مقالات

العار الذي لن يغسل

الكاتب/ة ناصر العربي | تاريخ النشر:2023-11-03

هناك مواقف وأحدث تتحدد من خلالها هوية وبوصلة الدولة الإستراتيجية في محيطها الداخلي ومحيطها الإقليمي و الدول. ومن أهم هذه المعايير موقف الدولة من الأحداث التي تطرأ في محيطها، كالحروب، والصراعات، والثورات، والكوارث الطبيعية ،والبيئية.

 ترسم معظم الدول إستراتيجيتها التفاعلية بناء على تصورها لنفسها، من هي، ماذا تريد، كيف يمكن أن تستثمر في هذه الأحداث.؟! في عام 2005، دمر إعصار كاترينا مدينة نيو أورليانز، وبلغ عدد الضحايا أكثر من 1833قتيل، فضلاً عن الإصابات والأضرار المدنية. لقد هبّت الحملات الدولية من الاغاثية لإنقاذ مدينة الرجل الأبيض، حتى دولة بنغلاديش الفقيرة شاركت في الإغاثة. كانت السعودية كحكومة من الدول المشاركة بالمال في تخفيف وطأة الكارثة على سكان المدينة. حتى أرامكوا تبرعت بأكثر من نصف مليون دولار لبناء 150منزلاً. هذا غير الدعم الحكومي الرسمي. هذا الفعل ليس خطأً وخصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر كانت فرصة للحكومة السعودية للتأثير في الصورة النمطية لها داخل أمريكا.

اليوم نحن نكمل 3 أسابيع على الإبادة العرقية على غزة، والتي ما زالت مستمرة إلى لحظة كتابة هذه السطور. تقوم الحكومة السعودية عبر وزارة الخارجية بمحاولة إعلان الإدانة المجردة والخطاب الناعم مع المحتل، وتقف معظم الحكومات العربية ذات الموقف في محاولة الضغط "برجاء من المحتل" لإيقاف المجزرة. هذا مهم، لكن الأكثر كارثية هو الموقف المحلي. ماذا تفعل الحكومة السعودية بقيادة محمد بن سلمان في التفاعل مع القضية. لا شيء، فهو مستمر في إقامة المهرجات والاحتفالات والملتقيات وكأن المنطقة في حالة استقرار. نعرف أن محمد بن سلمان حليف للصهاينة أكثر من الفلسطينيين، نعرف أن محمد بن سلمان يقف مع المحتل منذ قدومه للسلطة، وأنه مع تصفية القضية الفلسطينية لصالح المحتل. نعرف أن كوشنر هو مهندس صفعة القرن يعمل بالتنسيق جنباً إلى جنب مع محمد بن سلمان. نعرف ويعرف القراء الكثير عن مواقف محمد بن سلمان.

 فاليوم مع كل الدماء والأشلاء التي تتناثر بين حطام غزة وحطام أرواحنا التي لا تقوى على تحريك الشارع، نرى الحكومة في حالة سرور وسعادة في إكمال برامج تافهة مثل حلبة المصارعة الكبرى. دون وجود أي بعد استراتيجي سوف يجعل من صورة السعودية مكسوة بالعار ولا رجعة عنها. اليوم ينتشر مصطلح #بن_شولوم وهو كناية عن صهيوينة محمد بن سلمان. اليوم المواطن يعيش حالة من الذهول، هل هذا هو الوطن الذي يعتبر قبلة المسلمين؟! هل هذا هو البلد الذي يصدر نفسه كحامي عرين المسلمين وأنه قائد قنطرة المبادرة والريادة في العالم العربي! المواطن السعودي، لم يعد يشك في صهيونية محمد بن سلمان، لقد اتضح الموقف اليوم أكثر من أي وقت مضى. لقد قالها رفيق محمد بن سلمان، تركي ال الشيخ لا يهمنا أحد. في تصريحه عن مطالبة الناس لإيقاف المهرجانات التافهة التي تحدث.

العار هو وصمه، تلتصق بمن يقترف جناية، يصعب أن تمحى. هذا ما يحدث حالياً، فنحن لأول مره نرى بكل وضوح أن سلوك السلطة هو عار لن يزول ولن يتم محوه من صفحات التاريخ. لقد رعى محمد بن سلمان في أول أيام المجزرة مهرجان للألعاب الإلكترونية. لقد ناشده المواطنين والعقلاء بأن يتخذ موقف سياسياً يتناسب مع سمعه ومكة المملكة العربية السعودية، لكن لا حياة لمن تنادي. أجزم أن هذا الحدث هو محطم لأركان الدولة في صورتها عند الشعب، صورتها بين الفاعلين في المنطقة. أي أن التحرك ليس بالضرورة أن يتماشى مع النداءات الشعبية، لكن يجب أن يكون للدولة موضع قدم في المفاوضات، لكن لا شيء. #بن_شولوم في عالم آخر، ولن يستطيع أن يغسل نفسه من هذا العار.