تقارير

نزع ملكية العقارات يقيد الحقوق ويسلبها بدلاً من تعزيزها

تاريخ النشر:2025-08-27

نشر حساب واس الذي يعنى بالأخبار والقرارات الملكية على منصة إكس،  قرار مجلس الوزراء الموافقة على نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة ووضع اليد المؤقت على العقارات.

#مجلس_الوزراء: الموافقة على نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة ووضع اليد المؤقت على العقارات.#واس pic.twitter.com/BYG7BOuV7T— واس الأخبار الملكية (@spagov) August 26, 2025

 وجد البعض هذه القرارات الملكية في المملكة العربية السعودية أنها أداة لإصلاح المجتمع وضمان العدالة وتطوير مؤسسات الدولة، غير أن النظر إليها من زاوية نقدية يكشف عن إشكاليات جوهرية تتعلق بطبيعة هذه القرارات ودورها في تقييد الحقوق بدلاً من تعزيزها. فالمواطن لا يجد نفسه شريكًا في صياغة هذه القرارات ولا طرفًا مؤثرًا فيها، وإنما مجرد متلقٍّ خاضع لإرادة السلطة، وهو ما يفرغ فكرة الحقوق من مضمونها ويجعلها أقرب إلى منح أو عطايا يمكن سحبها أو تعديلها في أي وقت.

إن غياب المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار يحوّل العلاقة بين الدولة والمجتمع إلى علاقة أحادية الجانب، حيث تصدر الأوامر من أعلى الهرم السياسي وتفرض على الأفراد دون نقاش أو تفاوض. وبذلك، يتم تغييب مبدأ المشاركة والمساءلة، وهو مبدأ أساسي في أي نظام يهدف إلى ضمان الحقوق وصيانتها. إن هذا النمط الفوقي من اتخاذ القرارات لا يخلق فقط فجوة بين السلطة والشعب، بل يكرّس أيضًا حالة من التبعية والخضوع، مما يحد من قدرة المواطنين على الدفاع عن حقوقهم أو المطالبة بها بوصفها مستحقة وليست مجرد منح.

كما أن مضمون القرارات الملكية كثيرًا ما يرسخ منطق السيطرة بدلاً من منطق التوزيع العادل للسلطة والثروة. فبدلاً من أن تكون الحقوق مصونة كأمر ثابت، نجدها تتحول إلى امتيازات تمنح وفقًا لمصلحة سياسية أو اقتصادية، وهو ما يُنتج حالة من التفاوت ويعمّق الإحساس بالظلم لدى الأفراد. وبخاصة في قضايا ملكية الأراضي والموارد، حيث تتحول سلطة الدولة إلى أداة لسلب المواطنين حقوقهم تحت مسميات المصلحة العامة أو إعادة التنظيم، بينما في الواقع تُعاد صياغة هذه الملكيات لصالح السلطة المركزية، ما يحرم الأفراد من أبسط ضمانات العدالة.

ولا يقف أثر هذه السياسات عند حدود المصادرة المباشرة للحقوق، بل يمتد ليشكل أزمة ثقة بين المواطن والدولة. فحين يُدرك الفرد أن حقوقه يمكن أن تُسلب بقرار فوقي، فإنه يفقد إحساسه بالأمان القانوني والاجتماعي، وتترسخ لديه قناعة بأن العدالة ليست مبدأً عامًا بقدر ما هي أداة انتقائية تُستخدم بحسب المصلحة السياسية. هذا الشعور بالغبن لا ينعكس فقط على الفرد بل على البنية الاجتماعية ككل، حيث تتراجع روح الانتماء الوطني ويزداد الشرخ بين السلطة والمجتمع.

كما أن البعد الاقتصادي لهذه القرارات لا يمكن إغفاله. إذ أن غياب العدالة في توزيع الموارد وإضعاف الضمانات الحقوقية يضعف مناخ الاستثمار ويعيق التنمية المستدامة، لأن أي مشروع تنموي لا يقوم على الثقة المتبادلة والعدالة سيظل هشًا ومعرّضًا للانهيار عند أول أزمة. وبذلك، تتحول القرارات الملكية من أداة يفترض أن تحقق الاستقرار إلى عامل يزرع القلق والاضطراب، ما يقوّض الأسس التي يمكن أن تُبنى عليها دولة حديثة.