مقابلات

منصف المرزوقي لـ"صوت الناس": الاعتقالات السعودية "استبداد فج" والسلطة تريد تفريغ الساحة من المعارضين

تاريخ النشر:2024-03-27

*الاعتقالات بالسعودية والأحكام القاسية استبداد فج بعباءة دينية
*النظام السعودي استبدادي مآله الانتهاء مثل كل الأنظمة الاستبدادية 
*السلطة السعودية تريد تفريغ الساحة من المعارضين
*الديمقراطية أكبر خطر على الأنظمة العربية الحاكمة 
*تدمير إسرائيل لحماس هدف يوده عرب التطبيع
*مصالح السيسي وبن سلمان وبن زايد تتقاطع مع إسرائيل

 

في فبراير/شباط 2024، قضت محكمة تونس الابتدائية حكما غيابيا على رئيس الجمهورية الأسبق (2011 - 2014) الدكتور منصف المرزوقي، بالسجن 8 سنوات، بدعوى اتهامه بـ"الاعتداء على أمن الدولة وتحريض التونسيين ضد بعضهم"، وبذلك يواجه أحكاما غيابية بالسجن تصل إلى 12 عاما، إذ صدر حكما ابتدائيا بسجنه 4 سنوات في ديسمبر/كانون الأول 2021.

وعقب الحكم الأخير أعلن المرزوقي المقيم في فرنسا في فعالية "اليوم الدولي للتضامن مع المعتقلين السياسيين والدفاع عن دولة القانون والمؤسسات في تونس" التي عقدت في دار الجمعيات بجنيف، عن مقاضاة 45 قاضيا تونسيا لدى الأمم المتحدة لـ"تورطهم في التعسّف وانتهاك القوانين والتضييق على المعارضين السياسيين والمجتمع المدني تنفيذاً للتعليمات السياسية".

والمرزوقي كان رئيساً للجمهورية التونسية خلال الفترة الانتقالية بعد الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وهو حقوقي وسياسي، مؤمن بالديمقراطية ومناهض للأنظمة الديكتاتورية، ومؤيد لثورات الربيع العربي التي كانت أولى الثورات الديمقراطية 
السلمية، ومؤمن بمشروع التحرر من الاستبداد، ومتيقن بأن الوصول لها حتمي، ولكنه لا يزال متعثرا.

المرزوقي أسس عدة كيانات داعمة للديمقراطية، منها المجلس العربي وشبكة الديمقراطيين لمواجهة الأنظمة المستبدة، وتضم شخصيات عربية بارزة من جميع الأقطار بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم، لقناعته بأن النظام الديمقراطي وحده الكفيل ببناء دولة القانون والمؤسسات.

وفي ظل ما تشهده المنطقة العربية من محن وتحديات وتحولات استراتيجية على خلفية تداعيات الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حاورت صوت الناس، الدكتور منصف المرزوقي لتحليل وضع المنطقة وتقديم قراءة متأنية لمواقف الأنظمة الحاكمة.
إليكم نص الحوار
* بداية كيف ترى الأحكام الغيابية الصادرة بحقك؟ وما أسباب إقدامك على مقاضاة هذا العدد الكبير من القضاة؟
المنقلب ورعاته من الدولة العميقة قل العقيمة وضعوا قائمة لكل من يهدد الانقلاب وعودة الاستبداد ولفقوا لهم كل التهم لتحييدهم خاصة بقرب الانتخابات الرئاسية آخر السنة. الأكثرية في السجون والآخرون مثلي في المنافي يسمعون بالأحكام الصادرة عليهم من الاعلام. في هذه المأساة والمسخرة يتحمل قضاة التعليمات مسؤوليتهم وسنلاحقهم أمام القضاء الدولي بانتظار مثولهم أمام قضاء تونسي مستقل. 
 

* على ذكر القضاة ألا ترى أن ما أصاب السلطة القضائية من وهن وارتهان للسلطة بات السمة السائدة في الدول العربية التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية مستبدة؟
طبعا الاستبداد له ثلاث آليات البوليس والإعلام والقضاء، ولا بدّ للمجتمع استعادة هذه المؤسسات لتكون في خدمة الأمن والعدل والحقيقة لا كما هو الحال أي في خدمة مجرمون خارجون على كل القيم والقوانين حتى التي يسنونها.

* ما تقييمك لنموذج السلطة القضائية في المملكة السعودية؟  وكيف ترى كم الاعتقالات الهائل والأحكام القاسية على معتقلي الرأي والدعاة التي تصل حد الإعدام في حالات سلمان العودة وعوض القرني وحسن المالكي وغيرهم؟
استبداد فجّ بعباءة دينية لكنه لا يختلف في شيء عن أي نظام استبدادي ومآله طال الزمان أو قصر أن ينتهي مثل كل الأنظمة الاستبدادية لأن هذا الذي تعيش به أي الفساد والقمع والتضليل هو بالضبط ما يتسبب في موتها.

