أشادت المتحدثة الرسمية باسم حزب التجمع الوطني الدكتورة مضاوي الرشيد، باللقاءات التي أجراها الأمين العام لحزب التجمع الدكتور عبدالله العودة والعضو المؤسس يحيى عسيري، وعضو الحزب عمر عبدالعزيز، مع رموز المعارضة والإصلاحيين السعوديين بلندن على مدار شهري فبراير/شباط، ومارس/آذار 2024.
وسلطت الضوء في مداخلتها بمساحة للحزب على حساب صحيفته صوت الناس، دشنت في 12 مارس/آذار 2024، على تاريخ حراك المعارضة السعودية في لندن وطريقة تواصلها مع بعضها منذ وصول عدد منها إلى لندن في التسعينات، وتطور طرق التواصل حتى اليوم، مؤكدة أن الساحة اللندنية لم تكن بهذا الزخم في السابق من حيث وجود شخصيات معارضة سعودية بها.
وأوضحت الرشيد، أن منذ فترة التسعينات وصل أبرز رموز المعارضة الدكتور سعد الفقيه، والأمين العام لحزب التجديد الإسلامي الدكتور محمد المسعري وغيرهم، إلى لندن، وكانت هي تكتب عن الموضوعات التي لن يستطيع أن يكتب عنها الكاتب أو الأكاديمي والباحث في الداخل السعودي.
وأشارت إلى أن الجواسيس والذي يسمون اليوم بـ"الذباب الإلكتروني" كانت لهم محاولات سيئة وقذرة في تلك الفترة لإحداث قطيعة بين المجموعة الصغيرة الموجودة في لندن، موضحة أن سياستها كانت رصد مشاريع من ذكرتهم وأهدافهم بشكل علمي وأكاديمي وموضوعي دون تمجيدهم أو الطعن فيهم رغم اختلافها معهم سياسيا.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم حزب التجمع الوطني: "صدري كان مفتوحاً لكل الآراء وكنت أحاول رصد مشاريعهم، لكن من منظور النظام السعودي فإن مجرد اختيارك للحديث عن معارضة الفقيه أو المسعري أو حمزة الحسن والمعارضة الشيعية بشكل عام فأنت تخطيت الخط الأحمر".
وأوضحت، أن الفقيه وفر منصة إعلامية خلال فترة طويلة وكان يتقبل أن تأتي مجموعات تختلف معه في اتجاهه، ويعطيها الفرصة للتحدث ومخاطبة المجتمع، بهدف إسماع أصوات مختلفة للمجتمع، وكان هناك تعاطف كبيرة في هذه المنصة، وهذا يزعج النظام وبعض الأطياف التي كانت تدور في فلك المعارضة الإسلامية.
وأكدت الرشيد، أن حضورها إلى إذاعة الفقيه وحديثها منها وسماحه لها بذلك كان يثير بلبلة في الشارع السعودي، قائلة: "لم يستطيعوا فهم أننا نعيش في حقبة ومساحة مختلفة في لندن، والهدف أن تتكلم مع أشخاص تتفق أو تختلف معها بعكس ما يفضله الكثير بأن يدور في فلك أشخاص يشبهونه تماما، وهذا خطأ لأنك تبحث عن أشخاص يثبتون ثوابتك".
وعدت ذلك "عدم نضج أو وعي لأن ثوابتك موجودة ولا تريد من أحد أن يثبتها"، قائلة: "تريد من الشخص الآخر أن يشتت ذهنك ليصبح لديك القدرة على إعادة صياغة ذاتك وأفكارك السياسية أو حتى الشخصية، وهذا ما كان يحصل خلال تلك الفترة، أما الآن فأنا لا أستطيع استيعاب الكمية الهائلة من الأصوات المعارضة التي تأتي من بقاع العالم".
وأكدت الرشيد، أن الوضع الآن تغيير بشكل جذري ولم يكن ذلك في الحسبان، خاصة بعدما جاءت فترة وتحدث الجميع عن ربيع الرياض الذي حصل قبل 2011 والربيع العربي، وكان في الفترة بين 2005 و2008، وحدث انفتاح إذا رأى من تحت الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أن يفتحوا المجال بعض الشيء للكلام والنشر للعام وأن يظهر المواطن المغلوب على أمره بصوته إما في مقال أو مساحة أو كتاب أو اجتماعات وغيرها.
وأوضحت أن نتيجة هذه الفترة القصيرة خرجت المعاريض والتوقيعات وغيرها، وصاحب تلك الفترة وهم بأن الوضع السياسي سيتغير أو أنه تغيير فعليا، وعاش البعض على هذا الوهم إلى أن جاء الربيع العربي وتم القمع الذي مازال مستمر لأكثر من 12 سنة، حيث جاءت موجة قمع فظيعة بين 2010 و2011 واستمرت إلى ما بعد ذلك.
