مقالات

ومضة | الإمارة الإسلامية وأبعادها

الكاتب/ة ترف عبدالكريم | تاريخ النشر:2021-08-24

في هذه المقالة سأحاول سبر أغوار بعض الإشكاليات التي طفت على المشهد السياسي ابتداءً بسوسيولوجيا المجتمع وصولاً إلى سيكولوجية الفرد، تزامناً مع وصول طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان.

ولستَ هنا في صدد التحليل السياسي لمجريات الأمور وفي الآلية التي مكنتهم من الحكم، بل أن الإمارة الإسلامية ألقت بظلالها على جميع الزوايا المجتمعية والسياسية وهذا ما أريد تسليط الضوء عليه.

لا شك بأننا نعيش في عالم لا يمكن أن توصد أبوابه تجاه الآخر بفعل الإنترنت أولاً وثانياً فيما يخص الدول وتعقيدات النظام الدولي والعولمة، وهذا ما أدركته طالبان التي قامت برفع الشعارات التي تطمئن المجتمع الدولي والمرأة تحديداً بأنها ستمنحها بعض الحقوق وأنها أصبحت مرنة حتى تحظى بالاعتراف والقبول الدولي، ومن الطبيعي أن تجد أغلب الناس في مواقع التواصل يدلون بآرائهم تجاه هذه القضية أو تلك حد المخاصمة أحياناً والتسليم بها على أنها حقيقة! رغم أنك قد تجد أغلب من علق لا يفهم بالشأن الأفغاني شيئا!

من هنا تجده ينظر إلى مثل هكذا حدث سياسي نظرة عاطفية لا تمت للعقلانية بصلة، وهذا البعد السيكولوجي للفرد الذي تحركه الولاءات الضيقة والانحياز لها حد فقدان البصيرة للحكمة والحصافة!

لقد رصدت العديد من ردات الفعل التي تمتلىء بالطائفية ومقت الآخر لمجرد أنه ليس من نفس الطائفة أو لا يتبنى ذات الأيديولوجية! ويتخلل كل ذلك عدم الفهم الكافي لتعقيدات النظام الدولي كما أسلفت والذي يحتاج إلى قراءة متأنية للمشهد السياسي ينم عن معرفة، لا أن يكون التصفيق لمنطق القوة التي يشجعها البعض بحجة أن الغرب والولايات المتحدة لا يفهمون سواها، هذا المنطق أخلّ بالشرعية الداخلية التي من المفترض أن تستمد من الشعب، مثل هذا الكلام من شأنه أن يضرب برأي الشعب ورضاه عرض الحائط.

لذلك على كل فرد منا أن يحاول جاهداً أن يتخلص من كل عاطفة تقمع إنسانيته أياً تكن، والعجيب أن تجد من ينادي بالإصلاح ويعارض السلطات وهو مهاجر في بلد اجنبي، ولكنه أفرز ما بداخله بكل وضوح من موقفه تجاه الديمقراطية التي ينعتها بكل الصفات المشينة والمسيئة لها، لمثله أقول وأسأل أي تغيير تريده لبلادك وأنت تشجع بوعي أو بدون وعي على إقصاء الآخر؟! هل تريد تحقيق العدالة الاجتماعية في وطنك! كيف يكون ذاك وأنت لا تعترف بحقوق الآخر بل وبوجوده؟!

أحدهم قال: لولا رضا الشعب لما حكمت طالبان؟! 

فسألته:هل طالبان أجرت انتخابات وفتحت باب الترشح والانتخابات أمام المواطنين الأفغان؟!

ومنذ متى كان صمت الشعوب دليلاً على رضاها عن الحاكم؟! ثم أن الصمت الذي تراه ليس مطلقاً وقد لا يكون حقيقياً، فينا على سبيل الذكر لا الحصر من يعمل لإعلاء كلمة الحق وهُجّر أو تم اعتقاله أو أخفي قسرياً أو قد تمت تصفيته!

إذاً سيكولوجية الفرد هي إحدى إفرازات الإمارة الإسلامية، بالإضافة إلى سوسيولوجيا المجتمع الذي أخذ بالانقسام إلى فريقين أكثرهم بعداً عن التحليل العقلاني يرمي بالتهم على غيره بما يتناسب مع وعيه سواء كان منخفضاً أو عالياً.

بالتالي علينا أن نعيد النظر في إنسانيتنا و آراؤنا هل هي تخدم الإنسانية جمعاء وتحفظ الحريات والحقوق أم لا، هذا هو المقياس وما عداه هباء! لا شأن لنا بصلاتك وعبادتك ما لم تترجم أفعالك في سبيل مصلحة الوطن والمواطن.

وهل يحمل كل واحد منا في أعماقه داعشي صغير مهما اختلف دينه أو طائفته؟! بالشيء الكثير أو القليل، علينا أن نصدق مع أنفسنا.

وللمنشغلين بالتحذير من الديمقراطية ومقتها وربط الإسلام بمنظومة الحكم، لنتذكر دائما مقولة مصطفى محمود أن الإسلام ليس خصماً للديمقراطية.