یطلق السعودیین الموالين للحكومة لقب السعودیة العظمى على المملكة العربية السعودية معللين ذلك بأن التطورات التي حدثت بعد أن تولى ولي العھد حكم الدولة في وجود والده الملك قامت بنقلة نوعية حضارية في السعودية حتى أصبحت المملكة دولة عظمى! وكأن ھذا المعيار هو الوحيد لقياس قوّة الدول ووصولھا لمصاف الدول العظمى من عدمه، وبالرغم أن ھناك مغالطات كثيرة في تلك "الإنجازات" التي یتحدث عنھا الموالين للحكومة، إلا أن السعودیة لا ینقصھا العقول الراجحة والذكاء الكافي وعمق التفكير لجعلها فعلا عظمى، فأبنائھا وبناتھا على قدرة عالية بالقفز بھا من دولة من دول العالم الثالث إلى مقدمة الدول العظمى في حال تم منحھم الحریة والدعم لإنقاذ السعودیة في المراحل الأخيرة لها قبل السقوط والانحدار.
وعلى كل سوف نضع معیار المتنفذين من السلطة ومركز اعتدال والمستفیدین من تضليل المھتمین فعلا بتطوير الدولة ودفع عجلة التنمية للأمام وسوف نستخدم المعيار الحقيقي الذي يستخدمه علماء السياسة والاجتماع لتقييم الدول بدون أي أكاذيب مختلقة .
للدول العظمى مواصفات معينة تقاس بھا وإذا عرجنا على فھم معنى الدول العظمى فھي تختلف حسب المقياس الذي سوف تقاس به ھذه الدولة . ولكنھا في كل الاحوال يجب ان تكون دولة قوية مؤثرة تستطیع أن تغیر المستجدات في العالم بواسطة ھذه القوى عن طریق حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والتي عادة ما تكون الدول العظمى دائمة العضوية فيه، كما أن ھذه الدول لدیھا صفات خاصة لا تملكھا باقي دول العالم وھي على الترتیب؛ القوة الاقتصادية، القوة العسكرية، القوة الثقافية والقوى الاجتماعية.
القوة الاقتصادية: یجب أن یكون إقتصاد الدول العظمى قوي جدا یجعلھا تتحكم في توجيه الاقتصاد العالمي حسب ما ترید ويتوافق مع مصلحتها، ولو أخذنا ولاية کالیفورنیا في امريكا وهي تمثّل أكبر رابع اقتصاد في العالم، حيث أشارت التقارير عام 2019 بأن دخل الناتج المحلي للولايات المتحدة يبلغ أكثر من 20 تريليون دولار، وقد كانت كالیفورنیا في عام 2019 تحتل المرتبة الرابعة في القائمة بمبلغ أكثر من ثلاثة تريليون دولار أمريكي وتقدمت على كثير من الدول بھذا الناتج المحلي وھنا نفھم أن حجم الاقتصاد في الولايات المتحدة الامیركیة ھو ما جعلھا دولة عظمى، حيث تفوقت ولاية كالیفورنیا اقتصادیا على المملكة المتحدة. وعندما نأتي للمقارنة بالناتج المحلي للسعودية عام 2019 نجد أنھا احتلت المرتبة الثامنة عشر في أكبر اقتصاديات العالم بناتج 793,000,000,000 دولار.
ثاني صفة یجب ان تتحلي بھا الدول العظمى ھي القوة العسكرية حيث یجب أن یكون القوة العسكرية قویة ولدیھا ما يكفي من القوة والقدرة والھیمنة بأن تتدخل عسكريا في أي وقت تريد وتحقق انتصارات وعند المقارنة بالسعودیة فھي تملك أسلحة عسكرية متطورة كما تملك جیش واعي وقوي وقادر على على تحقيق الانتصارات إلا أن ما تفتقده السعودیة ھوالتخطيط والخبرة الكافية في القيادة لإدارة الحروب. فعلى سبيل المثال اسْتُنْفِزَت السعودية في حرب الیمن مالیا، حيث صرفت مبالغ طائلة كانت تكفي لبناء الیمن وتطويره والاستفادة من بث المشاریع الحیویة والعمرانية بما یفید أبناء الیمن لتنمیة وطنھم ومن ناحیة استثمار جيد یعود على السعودیة كما أنه يحقن الدماء بين الطرفين ولا یثیر الحقد بین دولتین شقیقتین تربطهم قرابة دین وجوار ودم .
ثم ننتقل الى القوة الثقافية والحضارية وفیھا تحافظ الدول العظمى على مظاھر الحضارة وتحاول بكل جھدھا أن تتمسك بقیام الثقافة والعلم ونشرھا للجمیع كما أنه يجب أن تقوم الدولة بترتيب وضعھا الداخلي قبل الخارجي، ووضعها الخارجي يحتوي على توفر جودة الحياة للشعب وتقيس مدى رضاھم عنھا بالمقابل نحن نجد أن السعودية لا تحافظ على حضارتھا إلا في المنطقة الوسطى فقط وتھیش باقي الحضارات في أجزاء المملكة الباقية، ثم لا ننسى أن جودة الحیاة منخفضة جدا داخل السعودیة حيث أن نسبة البطالة مرتفعة جدا وارتفاع نسبة الفقر أصبحت واضحة للجميع. كما يجب أن تتوفر ميزة الإكتفاء الذاتي صناعيا وزراعيا داخلھا حتى تصبح دولة مصدرة وليست دولة مستوردة وھنا نرى بوضوح أن السعودیة لا یوجد لدیھا أي اكتفاء ذاتي بل أنھا دولة استھلاكیة بامتياز!
فمن ھذه المقارنات البسيطة يتضح لنا أن السعودية ليست دولة عظمى على الرغم من أنه یمكن أن تصبح عظمى إذا تغيرت طريقة إدارتھا داخليا وخارجيا ومنحت الحریة للشعب عبر منحھم مساحة واسعة من المشاركة السیاسیة وعندما نتطرق لھذه النقطة نجد أن الدول العظمى دائما تعرف وتعامل الشعب على أنه ھو الحاكم وأن السلطة عبارة عن موظفین لدى الشعب لتقديم الخدمة لھم يتقاضون رواتب من مال الشعب من أجلها، وبالتالي يخضعون للمساءلة والوضوح التام أمام شعوبھم واي دولة تحاول حجب الحقائق عن الشعب فھذا یعني أنھا لا تقف الا في دول العالم الثالث وفي مصاف الدول القمعية التي تمنع الشعب من ممارسة حقهم الطبيعي في الحياة والمشاركة السیاسیة والاقتصادیة في إدارة بلادهم .
نحن نملك القدرة على أن نكون دولة عظمى ولكن ھل الحكومة على استعداد أن تمنح الشعب ھذه الفرصة، أتمنى أن أجد إجابة وافية في يوم من الأيام!