وقالت الرشيد: لا زلنا نعيش الآن حقبة القمع التي بدأت بشكل يختلف عن القمع السابق، إذ كانت المعارضات سابقاً أطياف لها لون واحد ومتشابهة إلى حد ما، وكان النظام السعودي من فترة الخمسينات يصنف القمع على مجموعة تبرز على أنها يسارية أو قومية أو إسلامية، أما الآن فأصبح القمع يطال الجميع الإسلامي والليبرالي وحتى الحركات النسوية".
وأضافت: "تكونت عندنا اليوم أطياف معارضة مختلفة وتختلف اختلاف كلي ربما تتفق على بعض الأمور، وسعدنا بقدوم -الأمين العام لحزب التجمع الدكتور عبدالله العودة وعضو الحزب عمر عبدالعزيز، إلى لندن".
وتابعت: "خاصة أننا كنا نتعاون منذ فترة طويلة في مشروع حزب التجمع الوطني وعندنا اتصالات مع أشخاص آخرين، ولم يكن باستطاعتنا أن نلتقي وجها لوجه خاصة مع عبدالله، سبق والتقيت مع عمر وتكلمنا في التليفون والمساحات"، مؤكدة أن "الزيارة كانت تقوية لما بنيناه منذ فترة طويلة من التفاهم والعصف الفكري والبيانات التي خرجت وكانت كلها عمل جماعي".
وقالت الرشيد: "عندما ترى الشخص وجهاً لوجه ربما يختلف الوضع وتتقوى الأوصال بالفعل"، مضيفة أن "العودة وعبدالعزيز كان عندهم رحابة الصدر والقدرة على التواصل الشخصي والاجتماعي لأننا مهما اختلفت أفكارنا السياسية فنحن أبناء بلد واحد".
واستطردت: "المشكلة أن الضغط الذي مارسه النظام على جميع أطياف المعارضة والقمع الذي طال الجميع جعل هناك فجوة بين الأطياف خاصة وأن الاتهامات كانوا يتبادلونها دائما بسبب النظام الذي كان هاجسه الأول ألا تجتمع المعارضة على أمر واحد وألا تتكون جبهة وطنية واحدة تضم أطياف المعارضة المختلفة".
وأكدت الرشيد: "ربما نحن لسنا بصدد جبهات أو أحلاف الآن ولم تصل المعارضة إلى تلك المرحلة من النضوج لتتجاوز اختلافاتها الجوهرية، لكن الذي يجب أن يفهمه الجميع أن النظام السعودي ضعيف لأنه يلجأ إلى العنف لتثبيت الولاء له، وبنفس الوقت يجب ألا ننسى أن هذا النظام عنده من الإمكانيات أكثر مما تملكه المعارضة".
وأوضحت أن النظام لديه إمكانيات "المال والتكنولوجيا والبعد الأمني والعسكري والاستخباراتي"، كما أنه مدعوم من الخارج، مؤكدة أن من الغرور والوهم أن تعتقد المعارضة أنها ستغير الوضع وتقود البلاد إلى بر الأمان والديمقراطية والدولة الإسلامية أو أي نوع من التغيير السياسي لأنها معارضة لا تستطيع مواجهة الاخطبوط المتمكن من الشعب والموارد الاقتصادية والأرض وما عليها ومدعوم خارجياً.
وعدت اللقاءات التي قام بها عبدالله وعمر والعضو المؤسس للحزب يحيى عسيري، مع الجميع مبادرة يشكرون عليها لأنها جعلت القلوب تتآلف رغم الاختلافات، وربما تثبت أننا بالفعل نستطيع التعايش معا ونتقبل الرأي الآخر، وأن التغيير السياسي يحتاج الجميع وأن من الغرور الاعتقاد أن حزب التجمع الوطني أو غيره من الحركات والجبهات والمعارضات الموجودة تستطيع أن تقنع نفسها والآخرين أنها الوحيدة التي ستنتصر في النهاية.
واستنكرت الرشيد، لجوء بعض المعارضين للعمل الفردي من خلال فتح قنوات وبث آرائهم المعارضة، مؤكدة أن هذه ليست معارضة لأن المعارضة هي مؤسسة لها ديمومة وأفكار ومبادئ يتفق عليها البعض أو يختلف، وإذا اتفقت فأنت تؤسس لمنظومة طويلة الأمد، تترقب التغيير، وتتعامل بواقعية، فالعمل المؤسساتي والجماعي هو الحل الوحيد.