في تاريخنا الوطني والاصلاحي، هناك ثمة اسماء لن تمحى من تاريخ المحاولات الاصلاحية. فهناك ثمة شخصيات لا يمكن أن يمر مؤرخ أو مواطن غيور على حال بلده ويتسأل عن محاولات الاصلاح دون أن يتوقف عند هذه الاسماء.
الدكتور الشهيد عبدالله الحامد، الدكتور متروك الفالح، والمرحوم علي الدميني. وعلى الرغم أن الساعين في طريق الاصلاح في وطننا لا يعدون ولا يحصون، لكن ثلاثي دعاة الملكية الدستورية الذين صمدوا وتحملوا تبعات قرارهم وحقهم المشروع في التأكيد والسعي للمطالبة بنظام ملكي دستوري يصون العباد والبلاد.
اليوم نفتقد الدكتور متروك الفالح ، الذي قرر قبل الربيع العربي الابتعاد عن المشهد السياسي، لأن الثمن الذي دفعه د.متروك الفالح ليس بقليل، فلقد سجن مع رفقاء الدربي الإصلاحيان في ٢٠٠٣، وسجن في عام ٢٠٠٧، وتعرض لمحاولة الاغتيال أكثر من مره في تلك السنوات عبر محاولات دعس متعمده من قبل وزارة الداخلية ممثله بمحمد بن نايف في ذلك الوقت. ومع هذا شرور القمع وآلاته لاحقته هو ونجله الدكتور عامر المتخصص في الاقتصاد.
تحرك الدكتور متروك الفالح للمطالبة بالأفراج عن ابنه، لقد تحدث كأب بالمقام الأول، أب سأل ما هو الذنب الذي اقترفه ابني؟ أي أن من ذاق مراره السجون ويعلم ظلم وجرم السجان، لهذا لم يسكن له قلم ولا بال الا بعد أن استطاع اخراج ابنه في حملة دشنها وحده وليس معه الا ايمانه وضميره بأن الحقوق تنزع. لقد أعاد الفالح ابنه الدكتور عامر إلى اهله ، لكن الطاغية الظالم والمجرم والجبان لم يمهل الفالح الى أشهر معدودة والقى به فالسجن، فهو يوصل رسالة الى الدكتور الفالح وكل منه له مظلمة ان اصمت ولا سوف نستبدلك بالسجين الذي تطالب بالأفراج عنه. هكذا يفكر الطغاة لأجل حل معظلاتهم مع مواطنينهم.
الطاغية يستعرض قوته عبر استعراض احتكار العنف الرسمي الذي استأمنه الشعب عليه لمواجهه الجريمة واللصوص والعابثين بأمن الوطن. اليوم الحاكم هو المجرم الحقيقي والمدان الذي لا يفوت فرصة للقمع .نحن امام مشهد بائس حيث لا صوت يعلوا على صوت القمع. الجميع مدان وهو صامت الجميع مدان لو تكلم. هكذا يريد الطاغية أن نعيش ونموت. فهو لا يريد أي شكل من أشكال الحياة إلا لنفسه. ولا تهمه وجهات نظر أصحاب الوطن والحقوق، المهم لدى الطاغية أن يخرس كل المفكرين والأدباء والعلماء والساعين للإصلاح. يجب أن يصمت الجميع، وأن يبلعوا ألسنتهم ولا يفكروا مطلقاً بالحديث إلا للتطبيل والتمجيد وإكلال المديح الكاذب للحاكم الطاغية. فقط هذه هي المساحة المتاحة لمن يريد أن يتحدث.
للدكتور العزيز والنبيل متروك الفالح، فضائل يعرفها من له هِمه في الإصلاح وللدارسين في حقول العلوم السياسية والإنسانية. الدكتور الفالح سوف يبقى أسمه ويرحل الطاغية، الدكتور الفالح عبر سيرته العطرة وأعماله التي تعني بدراسة الديمقراطية العربية والتحولات السياسية والاجتماعية، لا يجب أن يبقى في المعتقل، عندما تكون المعتقلات والسجون هي أماكن للمفكرين والعلماء وأصحاب الرأي فعلم أن هناك ثمة كارثه تحيق بالمجتمع.
نقول للدكتور متروك الفالح، أنت نجمة في سماء الوطن، حظك العاثر أن الطاغية الذي يحكم وطننا لا يتجرأ على مواجهتك بالكلمة والحوار وليس له إلا ذلك من سبيل، لكن كل ما يعرفه هو العنف والتعسف لهذا أنت اليوم بعيد عن أهلك وطلابك وأبناء شعبك، وكما قال رفيقك المرحوم ذات اليوم علي الدميني زمن للسجن وأزمنة للحرية.
في السمار التاريخي والإنساني على المدى البيعد، أنت أقوى من الطاغية الذي لا يتجرأ على مواجهتك بالكلمة والحوار بل بالعنف والتعسف.