اختطفت السلطات السعودية وعذبت وأخفت قسريًا والدي سليمان الدويش، رجل الدين المعروف، في عام 2016. ولم تسمع عائلتي عنه شيئًا منذ ذلك الحين. يستهدفنا المسؤولون السعوديون الآن لأننا تجرأنا على السؤال عما إذا كان لا يزال على قيد الحياة.
في العام الماضي، أعاد المسؤولون السعوديون اعتقال أخي الأصغر، عبد الوهاب الدويش، انتقامًا من جهود عائلتنا للدعوة إلى إطلاق سراح والدنا، أو على الأقل لمعرفة مصيره. في المرة الأولى التي اعتقل فيها المسؤولون السعوديون أخي، قالوا له ألا يسأل عن مكان والدنا مرة أخرى. ربما يكون والدي الضحية الأولى للميليشيا الشخصية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، "فرقة النمر"، المعروفة رسميًا باسم قوة التدخل السريع. إنها نفس المجموعة التي قتلت فيما بعد كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي. أخبرني معتقلون سابقون رأوا والدي في قصر ولي العهد بعد اختطافه أن ماهر مطرب ومشعل البستاني، وهما عضوان رئيسيان في فرقة النمر، متورطان في تعذيب والدي.
أكتب هذه المقالة لمناشدة إدارة بايدن للضغط على الحكومة السعودية للإفراج عن والدي، والتوقف عن مضايقة عائلتنا والسماح لنا بالعيش في سلام. عندما فاز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وعد بجعل حقوق الإنسان عقيدة مركزية في السياسة الخارجية الأمريكية. كما وعد بايدن بمحاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي وإعادة تشكيل العلاقة الأمريكية السعودية على أساس الفهم الواضح أنها لن تتسامح مع مثل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
لكن حتى الآن، لم يفِ بايدن بهذه الوعود. وإلى أن تمارس الإدارة ضغطًا حقيقيًا على الحكومة السعودية، فليس هناك سبب وجيه للاعتقاد بأنها ستوقف مضايقاتها وتعذيبها وقتلها لمواطنيها. تتضاءل مصداقية الولايات المتحدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. لاستعادة مصداقيتها. يجب على حكومة الولايات المتحدة التوقف عن الانحياز إلى الحكام المستبدين في المنطقة والنظر في الاتجاه الآخر عندما تحدث انتهاكات لحقوق الإنسان.
بدأت محنة والدي في 22 أبريل/نيسان 2016، عندما اختفى بعد كتابة بضع تغريدات حول كيفية تربية الأطفال. أساء البعض تفسير هذه التغريدات على أنها انتقادات وجهت لمحمد بن سلمان خلال منافسته مع ولي العهد السابق محمد بن نايف. وفقًا لشاهد عيان تحدث إلى عائلتنا، اختطف المسؤولون السعوديون والدي من فندق في مكة، ونقلوه في النهاية إلى الرياض حيث تم نقله وتقييد يديه بالسلاسل إلى مكتب محمد بن سلمان. بعد ذلك، وفقًا لما أوردته منظمة منّا لحقوق الإنسان، جعل المسؤولون السعوديون والدي يجثو على ركبتيه وبدأ محمد بن سلمان في الاعتداء عليه، ولكمه في صدره وحنجرته بينما كان يوبخه بسبب هذه التغريدات. بدأ والدي ينزف بغزارة من فمه حتى فقد وعيه.
لم نسمع عنه منذ ذلك اليوم. علمنا باعتقاله فقط بعد العثور على اسمه في سجل السجناء لدى جهاز أمن الدولة. حتى ذلك الحين، كل ما اكتشفناه هو أن المسؤولين السعوديين اعتقلوه في 22 أبريل/نيسان 2016 وأنه "قيد التحقيق."
منذ ذلك الحين، اختفت جميع الأدلة تقريبًا على وجود والدي. الغريب أننا تلقينا مكالمتين هاتفيتين قصيرتين في 2018 من المفترض أن تكونا من والدي. يبدو أن كلا المكالمتين واردتان من رقم هاتف بالولايات المتحدة. في المكالمة الأولى، قال شخص ادّعى أنه والدي أنه اتصل من تركيا، ثم من سوريا في المكالمة الثانية، عندما قال أنه كان مسافرًا إلى سوريا للانضمام إلى داعش. كان من الواضح أن هذا افتراء، لأنه قبل اختطافه، كان والدي، وهو رجل دين بارز، قد عارض علنًا داعش وأدان أولئك الذين ينضمون إلى ذلك التنظيم.
واقتناعًا منا بأن هذه المكالمات كانت مزيفة، اتصلنا بالأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي شغل منصب نائب وزير الداخلية من عام 1975 حتى عام 2012. وأكد لنا الأمير أحمد في النهاية أن المكالمات تمت من داخل السعودية وأن فرقة النمر كانت تعتقل والدي. عندما أجريتُ مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال في منزلنا بالرياض العام الماضي حول اختفاء والدي، طلب الصحفي تصريحًا من السفارة السعودية في واشنطن. كانت إجابتهم غريبة كذلك، حيث زعموا أن والدي غادر السعودية بشكل غير قانوني للقتال في سوريا. ليس لدي شك في أن الحكومة السعودية اخترعت هذه القصة للتستر على الجرائم التي ارتكبتها بحق والدي.
بعد أن عرضتُ على رئاسة أمن الدولة نسخة مطبوعة من موقعهم على الإنترنت تفيد بأن والدي كان محتجزًا لديهم، أخبرني مسؤولو أمن الدولة، بمن فيهم رئيس أمن الدولة اللواء عبد العزيز الهويريني، أن ذلك كان خطأ. ثم تم حذف سجل احتجاز والدي على الفور من نظامهم.
شهد شهر أبريل/نيسان الماضي مرور ستة أعوام منذ الاختفاء القسري لوالدي. كل ليلة أخلد إلى الفراش وآمل أن أسمع أخبارًا جيدة عن والدي في الصباح. لا أعرف كيف أعبّر عن ألمي وإحباطي من المحنة التي نمر بها، حيث أصبح التوسل حتى لأدنى قدر من المعلومات أمرًا روتينيًا. كان أخي الأصغر عبد الله يبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط عندما اختفى والدنا. بعد خمس سنوات، تتلاشى ذكرياته عنه، والآن أمضى وقتًا بدون والدنا أكثر مما أمضاه معه. حلمي الآن هو فقط معرفة ما إذا كان والدنا على قيد الحياة.
بقيتُ صامتًا لفترة طويلة، على أمل أن تنتهي محنة والدي. لكن مع استمرار الحكومة السعودية في مضايقة أفراد عائلتي واعتقالهم لمجرد طرح أسئلة حول مكان والدي، لم يعد بإمكاني السكوت.
أنا أتحدث من منزلنا في الرياض، هنا في السعودية، وأخاطر برد فعل وحشي من الحكومة السعودية. لكنني على استعداد لفعل أي شيء لتأمين الإفراج عن والدي وأخي. كل ما نطلبه من الرئيس بايدن هو أن يحافظ على كلمته وأن يقف إلى جانب شعب السعودية.
بقلم مالك الدويش
source: Democracy in Exile