مقالات

رؤية 2030 الاقتصادية من الطموح الأعمى إلى الفشل الكارثي

الكاتب/ة حسام بن محمد | تاريخ النشر:2025-11-04

بوعد كبير أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2016 كلمته بتحويل السعودية من اقتصاد نفطي إلى مركز عالمي للأعمال والصناعة والترفيه والتكنولوجيا. 

الفكرة في ظاهرها مغرية جذابة:
 تنويع الاقتصاد، خلق ملايين الوظائف، وجذب الاستثمارات الأجنبية، لكن قبل اكتمال العقد من الزمن، تبين أن كل هذه المشاريع مجرد "مشاريع خنفشارية"، فقد وقعت جميعها في فخ الفشل الذريع الواحدة تلو الأخرى. 

لا بد لنا في البدء أن نلقي نظرة عامة على رؤية 2030، ثم التركيز على فشل المشاريع الكبرى لهذه الرؤية كنيوم وغيرها.

رؤية 2030 المنطلقة في 2016 لم تكن مجرد خطة مغرية؛ بل كانت عنواناً لثورة اقتصادية سعودية شاملة كردة فعل لانخفاض أسعار النفط العالمية في 2014، ومحاولة الخروج من عبئ الاعتماد شبه الكلي على قطاع النفط.

وكانت بأهداف جريئة كتنويع مصادر الدخل، ورفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي إلى 65‎%، وخفض الاعتماد على النفط إلى 15‎%، وإنشاء صندوق سيادي يتجاوز قيمته التريليون دولار.

اعتمد ابن سلمان في تسويقه لخطته امام الشعب السعودي والعالم على المشاريع الكبرى: كمشروع الرياض الخضراء ومشروع القدية (مدينة ترفيهية)، ومشروع مطار الرياض الجديد، ومشاريع خيالية ضخمة جداً كمشروع نيوم وذا لاين.

لكن الرياح أبت أن تأتي بما تشتهي السفن؛ فقد خرجت تقارير دولية تكشف أكاذيب الأمير الشاب ومشاريعه الوهمية، كتقرير ذا إيكونوميست في أغسطس 2025 التي ذكرت فيه بأن الحكومة السعودية سيصل مجموع انفاقها على هذه الرؤية قرابة الـ 3 تريليون دولار بحلول 2030 ومع ذلك فإن النتائج لا تزال بعيدة جداً عن الوعود!

على سبيل المثال لا الحصر: فشل ذريع في جذب الاستثمارات الاجنبية؛ فقد كان الهدف 100 مليار سنوياً، لكن في 2024 كان المجموع أقل من 20 مليار.

تقرير سابق من واشنطن إنستيتيوت في 2021 (وتم تحديثه في 2025) يلوم الاعتماد على ميغا بروجيكتس (آلية المشاريع العملاقة) بسبب كلفتها العالية جداً بارقام خيالية وفلكية دون جدوى حقيقية، وتجاهل المزايا الإقليمية في البحث والتطوير.

تحقيق التنوع الاقتصادي أيضاً فشل مع اقتراب اكتمال العقد منذ إعلان الرؤية، ففي نهاية العام الجاري 2025 لا يزال الاعتماد على النفط يشكل 68‎% من مجمل إيرادات الدولة رغم دعاوى الاصلاحات الاقتصادية.

مشاريع أخرى تعثرت ولم تكتمل بسبب نقص التمويل وسوء الادارة كمشروع القدية الذي كان يُراد له أن يكون ديزني لاند العرب، ففي الوقت الذي فشل فيه ابن سلمان في اكمال هذا المشروع أعلنت الامارات عن ترقب افتتاح فرع لشركة ديزني لاند الامريكية في عام 2033 في عاصمتها أبوظبي.

تقرير كابيتال إيكونوميكس في سبتمبر 2024 تصفها بأنها "رؤية قصيرة لأهداف اقتصادية عملاقة" رغم بعض النجاحات الجزئية المحدودة جداً في قطاعات معينة كالسياحة والترفيه (رغم مصادمة مسلّمات المجتمع ذو الطبيعة العربية الشرقية المحافظة) لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في معظم مراحلها.

تحقيقات وكالة بلومبيرغ كشفت أيضاً ولعدة مرات في أوقات مختلفة على مدار سنين عديدة عن الحجم المخيف للفساد والاهدار المالي واستثمارات فاشلة بمئات المليارات، معظمها تمت كصفقات بأرقام فلكية مع شركة أمريكية مثل ماكينزي التي استفادت من فواتير ضخمة من مجرد استشارات فقط دون اي نتائج ملموسة على الارض.

في يونيو الماضي 2025 لم تكن آخر الفضائح بحسب لينكدإن ونيوز عرب بتسجيل 8 مليار دولار خسارة مشاريع الرؤية.

المشكلة الأساسية في رؤية 2030 في التركيز على البريق بدل الاستدامة، فقد ركز عراب الرؤية محمد بن سلمان على تقديم صورة شكلية وإحداث استعراض وشو اعلامي عن المملكة أمام العرب والعالم أكثر من تركيزه على إنجاح الخطة نفسها.

الشيء الوحيد الذي نجح فيه عراب الرؤية MBS هو في تحويل مسار رؤية 2030 من نجاح إلى فشل ساحق عبر زيادة ديون السعودية بشكل مبالغ فيه وغير مسبوق في تاريخ البلد النفطي الثري التي تجاوزت الـ 370 مليار دولار. 

والأسباب جميعها تتمحور حول الفساد ثم الفساد ثم الفساد الذي هو الأس والجذر والعنوان والذي جاء ابن سلمان ليدعي اعلان محاربته؛ وإذ به يقيم للفساد سياجاً من ذهب وفضة، ويرفعه الى مستويات غير مسبوقة في تاريخ السعودية.

المصدر