بعد أن استعرضنا في المقال السابق أهم فوائد الصناديق السيادية وصلنا لقناعة بأنه يجب على الدول تأسيس مثل هذه الصناديق، والآن نعود الى سؤالنا المحوري.. من هو المستفيد الحقيقي من عوائد هذه الصناديق وهل تخطيطها كان استراتيجي أم عشوائي؟
عزيزي القاريء تلاحظ تشديدي المتواصل على كلمة الصناديق السيادية السعودية بالرغم من أننا نعرف صندوق واحد فقط وهو صندوق الاستثمارات العامة! تتوقع أنني أخطأت في الكتابة أو خانتني لغتي في سرد الفكرة؟ طبعا، لا ياعزيزي القاريء فأنت هنا لقراءة الحقائق، ولهذا من الواجب عليّ أن أوضحها واترك لك التفكير وربط المعلومات.
مع وجود تعاريف كثيرة لمفهوم الصندوق السيادي، سوف اقتصر في استخدام تعريف واحد لهذا المصطلح: وهو تعريف صندوق النقد الدولي للصناديق السيادية والذي نص على التالي: هي «صناديق أو ترتيبات للاستثمار ذات غرض خاص تمتلكها الحكومة العامة وتنشئتها لأغراض اقتصادية كلية، فهي عبارة عن صناديق تحتفظ بالأصول أو تتولى توظيفها وإدارتها لتحقيق أهداف مالية، مستخدمة في ذلك استراتيجيات استثمارية تتضمن الاستثمار في الأصول المالية المحلية والأجنبية».
ويتضح من هذا التعريف انه ينطبق على اربعة صناديق تمتلكها الحكومة السعودية، وهي:
صندوق الاستثمارات العامة، صندوق النقد العربي السعودي (ساما)، صندوق التأمينات الاجتماعية (قوسي)، صندوق معاشات التقاعد. اذا دولة مثل النرويج أو دولة جارة لنا مثل الكويت، حققت الكثير من الارباح وتخطت كثير من الأزمات الاقتصادية وهي تملك صندوق واحد فقط ؛ فمن المؤكد أن دولة مثل السعودية تمتلك اربعة صناديق أحدهما تأسس عام 1952 وهو صندوق (ساما) والآخر تأسس عام 1971 (صندوق الاستثمارات العامة)، لن تواجه أي أزمة أبدا، وإن واجهت فسوف تتجاوزها بسهولة تامة! ولكن على النقيض تماما من هذا، فالسعودية تعاني من نسبة بطالة تصل إلى حدود 12% تقريبا طيلة سبع سنوات متواصلة، بالإضافة إلى هشاشة في البنية التحتية لجميع المشاريع، وسوء تخطيط المدن، حيث لا تزال هناك قرى ومدن لم تصلها الكهرباء، ومازال بعض المواطنين يحسبون ان الانترنت ضرب من ضروب الخيال وبعضهم لم يسمع عنه قط. هل هذا هوالادخار والاستثمار؟!
السطور بالاعلى توضح مدى هشاشة القاعدة الاستثمارية وضعف التخطيط الاقتصادي، وما ورد اخيرا من احد مسؤولي الدولة والذي صرح بأن الدولة قد تفلس والمسؤول الآخر الذي صرح بأن المعاشات لن تكفي الناس لانهم اصبحوا يعيشون لفترات أطول !! وعند سماعك عزيزي القاريء لمثل هذه الأكاذيب والصفاقة وعدم المسؤولية في الحديث، فسوف تلجأ لمطالبة الحكومة بوقف مثل هذه المهزلة، ولكن المصيبة تكمن في أن الحكومة لا تعتمد على دراسات استراتيجية لمواجهة مشاكلها الداخلية أوبالأصح لا تعطي اهتماما للمواطنين فعلى سبيل المثال لا توجد أي إحصاءات وتقارير اقتصادية تظهر للمواطن إلى أين نحن ذاهبون! المواطن لا يعرف غير التأجيل والتخدير ؛ تعودنا على أن ما لم ينجح في 2020 سوف ينجح في 2025، وإن لم يتم ذلك، سوف ننتظر الى 2030!