مقالات

سجن ولي الأمر.. عهد السجون والغرامات! 

الكاتب/ة عبدالله عمر | تاريخ النشر:2023-09-08

في مشهد هزلي بائس يعبر في حقيقته عن العقلية التي تحكم السعودية اليوم، أعلن من خلال القنوات والصحف الرسمية السعودية قبل أيام عن قرار جديد متعلق بالتعليم، يقضي هذا القرار بسجن ولي أمر الطالب الذي يتغيب 20 يوم دون عذر، حيث سيُحال ولي الأمر للنيابة العامة وسيحاكم تعزيرا في حال ثبوت إهمال الابن عن الحضور للمدرسة. 

لم تكتفي السلطة بسلسلة قراراتها العشوائية والمتخبطة التي أضرت بالمنظومة التعليمية في البلاد والتي يشتكي الجميع من فشلها والتي كان من أبرزها هو التحول الفاشل نحو نظام الفصول الثلاث وما تبعه من خطوات لا تقل فشلا وضررا عنه، وتهميش صوت الناس ورغباتهم التي عبروا عنها مرارا وتكرارا في المطالبة بالغاء هذا النظام المرهق والذي لم يحقق أي نتيجة إصلاحية للنظام التعليمي حيث واصلت فرض سياساتها الفاشلة حتى وصل بها العبث إلى حالة يمكن تسميتها بـ "جنون القمع" والذي امتد ليشمل منظومة التعليم بداية بمنح جهاز أمن الدولة حق فصل المعلمين بتهم سخيفة مرورا بالمناهج الدراسية الفاشلة التي تحاول تعزيز ثقافة الاستبداد ووصولا إلى قرار سجن ولي الأمر وهو أحدث تجليات العهد السلماني، المعروف عند الناس بعهد السجون والغرامات، لأن معظم القرارات التي تم اتخاذها السنوات الماضية وحتى هذه اللحظة محصورة في "السجن" و "فرض غرامة" ولا ننسى المشاريع الوهمية والمنجزات الخيالية والتي لا أثر لها في الواقع! 

وكعادة هذه السلطة، فهي لا ترى سوى الحلول السطحية التي لا تلامس عمق المشاكل التي تواجه بلادنا، أو تضع الحلول البعيدة كل البعد أساسا عن المشكلة لكنها تخدمها وهي حلول لا تتجاوز في أغلبيتها قرارات فرض الغرامات المالية أو السجن لأتفه التهم والأسباب، والواقع أن استمرار هذه الحلول الفاشلة لن تحل شيئا من هذه المشاكل، وعلى العكس ستؤدي إلى تفاقم المشاكل وزيادة الاحتقان في المجتمع. 
إن أزمات التعليم في بلادنا أكبر وأعمق من أن تُحل بتحولات مضطربة ومتخبطة نحو أنظمة مختلفة كل عام ترهق الطلبة وأسرهم ولا تضيف شيئا يذكر، ولا بسجن أولياء أمور الطلبة كحل مزعوم لأزمة الغياب المتفشية منذ سنوات، ولا بإضافة مناهج دراسية جديدة يُروج لها كنقلات نوعية بينما لا أثر لها في الواقع ولا توظيف لكوادر مؤهلة لتنفيذها، ولنا في قرار تعليم اللغة الصينية منذ سنوات خير مثال على التناقض الحاد بين القرارات المعلنة والواقع التعليمي! 

يبدأ الحل الحقيقي بوقف العشوائية والتخبط والسياسات التي تفرض من الأعلى وتقوم على تهميش المجتمع والخبراء والمختصين، وضرورة دون إشراك مجتمع الطلبة وأسرهم والمعلمين والمعلمات والمختصين وأصحاب الخبرة في القرار فهم أصحاب الشأن والمصلحة والخبرة، عند ذلك فقط يبدأ إصلاح المنظومة التعليمية عندما يتم احترام الناس والاستماع لصوتهم والتعاطي بجدية مع مطالبهم وتوقعاتهم، أما السياسات الحالية التي تقوم على الفرض من الأعلى وتهميش المجتمع بأكمله عن أي نوع من المشاركة في القرار خاصة فيما يمس حياتهم بشكل مباشر كالتعليم فلن تنتج سوى المزيد من السياسات الفاشلة والتي تضر بالجميع وتزيد الواقع سوءا والتخبط الذي يراه الجميع اليوم برغم ما يروجه الإعلام والذباب الإلكتروني من دعايات مضحكة وسخيفة عن منجزات وتحولات ونقلات لا يراها الناس في واقعهم، ولا وجود لها سوى في مخيلات المستفيدين من استمرار الوضع القائم! 
والحل دائما يبدأ.. بالإستماع لصوت الناس!