مقالات

زمن ( التيك توك ) .. وكفران القراءة !

الكاتب/ة صبري الموجي | تاريخ النشر:2024-04-22

 

كفرتُ بالكلمة المكتوبة التي مارستُها عقب التحاقي ببلاط صاحبة الجلالة منذ ما يزيد علي ٢٠ سنة في مجتمعٍ لا يُعيرُها اهتماما، وليس لها عنده أيُّ صدى.

وردة فعل المجتمع مع الكلمة تدعو للدهشة، أو للحسرة، فقد جعل البعضُ أو الكثيرُ بينهم وبينها سدا، فأصابتهم الغشاوة فهم لا يُبصرون، برغم أنها لا تصدر عني - كغيري من الكتّاب - إلا بعد قدح زناد فكري لأسوق لقارئي خلاصة فكر، وعصارة تجربة، ورأيا يستند إلى الحجة والدليل، ويُغلب المنطق .

ولكني - وبكل أسف - أؤكد أن هذه الكلمة، أضحت في مجتمعاتنا الشرقية كماء ينزل علي أرضٍ قيعان تبتلعه دون أن تُخرج ثمرا ولا زرعا .

فكتبتُ وكتب غيري الكثير ولكن بلا أثر !

أُشيع أن العرب قوم لا يقرؤون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لايعملون، وإذا عملوا لا يُتقنون، وهذا سرُ تخلفهم مقارنة بالغرب، الذي شيّد إيوان العلم، واهتم بالكلمة باعتبارها أهم لبنات صرحِ العلم المنيف، وحرصَ على الانضباط، وأتقن العمل، ورفض الواسطة والمحسوبية، اللتين غرقت في مستنقعاتهما مجتمعاتنا الشرقية، فنتج عن ذلك إكبارُ أقزام، وتسويدُ أناس فاقدي الأهلية لمجرد أنهم أهل ولاء وحسب .

وللأسف لوحظ أنه في تلك الهيئات والمصالح، التي استعانت بهؤلاء الأقزام، نخرَ سوس الفساد، وأكلتْ دابةُ الأرض مِنسأتها، فصارت عبئا علي الدولة بعدما اتسع خرق فسادها على الراقع !

أعود فأقول .. نعم فقدتْ الكلمةُ المكتوبة بالصحافة الورقية بريقها في ظل ثورة التواصل الاجتماعي بوسائله المتعددة، إضافة إلى رحيل أساطين الصحافة، ورموزها الكبار، لكنها تظل من وجهة نظري وسيلة المعلومة الأجدى والأقوى تأثيرا، إذا توافر لها كتّابٌ أمثال الراحلين الكبار؛ لأن معلومةَ الميديا الحديثة هي ومضة سرعان ما تنطفئ، أما الكلمةُ المكتوبة فهي شمس متوهجة تشع فكرا ومعرفة، حيث إن العقل يغوص في بحار مقاصدها ومراميها !

ومادام الحالُ كذلك، فلابد أن تُعيد الدولة النظر في حال المؤسسات الصحفية عن طريق توفير الدعم المادي لتتغلب على مشكلاتها الاقتصادية الناتجة عن انصراف الإعلانات عنها، مع ضرورة تمكين الكفاءات من إدارتها بعيدا عن المحسوبية المقيتة، التي تعتمد على تدوير القيادات، وتمديد فترات بقائهم لمجرد (الاستلطاف) وليس النتيجة، مع ضرورة استكتاب تلك المؤسسات أصحاب الأقلام السيّالة المُعبرة، والفكر الخلّاق، إذ إنهم ضمانة رواج تلك الصحف، وعودة الصحافة الورقية لسابق مجدها .. آمال ليتها تجد صدى لدى ذوي القرار، وإلا تأكد كفري بما أكتب مادام بلا جدوى!