كشفت ثلاث منظمات حقوقية هم "مبادرة الحرية" و "الديمقراطية في العالم العربي الآن" و "القسط لحقوق الإنسان" عن احتجاز السلطات السعودية خمسة من أقارب المواطن الأميركي راكان نادر الدوسري (15 عاما)، قائلة إنه انتقاما من الدعوى القضائية التي رفعتها عائلته ضد الحكومة السعودية في الولايات المتحدة، ورفضت لاحقا.
وأفادوا في بيان أصدروه في 26 يوليو/تموز 2023، بأن زوجة جد ركان الدوسري وخالته واثنين من أعمامه الآخرين اعتقلوا في مايو / أيار 2023، وذلك بعد اعتقال سابق لعمه في أبريل/نيسان 2023، واحتُجز بعضهم في زنازين باردة دون بطانيات أو أسرة مناسب.
وأحال مكتب المدعي العام السعودي المعتقلين الخمسة من عائلة الدوسري إلى المحكمة الجزائية المتخصصة في المملكة، التي تنظر في قضايا الإرهاب، في 12 يوليو / تموز 2023، كما رفض النائب العام إعطاء المحامي معلومات أو نسخًا من أي مستندات متعلقة بالقضية، ولا تعرف الأسرة والمحامون التهم الموجهة إلى لأفرادها.
وذّكرت المنظمات الحقوقية بأن الجزائية المتخصصة أصدرت في السنوات الأخيرة عقوبات قاسية بشكل غير عادي على المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين وسط حملة قمع متجددة ضد المعارضة.
وقال نادر الدوسري، والد راكان، وهو مقيم في الولايات المتحدة الأميركية، إن المحققين أبلغوا أفراد الأسرة المحتجزين أنهم لن يفرج عنهم ما يعود راكان، إلا إذا عاد هو وراكان إلى السعودية، حيث سيواجهان الاعتقال والمحاكمة انتقامًا من الدعوى القضائية، رغم عدم علمهما بأي تهم موجهة إليهما. غادر نادر وراكان السعودية في يونيو/حزيران 2021.
فيما أوضحت المنظمات الحقوقية علاقات المعتقلين براكان، وحثت واشنطن على التدخل، والضغط على الحكومة السعودية للإفراج عن أفراد عائلة الدوسري.
وفقًا لعائلة الدوسري، اعتقلت قوات الأمن السعودية لأول مرة أربعة من أفراد عائلة الدوسري الخمسة في 11 مايو/أيار 2023، بمن فيهم اثنين من أعمام راكان الدوسري، الدكتور سلمان تركي الدوسري وسلطان تركي الدوسري، وعمة واحدة وزوجة جده منيرة محمد القحطاني، وهي مواطنة كويتية في سجن الملز بالرياض.
وفي وقت سابق، في 9 أبريل/نيسان 2023، اعتقلت قوات الأمن أحد أعمام راكان الدوسري، نايف تركي الدوسري، وبحسب أقاربهم، فإنهم محتجزون في ظروف سيئة، بعضهم في زنازين باردة بدون بطانيات أو أسرّة مناسبة.
وكانت عائلة الدوسري قد رفعت دعوى قضائية في ولاية بنسلفانيا عام 2020 ضد الحكومة السعودية بعد نزاع تجاري طويل الأمد حول اتفاقية في عام 1994 لإنشاء مصفاة نفط في جزيرة سانت لوسيا الكاريبية.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، قاموا بتسمية متهمين آخرين للحكومة السعودية، بمن فيهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتم رفض الدعوى لعدم الاختصاص القضائي.
وقال المدير السعودي لمبادرة الحرية الدكتور عبد الله العودة، إن قضية الدوسري كانت "مثالاً فظيعاً على القمع العابر للحدود من قبل الحكومة السعودية"، كما علق على حسابه بتويتر، على الاعتقالات قائلا إنها "ابتزاز مباشر لمواطن أميركي ووالده المقيم في أمريكا"، بينما ادعى مسؤولين سعوديين أنه لا يوجد سجناء سياسيون في السعودية.
وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية في العالم العربي الآن سارة لي ويتسن، إن الحكومة السعودية تواصل منذ ما يقرب من خمس سنوات من جريمة قتل جمال خاشقجي من قبل السعودية، مهاجمة المواطنين الأميركيين، وتهاجمهم هذه المرة من خلال مقاضاة أفراد عائلة في السعودية انتقامًا من دعوى تجارية مرفوعة ضد الحكومة السعودية في ولاية بنسلفانيا.
وأضافت: "أقل ما يمكن أن تفعله إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، هو حماية المواطنين الأميركيين، وأفراد أسرهم من مثل هذه الأعمال الجسيمة التي تمثل قمعا خارج الحدود الإقليمية.
وقالت المديرة التنفيذية لمبادرة الحرية أندريا براسو، في سوء استخدام صارخ للسلطة، يحوّل النظام السعودي نزاعًا تجاريًا خاصًا إلى أساس للاحتجاز الجائر، مضيفة: "لا يوجد مثال أكثر وضوحًا للقضاء الهزلي في السعودية، حيث تقوم الحكومة بمقاضاة جدّة تبلغ من العمر 55 عامًا بتهم الإرهاب لأن حفيدها رفع دعوى قضائية تجارية في الولايات المتحدة".
فيما تحدثت المديرة التنفيذية لمنظمة القسط لحقوق الإنسان جوليا ليجنر: عن وجوب مقابلة إدارة بايدن راكان الدوسري وعائلته والتأكد من حمايتهم من المزيد من اضطهاد الحكومة السعودية، داعية وزارة الخارجية الأميركية للتحقيق في تورط المسؤولين السعوديين في جهود الانتقام من أفراد عائلة مواطن أميركي وفرض عقوبات قانون حظر خاشقجي عليهم.
وبحسب المنظمات الحقوقية فإن مكتب الاتصال الحكومي السعودي لم يرد على طلب للتعليق أُرسل بالبريد الإلكتروني، كما رفضت وزارة الخارجية الأميركية والسفارة الأميركية في الرياض ومجلس الأمن القومي التعليق على تفاصيل القضية.
وأوضحت المنظمات أن إدارة بايدن لم تقابل عائلة الدوسري أو تقدم أي مؤشر على استعدادها للتدخل نيابة عن العائلة، على الرغم من جهود التواصل العديدة، مشيرة إلى أن نادر الدوسري، والد راكان، أرسل رسائل إلى الرئيس الأميركي ومجلس الأمن القومي والوزير أنتوني بلينكين في 10 فبراير/شباط 2021، يطلب فيها تدخلهم بعد أن احتجزته السلطات السعودية لفترة وجيزة مع راكان في مطار الرياض في طريقهما إلى واشنطن العاصمة، وأفرجت السلطات السعودية عنهما بعد ساعة وأخبرتهما أنهما ممنوعان من السفر بأوامر من الديوان الملكي السعودي.
ودعت المنظمات الثلاث إدارة بايدن إلى المطالبة بالإفراج عن أفراد عائلة الدوسري وإنهاء اضطهادهم، وفرض سياسة حظر خاشقجي التي تسمح لوزارة الخارجية الأميركية بفرض قيود تأشيرات على الأفراد الذين يتصرفون نيابة عن حكومة أجنبية وينخرطون بشكل مباشر في أنشطة جادة مناهضة للمعارضين خارج الحدود الإقليمية، على جميع المسؤولين السعوديين.
وطالبت بأن يشمل ذلك القضاة والمدعين العامين، الذين شاركوا في المضايقات عبر الحدود لأسرة السيد الدوسري، داعين الحكومة السعودية للإفراج عن أفراد عائلة الدوسري وإنهاء الملاحقة القضائية الصورية بحقهم.