مقالات

بين مطرقة " تمكين المرأة " وسندان " الاعتقالات"

الكاتب/ة بدر الشهراني | تاريخ النشر:2024-03-08

اليوم الثامن من شهر مارس،هو يوم يحتفل به العالم بالانجازات التي حققها في موضوع المرأة ومكانتها في المجتمع إنه "اليوم العالمي لـ المرأة" فلماذا لم ننادي بما حقق في بلادنا العظيمة؟ من دون أدنى شك يجب أن أكتب هذه السطور بحالة فرح وسرور ولكن السفن في مثل هذا اليوم لا تدور كما أحب. قد طرنا شغفاً من مشروع ولي العهد في "تمكين المرأة" وهو مشروع جميل وتنموي بما فيه الكفاية لكي نواكب العصر التي للمرأة فيه مساهمة ونشاط وحيوية. فيجب أن نكون منصفين حينما ندرس موضوع المرأة السعودية في مثل هذا اليوم.

إزاحة الستار ومعرفة ما يجري خلف الكواليس يدعونا إلى إدلاء الدلو للوصول إلى خلف الإطلالات البارقة المزخرفة. ففي هذا اليوم سأدرس ما جاء به محمد بن سلمان من تمكين المرأة وجدير بالذكر أن أذكر القارئ بأن الملك سلمان أكد في كلمته السنوية بمجلس الشورى "سنواصل جهودنا في تمكين المرأة السعودية" فنعطي لكم نماذج لهذه الجهود للمعرفة فقط -عسى أن ينفع النافع-.
امتلأت السجون السعودية بالنساء فحسب تقرير المركز الدولي لدراسات السجون هناك الكثير من السعوديات وغيرهم من جنسيات أخرى. ومن بين هؤلاء تقضي أكثر من 51 سعودية حياتهن في السجون بتهم تتعلق بحرية التعبير عن الرأي. (هذا ما أعلن عنه والذي لم يعلن)
ومن بين هؤلاء مجموعة أخرى تسمى "معتقلات النحل"
لنتعرف على " معتقلات النحل" أولاً..
"معتقلات النحل" مجموعة ناشطات اختفين وراء حسابات وهمية للتعبير عن رأيهن ومطالبتهن بحقوقهن وحقوق الشعب الكافة. وجاءت هذه الحركة بـسبب الخنق والتكتيم الذي تمارسه الحكومة. ولكن تم الكشف عنهن من خلال عملية تبنتها السلطة السعودية في التجسس على حساباتهن فتم القبض عليهن من أمام بيوتهن واعتقلن تعسفياً لمجرد التعبير عن الرأي. 
قائمة أسماء هؤلاء المعتقلات فيما يلي:
لينا الشريف
نجوى الحميد
رينا عبدالعزيز
زينب الهاشمي
اسماء السبيعي 
نجلاء المروان
ياسمين الغفيلي
ثلاث سنوات مرت على اعتقال تلك الحرائر ولم نسمع لهن صوتاً أو صورةً تشفي غليلنا ولم نعرف ما هي الأحكام وسنين الاعتقال فبات كل شيء مجهولا لا نعرف المصير ولكننا نعتقد بأن هناك إنتهاكاً يجب أن يرصد وسنشرحه بتفاصيله هنا:

