مقالات

لماذا نحن مختلفون؟!

الكاتب/ة ناصر العربي | تاريخ النشر:2023-09-25

هذا السؤال يتبادر لذهني وذهن الكثير من النبلاء والشرفاء من أبناء الوطن عند رؤية الاحتفالات باليوم الوطني. عندما نتابع ما يحدث في شبكات التواصل الاجتماعي والشارع العام واصطناع الاحتفال من الأعلى إلى الأسفل بأوامر من السلطة إلى كافة المؤسسات الحكومية والتجارية والشخصيات العامة التي تتحدث عن الوطن بفخر وسرور والحديث عن الإنجازات التاريخية نشعر أننا في حالة من الانفصال عن الواقع أو حالة عمى حقيقي عند نظرتنا للوطن. هل نحن المواطنين الطامحين للعدالة والبحث عن الكرامة والحقوق والمساواة والشعور بالأمان مختلفين عن بقية المواطنين المبتهجين بهذا الوطن الأخضر؟ نحن نحب وطننا أكثر من الملك وابنه ونفديه بأرواحنا وأموالنا وكل ما ملكته أيادينا، نبذل الغالي والنفيس، نعيش في الداخل ويترقبنا الخوف في المهاجر لكن الأمل أيضا والحلم الذي هو دافعنا الأساسي في صيانة الوطن من الطغيان السياسي ومن الاستبداد والجور والظلم.

في اليوم الوطني نتذكر ضحايا هذا النظام، نتذكر نضالات أبناء الشعب السلمية والنبيلة السامية فوق الأنا التي كتبت كلمات تعبر عن أحلامها عن وطن لا يبطش فيه الملك والأسرة الحاكمة وزبانيتهم بأحد. نتذكر المثقفين النبلاء الذين جردوا أقلامهم للحديث عن الصالح العام عن النصيحة للحاكم وأمره بالعدل ورفع الظلم الذي لم يتوقف منذ أن سن عبدالعزيز سيفه. الوطن هو الشراكة بين الحاكم والمحكوم وفق عقد اجتماعي يكون لكل طرف حقوقه وعليه واجباته وليس من طرف واحد ملزم بتقديم قرابين الطاعة والرضوخ والإذعان.

نحن بحق مختلفين ونفخر بأننا كمواطنين متاسمين عن السقوط في وحل الانجراف في تيار التطبيل للسلطة. الظلم ظلم والحق حق والحرية والكرامة نبراس ومعلم على صحة الضمير وصلابته. اليوم نحن كمواطنين نقول نعم نحن مختلفين عن التيار المصنع بفعل آليات الدعاية والإعلان وإرهاب السلطة والذي يقول الويل كل الويل لمن لم يطبل للسلطة. صدق أو لا تصدق أن هناك تعميم رسمي على كافة القطاعات الحكومية والخاصة بتخصص وقت للاحتفال باليوم الوطني. لكن الويل كل الويل لمن يتخلف عنه أو يتقاعس عن هذا الاحتفال، هذا الاستنفار المصطنع يجعل اليوم الوطني هو مسرحية هزيلة.

لو كان هناك بحق مساحة آمنه لحرية التعبير لرأينا أصوات المواطنين تتحدث بسرديه مختلفة عن اليوم الوطني وعن الوطن الذي يراد له أن يختزل في عبدالعزيز وأبنائه.حرية التعبير وضمانتها هي المحك الحقيقي لمعرفة كيف ينظر المواطن لوطنه وليس ما يحدث حالياً. السلطة تعلم أنها تصنع الوهم لتعيش اللحظة، وهناك الكثير من الضحايا ممن ينجرف في تيار الوهم ويصدق الدعاية المضللة. كيف يمكن لنا أن نفرح ونحن نعلم أن السجون تغص بالمساجين من المواطنين الأبرياء، كيف يمكن لنا أن نفرح وذاكرتنا مشحونة بذكريات الظلم والكفاح السلمي الذي يموت على يد السلطة. اليوم نتذكر كافة النبلاء ممن قتلتهم السلطة أو أذاتهم: ناصر السعيد، الشيخ ابن معمر، عمال أرامكو، خالد النزهة، سجناء العبيد في الأحساء، سجناء بريمان، سجناء الرويس، سجناء الحائر، عبدالله الحامد، علي الدميني، دعاة الملكية الدستورية، الإصلاحيين السياسيين بكافة أطيافهم، المواطنين النبلاء الصامتين على بلاء السلطة. كل هؤلاء نقول لهم الوطن الحقيقي هو روحك العامرة النبيلة التي تضمر فيها حلماً نبيلاً عن واقع يسود فيه العدل ويتلاشى الظلم. أنت الوطن.