أنا كقارىء وكاتب، بل كانسان، ما زلت متعلقا بحقي فيما اكتبه وانشره وخصوصا الدفاع عن وطني بريشة قلمي، واخيرا.. اهداني الاستاذ ابو يعرب، او محمد القشعمي، كتابين، الاول يحمل اسم «ترحال الطائر النبيل» او الطائر المغرد كما اردته، والكتاب الثاني ما اثار تلهفي لقراءة ذلك الكتاب.. «رواد الشعر السعودي الحديث»، الذي قام بنشره واعداده الاستاذ «محمد بن عبد الله السيف، عن الاستاذ عبد الرحمن المنصور» الذي سبق ان جمعتني وإياه ذكرى بعيدة في وظيفة «وزارة العمل والعمال» والصدفة الاخرى حول ذكرى المتاعب القهرية، التي ليس من السهل نسيان تلك المتاعب والبعد عن الاهل والابعاد النفسية وآلامها، ولاشك ان تصفحي لقراءة ذلك التأليف من الشعر، الذي حمل اسم الكاتب والمؤلف الشاعر الاستاذ «عبد الرحمن المنصور» الذي فتح لي ابواب تلك الذكريات الممتعة والمؤلمة، ومن غير الممكن نسيانها بمنطوياتها الصلبة، فقد استفدت منها ثقافيا من كتابة القصة، التي كتبتها في ذلك المكان، والذي تنقصه اشياء كثيرة من الراحة النفسية وبما يحيطها من الكثير الكثير من المتاعب وما اعاقني عن محاولة ما اريد ابرازه واجمعه بما يتعلق بتلك الذكريات، من مسقط رأسي، في مدينة الجبيل، او عينين، وما زالت تلك الذكريات، ترن بمسامعي بما تحمل من مواقف سامية وشجاعة، لذكريات البحر، والغواصين للبحث عن اللؤلؤ.. ذكريات لا انسى الكثير منها، دون نسيان اهلها ورجالها الاكارم، عندما فتحوا الابواب لموظفي عمال شركة «الارامكو» ساعة ما بدأوا البحث عن البترول والذهب الاسود في مدينة الجبيل وما حولها.
لقد خطر ببالي التطرق لمن يحاول اطفاء نور الكلمة والقلم، وان كنت لا اظن ان هناك اي انسان مثقف يقر محاربة القلم، واطفاء نوره، وقد جرب الكثيرون من الكتاب والمفكرين ابتداء من المرحوم الشيخ حمد الجاسر، والدكتور غازي القصيبي والاستاذ عابد خزندار، والاستاذ عبد الكريم الجهيمان الذي له الكثير من المواقف التاريخية لذلك الاهتمام، الذي هز ريشة قلمه بكل شجاعة لا مثيل لها، بالدفاع عن حرية الكلمة، وقدسية الفكر، صارخا في وجه المحقق: عند دفاعه عن الحق قائلا: عندما قلت للمعتدل معتدلا، والاعوج معوجا وجدت نفسي في ذلك الموقف من الاتهام، ما حقق لنا انتصار الكلمة وانهزام الجهل، ومهما كان الامر وكان ذلك الدفاع القوى من الاستاذ عبد الكريم الجهيمان دفاعا واسعا قصد به مجموعة من الاخوة وكنت من احد اولئك المصغين لدفاع الشيخ الجهيمان الذي شملنا، ومهما كان الامر فلأمر حرية الكلمة والقلم، كما ورد في تصوير القرآن الكريم، يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى الله الا ان يتم نوره.. صدق الله العظيم.
ان كلمات الحق سوف تنتصر مهما كانت الحواجز والامور،وسوف لا اذهب بعيدا، عندما كنت طالبا صغير السن ساعة ما اغضبت استاذي المرحوم، «محمد بن شريم» في مدرسته الاهلية، بمدينة الجبيل عندما قلت له، اني قرأت في احدى الجرائد العربية المصرية بأن الانسان سوف يهبط على سطح القمر، فغضب علي، وامر بتعليق ارجلي في «الجحيشة» حتى لا اعود مرة ثانية نحو اخبار الكفر، ولكن الانسان استطاع ان يحقق ذلك الهبوط بعد مضي سنوات قصيرة، وعندما التقيت استاذي رحمه الله، ذكرته بذلك الهبوط الذي تمت اذاعته في جهاز الراديو ونشرته الصحف والجرايد، مد يده لمصافحتي واعتذر لي عن ذلك الضرب المؤلم، وكان ذلك الخبر، انتصارا للعلم والمعرفة، وهزيمة للجهل والتخلف.
وبعض البلدان المتقدمة، توجد بها انظمة لمعالجة المشاكل الاجتماعية، وحماية كل مواطن من سلب حقه في الكتابة بالصحف والتأليف، وان ايقاف المواطن بممارسة الكتابة في الصحف بدون اي سبب عن ذلك الحق في نشر افكاره الادبية والعلمية دون مقاضاة واسباب ومحاكمة في نظام وقانون الصحافة، بما في ذلك ما يسيء للمواطن والسلطة.
وما زلت اتساءل، هل توجد حماية للكتاب والمثقفين في بلادنا، ولماذا يجد الكاتب والقارىء نفسه معرضا للتوقيف عن ممارسة الكتابة في الصحف بدون اي سبب؟؟ وما زلت اتساءل اين سلطة وزارة الاعلام والصحف، واين قدسية القلم واطفاء نوره يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواهم ويأبى الله، الا ان يتم نوره. اني على ثقة بأن وزارة الثقافة والاعلام لا تقر ولا تقبل او ترضى بايقاف أي مواطن يعمل في أي جريدة كانت لان في ذلك اهانة للمواطن ومخالفة لا يقرها النظام.
ــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الفجر الجديد
19 مايو 2003