ما كُتب عن فلسطين طوال العقود الماضية من قبل العرب والمسلمين يسير غالبًا في اتجاه واحد؛ وهو إدانة الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر، وتكون الإدانة واضحة، بل وحاضرة في الخطاب الشعبي العربي من المحيط إلى الخليج. وأما على المستوى السياسي فكان هناك شبه اجماع على إدانة الاحتلال من قبل جميع الدول العربية باستثناء مصر في عهد السادات والتطبيع السياسي كان موجودًا بين الأنظمة العربية المستبدة مع إسرائيل في الخفاء وليس العلن. فالنكبة الجديدة التي حدثت انطلقت بعد عام 2017، حيث تزامن وصول ترامب إلى لسلطة بوجود صهاينة عرب مثل محمد بن سلمان، وحاكم البحرين، ومحمد بن زايد، والصهيوني الكبير السيسي. وهؤلاء الأربعة كانوا ولا زالوا هم حجر أساس مشروع التطبيع القسري مع الإسرائيل، وإلزام الشعب الفلسطيني ساسة وشعب بقبول “صفعة القرن”. فلا ضير في كتابة مقدمة تصف ما حدث خلال السنوات الماضية لفهم الخيانة الحالية التي تقوم بها الأنظمة المستبدة وأتحدث عن السعودية لأنها بلدي. أما مصر والإمارات والبحرين ففيها من همْ أهلٌ لفضح خيانة حكامهم.
خلال كتابة هذه السطور، كان الموقف السعودي الرسمي صامت من أي إدانة للاحتلال الإسرائيلي. وقد صدر قبل أيام بيان مختصر وخجول من الخارجية السعودية ينتقد تصرفات المحتل. وهذا الخطاب كان لذر الرماد في العيون، وقوبل بنقد من قبل العديد من الفاعلين في المجال العام. بعدها بأيام صدر بيان رسمي بصيغة أفضل يندد على استحياء بالعدوان الإسرائيلي على القدس وعلى غزة. هذه البيانات هي استجابة للضغط الشعبي المحتقن من الاستبداد بالمقام الأول، ومن سياسية التطبيع والتخاذل ضد نصرة القدس. ولا شك أن الحكومة الحالية سلمان وابنه لديها توجه واضح في الوقوف ضد الفلسطينيين بشكل علني ومساندة المحتل بكافة وسائل الممكنة لأجل غاية يعلمها الله. وحتى لا يكون هذا كلامًا إنشائيًّا سوف أعدد الخطوات التي قام بها محمد بن سلمان لمساندة المحتلين الإسرائيليين:
نحن سكان الجزيرة العربية من الأحساء والدمام في الشرقية إلى جدة ومكة والمدينة في الحجاز، ومن حائل والجوف في الشمال إلى جيزان ونجزان في الجنوب، نحن نفدي فلسطين بأرواحنا، بكل ما نملك. فلسطين هي كرامتنا وهي بوصلتنا الأخلاقية في التضامن والعدل والإحساس بالكرامة، فلسطين تحي فينا أمالًا دفينه في العيش بكرامة وحرية، فلسطين تكسر جدار اليأس الكامن على صدورنا بفعل القمع والاستبداد.
نحن نتحدث كثيرًا عن فلسطين، وهذا الحديث هو فعل، لأنه يحركنا، يحرك مشاعرنا وأفكارنا ويحررها من بؤس الاستبداد وآفات الخوف والرعب التي نعيشها بسبب القمع السياسي العنيف. الثمن الذي ندفعه كشعب لا يقارن بما تقومون به، لكن نحن نلعب الهامش الذي هو مساحتنا المتاحة حاليًّا للتأثير والدعم الذي يمكن أن يكون. ويومًا ما سنكون معكم على أرض واحدة وتحت سماء واحدة تجمعنا الكرامة والحرية والعدالة.