لم تُعقد أي محكمة لـ "معتقلات النحل" منذ اعتقالهن في 2021 م. لكن حسب القانون الدولي لحقوق الإنسان لـكل شخص حقوق لا يمكن أبداً أن تُسلب، منها حق إجراء محكمة عادلة. فلنموذج لم تتم محاكمة ياسمين الغفيلي رغم اعتقالها منذ مايو 2021 "حسب منظمة سند الحقوقية" وهذا يعد انتهاكاً صارحاً للأنظمة التي تعترف السلطة بها. بحيث تنص "المادة الرابعة عشرة بعد المئة" في نظام الإجراءات السعودية بأن "احتجاز الشخص دون تهمة لمدة أقصاها 5 أيام، قابلة للتجديد حتى 6 أشهر بأمر من "هيئة التحقيق والادعاء العام" (التي أصبحت "النيابة العامة" الآن). وبعد 6 أشهر، ينص القانون على أنه يتعين مباشرة إحالته إلى المحكمة المختصة أو الإفراج عنه". وهذا الأمر لم يتم حتى الآن في حق الكثير من المعتقلات.
من جانب آخر حسب "المادة الرابعه" من نظام الإجراءات الجزائية السعودية، يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة بينما حُرمت السجينات منه. فعلى سبيل المثال "رينا عبدالعزيز" واجهت الحرمان والمماطلة دون الاستعان بأي محام.
حسب "المادة السادسة عشرة بعد المئة"، يبلغ فورًا كل من يقبض عليه أو يوقف، بأسباب القبض عليه أو توقيفه، ويكون له حق الاتصال بمن يراه لإبلاغه، ويكون ذلك تحت رقابة رجل الضبط الجنائي بينما لم تتحقق هذه المادة لـ "معتقلات النحل" في السعودية. فكلهن واجهن مداهمة منازلهن وتخويف عوائلهن من دون ابلاغهن التهمة.

وكذلك لم تهتم السلطات بحالة الموقوفين صحياً . "وتضع اللائحة التنفيذية كذلك القواعد الخاصة بالإفراج الصحي عن الأشخاص المصابين بأمراض تهدد حياتهم بالخطر أو تعجزهم عجزا كليا" في حين أن "رينا عبدالعزيز" طالبة جامعية، تبلغ من العمر 20 عامًا، تعرضت للتغييب والحبس التعسفي، على الرغم من أنها تعاني من مرض بكتيري في الرئة قبل اعتقالها، تكابد مرارة الحبس والإهمال الصحي.
كل هذه الحالات لا تكون إلا غيض من فيض وأنها كارثة بحجم معناها وقد يجب أن نرجع إلى السبب الرئيسي وراء هذه الاعتقالات:
تقضي القوانين التي صدرت في عهد عبدالله بن عبدالعزيز بـاستقلال القضاة وتقر بـأن لا سلطان عليهم في القضاء غير أحكام الشريعة الإسلامية، وليس لأحد التدخل في أمر القضاء. 
ولكن قد نقض بن سلمان هذه المادة وأخذ على عاتقه الهدم المبرمج للقضاء في بلادنا والتخريب المستمر للمحاكم والعدالة. حتى أنه قام باعتقال الكثير منهم خاصة الذين لم يحكموا بما أمر به. فبهذا سلب الاستقلال من القضاء وجعله رهيناً بين يديه لكي يحكم البلد بيد حديدية. فيعتقل المرء في هذا الحكم من دون سبب معين وإذا تبين السبب يسجن من دون محاكمة وإذا حكمت عليه المحكمة بالسجن لخمس سنوات سيضاعفه ولي العهد مهما شاء. فأي قضاء مستقل وأي حقوق الانسان هذه التي تجعله دمية بيد صاحب القدرة؟ فالنظام الجزائي معطل لا محالة وهذا ما أكدته "سارة ليا ويتسن" المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية للعالم العربي الان: "فإذا كانت السلطات السعودية تستطيع احتجاز معتقل لعدة أشهر دون أي اتهام، فمن الواضح أن النظام الجنائي السعودي ما زال معطلا وجائرا، ويبدو أن الأمر يزداد سوءا."
فقول محمد بن سلمان "نعمل على إصلاح بعض القوانين ولا نتدخل في عمل القضاء" ما هو إلا كذبة أبريل فلولا تدخل السلطات وخوفها من التعبير عن الرأي لم تك اليوم "معتقلات النحل" خلف القضبان. وفي النهاية نقول " على الباغي تدور الدوائر"