يوافق اليوم الذكرى الثالثة عشرة لتأسيس جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية "حسم،" نقوم في صحيفة صوت الناس بإعادة نشر مقال الأستاذ عمر بن محمد السعيد، أصغر أعضاْء حسم المعتقلين، الذي قام بكتابته ليلة إيقافه وإرساله بالبريد الالكتروني لأحد أعضاء حسم فجر يوم الأحد 18جمادى الآخرة 1434هـ، الموافق 28أبريل 2013م.
كان الأستاذ عمر بن محمد السعيد يبلغ من العمر ٢١ ربيعا.عندما حكم عليه في 12 ديسمبر بالسجن أربع سنوات والجلد 300 جلدة، بالاضافة الى حظر من السفر لمدة أربع سنوات بسبب نشاطه الحقوقي عبر حسم. أفرج عنه بعدها، ثم أعيد اعتقاله مجددا في صيف عام ٢٠١٨ وهو محتجز حالياً بدون تهمة.
بسم الله الرحمن الرحيم،
و الصلاة و السلام على رسول الهدى مرسخ العدل و الشورى،
إن المطلب الأساسي هو الدستور-المستمد من الكتاب والسنة، والآلية المنشودة هي نشر الوعي الحقوقي المدنيٌ و السياسي و فيما بينهما الدفاع عن المعتقلين تعسفيا، و رصد الانتهاكات وإحقاق العدل والشورى.
وإذا أردنا أن نصل لهذا كله، علينا أن نقول متجردين من حظوظ النفس بأن السجن لا يخيف.
بل المخيف هو بقاء الآلاف خلف القضبان تأكل السنين أعمارهم، المخيف هو نهب ثروات البلاد, المخيف هو التفرد بالقرار السياسي، المخيف هي سلطة الفرد دون رقابة ومحاسبة، المخيف و المرهب هو توظيف أموال الشعب لصالح سارق ومفسد استغل الجمود الفكري والثقافي ليحقق أهدافه. فكما هو معلوم في علم الاجتماع السياسي أن المجتمع اللا منتج هو مجتمع مقلد، فينبغي علينا أن لا نستنزف الطاقات بكرة مستديرة تعيدنا كل مرة للصفر.
فكم هو مؤلم تعطيل العقول وتحبيطها و الحيلولة دون إعمالها، وذلك باستغلال السلطة لفئة دون أخرى، و احتكار القرار لمصالح خاصة تضر بالمصالح العامة واحتكار الحق الحصري للأمة.
والعزاء كل العزاء و الشفقة والألم لمجتمع ينظر للمجازف المضحي بما لديه بالمال و النفس لمطلب سامي نبيل كالدستور (سفينة نوح) بأنه متسرع لا يدرك عواقب الأمور و الحقيقة الثابتة بالسنن الكونية و العلوم الطبيعية، وأنه غير مدرك لما يحدث، ومع الأسف أنه تائه دون أن يعلم بحقل الاستبداد و الاجتهاد الجبري!
ما يعيشه الشعب السعودي اليوم من ظلم وقهر وكآبة، وارتفاع نسب الأمراض النفسية والعضوية، هو باعث من بواعث السياسية الداخلية بحقه. فلسنا أهل الدار إن لم نذب عنه المكائد و المناهب. ولسنا أهل الدار إن لم نحميه و نستجمع طاقاتنا ضد قيادات الجور و القمع و التعذيب الجسدي و النفسي و الإخفاء القسري! وأقصد بكلامي هذا ”وزارة الداخلية” تحديدا، فهي صاحبة التابوت الجماعي الذي تلقف فيه كل محتسب كريم يعجز عن التماشي مع سياسة التفريق و الإشغال عن مقاصد الشريعة العظمى، فهي الركن الأساس لبناء المجتمع وإصلاح الدولة.
لكل إصلاح آلية تسهل وتيسر تخطي العواقب، وهذا يحتاج إيمان راسخ بمشروع جديد يدعم صوت المطالبة الواعية توخيا لردود الأفعال و الطيش الثوري المندفع وسد منافذ البكتيريا البشرية.
و الفكاك من هذا كله يأتي بالمطالبة حتى بلوغ المشروع الإصلاحي صاحب المعايير والضمانات المكفولة لسلامة واستقرار وحرية الشعب. وبما أننا في ظل تعتيم وتجريم على حرية الرأي و التعبير فلسنا بصدد اختراع منظومة سياسية مدنية جديدة, خصوصا أن البديل جاهز، ومعمول عليه ببلدان كثر، ولا يتطلب منا أكثر من تكييفه للخصوصية الإسلامية والبيئية، فالغاية الجوهرية تتميز بالثمن الباهظ، وهو أقل بكثير من ثمن الاستبداد في الدنيا والآخرة.
يتبع….