نحو غير معتاد. سيتعين على فرنسا وبريطانيا ودول أخرى إثارة ضجة كبيرة إذا ما أُريد لاعترافاتها بفلسطين أن تُحدث أي تأثير على المملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى. أما أسلوب العرب فهو عمومًا أكثر تحفظًا. لكن الحقيقة هي أنه ما لم تستجمع هذه الدول العربية شجاعتها للضغط على ترامب، فإن الحرب في غزة ستدوم، وفكرة قيام دولة فلسطينية ذات سيادة وفاعلة ستُدفن إلى الأبد.