* بماذا تفسر عداء قيس سعيد ونظامه لتجربة تونس الديمقراطية؟ ولماذا يكيل كل هذا العداء لتلك الحقبة التاريخية المشرفة لتاريخ تونس؟
المنقلب لم يشارك يوماً في النضال ضد الاستبداد ومن ثم فإن انتصار الثورة كان بالنسبة له تذكير دائم بجبنه وهوانه وهو الآن يصفي حساباته مع كل الثوريين الذين يرجعون له صورته الحقيقية.

* هل لك أن تختصر لنا رؤيتك للتطورات في المنطقة العربية وانعكاسات الحرب على غزة على الأنظمة الحاكمة؟ 
رفض إسرائيل حل الدولتين يضع المطبعين خارج اللعبة ولأن اليمين الإسرائيلي قرر أنه لا خيار أمام الفلسطينيين غير قبول التطهير العرقي في غزة والابارتايد في إسرائيل والاستيطان في الضفة مما يعني أن الحرب ستتواصل وقد تتوسع كل هذا في ظل ازمة اقتصادية متفاقمة في أغلب البلدان العربية. أضف الأزمة المناخية. كل هذا سيضعنا أمام تحديات غير مسبوقة رهانها نكون او لا نكون.

* لماذا برز الضعف في اللهجة والمواقف تجاه الاحتلال الإسرائيلي؟ 
لأن إسرائيل بتدمير حماس تفعل ما يوده عرب التطبيع ولا يفصحون عنه. ثمة تقاطع مصالح موضوعي ما بين رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الإمارات محمد بن زايد ومصالح إسرائيل. كيف تلوم عليهم صمتهم؟
* لماذا تعادي الأنظمة العربية الحاكمة الديمقراطية وتخشاها؟ ولماذا تحجر على حقوق شعوبها؟
أنت أمام أقلية استحوذت بالقوة على النصيب الأوفر من الثروة والسلطة والاعتبار ولا يمكن فرض هذا التقسيم الظالم إلا بالنظام الاستبدادي. أي غرابة أن تكون الديمقراطية أكبر خطر عليهم حتى وإن بالغوا في تقدير هذا الخطر لأن نخب الغرب الأذكى من نخبنا استطاعت ترويض الديمقراطية لكيلا تخسر كثيرا من امتيازاتها، لكنها استطاعت على الأقل التقليل من ثمن العنف للحفاظ على هذه المصالح.

* توالى مؤخراً خروج المعارضين من المملكة السعودية إلى أوروبا وأمريكا ما دلالاته برأيك؟ وهل له تأثير على السلطات؟
السلطة لا تريد شيئا غير أن تفرغ لها الساحة من المعارضين لكنني اتفهم خروجهم فهم في خطر داهم بما أن الإرهاب هو طريقة الحكم ومن ثم يستحيل أي عمل سياسي سلمي في هذه الظروف.

* برأيك، هل للنضال السياسي ومعارضة السلطات المستبدة في عالمنا العربي أي جدوى؟ هل سنصل لليوم الذي تختار فيه شعوبنا من يحكمها؟
نعم. تصور لو غاب تماما ألا يعني هذا تأبيد الاستبداد. للانتهاء معه تاريخيا ثمة ما يفعله الاستبداد بنفسه لأنه هو أيضاً مرض ممرض ومريض وثمة كل ما ينهكه به حراك المجتمع وأخيراً ثمة الضربة القاضية التي ترحل به عندما ينفد صبر المجتمع ويتخلص من خوفه من خائف لأنني اردد دوما ان أكثر خائف في المجتمع هو المستبد الذي يخاف من ظله ومن أقرب الناس إليه ومن أرواح من قتل ظلما ومن لعنات المظلومين.

* ختاما في سياق رؤيتك وتحليلاتك للوضع الراهن، هل ترى فرصة في المعاناة الموجودة في غزة يمكن استخدامها لتحقيق مكاسب للقضية الفلسطينية؟ وكذلك في المشهد التونسي مع قرب الانتخابات الرئاسية نهاية العام، هل من أمل بتغيير ما؟
في الوقت الحاضر ما يتحرك لدعم غزة هو الشارع الأوروبي والأمريكي. ثمة حالة من البهتة في الشارع العربي. اعتقد أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة. 
أما بخصوص تونس لا أمل بالتغيير طالما المنقلب في الحكم ولا أمل بالتغيير بانتخابات رئاسية كل من يعلن عن نية ترشحه يسجن. كما لم يرحل بن علي بانتخابات لن يرحل المنقلب إلا بثورة أو بانقلاب طبي كما حدث مع بورقيبة.