الهوية الشخصية هي تعرف شخصاً بشكله واسمه وصفاته وجنسيته وعمره وتاريخ ميلاده. وهذه قد ترافقنا من المهد إلى اللحد وفي ذلك نعرف نفسنا من خلاله. أما الهوية الجمعية (وطنية أو قومية) فهي تدل على ميزات مشتركة أساسية لمجموعة من البشر، تميزهم عن مجموعات أخرى. ولكن هناك نقطة أساسية في هذا البحث وهي أن الوطن لا يتركني لأنني من قبيلة خاصة بل يحترمني ويعترف بي كجزء منه. ومن الطبيعي أن يطابق الشيء ذاته وألا ينفصم عنها في غيره. فالهوية إمكانية قد توجد وقد لا توجد. إن وُجدت فالوجود الذاتي. وإن غابت فالاغتراب.
وبهذه المقدمة أنتقل إلى بلادنا، ونحن في يوم التأسيس. قد عرفت بلادنا بأنها مهبط الوحي والرسالة وعرف عنّا بقبائلنا وثقافتنا بأننا منتمين إلى الإسلام. وقد كانت لنا جذور من الجاهلية حتى الآن والطريق مستمر. وقد كنّا نعيش بين باقي القبائل في الأسلاف الصالحة وتجمعنا الحجاز وكنا نسمى حجازيين أو نجد فكنا نجديين وفي كل الحالات كانت القبيلة جزءاً من ثقافة المنظقة التي كانت تعيش بها. حتى بدأ الصراع في 1932م حينما سمى عبدالعزيز آل سعود البلاد بـ "المملكة العربية السعودية". فقد بلغ مبتغاه وسمي البلاد بإسم قبيلته فلو كانت الأصالة حق التسمية فباقي القبائل كانت أولى فعلى سبيل المثال كانت تسمى المملكة القحطانية أو الشمرية أو غيرها من القبائل العريقة التي كان لها أثر ومكانة في الجزيزة العربية. فبهذا قد سمينا وكل من يولد في المملكة بأنه "سعودي"!! انتساباً لأسرة آل سعود وهذا الأمر مرفوض تماماً لأن الوطن يجب أن يكون وطن لا قبيلة واحدة. إن عائلة آل سعود سلبت الهوية الوطنية الحقيقية لسكان الحجاز ونجد وحوّلتها إلى حكومة أسرية وفي هذا إنها "الوحيدة" التي فعلت ذلك في العالم.
يوم التأسيس: اندثار القبائل
قد تفاجأنا في 27 يناير 2022 بيوم جديد لم يكن في بال أحد. وقد صدر أمر ملكي بأن يكون 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس "الدولة السعودية"!!
ووفقا لهذا تروي الدولة السعودية بأن بدء أساس حكومة آل سعود قد كان في 1727م في عهد محمد بن سعود. وقد كتب الكتاب والباحثون حول هذا اليوم حتى وجدنا المنصفين منهم يكشون الزيف عن هذا العام. (يمكنكم الاستماع لجلسة النقاش التي نسقتها "صوت الناس" مع الأستاذة مضاوي الرشيد حول "يوم التأسيس السعودي") وفقا للخطة ، بهذا اليوم يتم فيها تقديم عروض خاصة ويتعرف الناس إلى الثقافة السعودية التقليدية! بل يزيدوا في الطين بلّة وقد ينسبوا كل معالم الثقافية من الأكل والثوب والقهوة إلى "السعودية". وكأن باقي القبائل لم يكونوا بحسبان! وأن البلد بثقافته العظيمة وكثرة قبائلها لم تكن موجودة!! وكأن الجزيرة العربية بعربيتها لم تكن إلا جزيرة آل سعود. فبهذه الصبغة يريد أن يضيع شعب المملكة في هويته. لأن ضياع الهوية الذاتية تعني ببساطة ضياع الإنسان، وهنا يحدث فعل الاستلاب بأبشع صوره ويترك آثاره على البشر لدرجة أن من يُصاب به، سوف يفقد قدرته على الاحتفاظ بفكره الخاص الذي نهله من بيئته وعمقه الفكري والثقافي، ومن الأمور المعلومة. فحين يفتقد مجتمع ما إلى الفكر الذاتي الذي نشأ بنشوئه، فإن شخصيته الفكرية الجمعية تتعرض للتصفير شبه التام، ويغدو مستلَبا على نحو بائن ويمكن فهم ذلك من خلال الاحتفال بيوم التأسيس والذي تم فيه تصفير الشعب من قيمه وهويته بهدف قمع أي فكرة أو حقيقة تاريخية تبين بأن آل سعود ليس لهم أي مكانة إلا من خلال القبائل.
والسؤال الأهم:
من منّا سيوقف عملية التحويل إلى زومبي سعودي؟