مقالات

معتقلي مايو؛ التجسس على من؟!

الكاتب/ة بدر الشهراني | تاريخ النشر:2024-05-14

 

قد قرأنا في أقوال العلماء والمفكرين السياسيين بأن الشعب المختار هو الذي يبني مصيره بيده فلا حاجة له للآخرين لمواجهة مصيره. وقد أوقعت علينا أحكام وحكام لم نرض بحكمهم ولا أحد سألنا عنهم فبذلك أصبحنا كالقطيع يجرجرونهم إلى أي مكان دون توجيه وسابق إنذار. ولم يدم هكذا في هذا الجيل من الشباب المثقفين الموهوبين الذين تنير شمعة الحرية في فؤادهم. فكل أخذ على عاتقه المسؤولية الكبرى للوصول إلى الحرية. نعم إن الحرية والمسؤولية توأمان، لو انفصل أحدهما عن الآخر ماتا جميعاً. ویمکنکم تصور مدى خطورة هذا العمل في ظل سلطة أصبحت تُجرّم الكلام، وتعامل المعارضة كما لو كانت إرهاباً، ولا تقبل أي انتقاد أو رد فعل من المجتمع. فقد اعتقل آلاف المواطنين السعوديين من كافة أطياف المجتمع، واعتقل المزيد من النقاد لأسباب واهية، حتى أصبحت حملتها القمعية أكثر دموية. ففي ظل هذه الاعتقالات أخذ النشطاء الأحرار على عاتقهم مهمة مواجهة السلطة الأكثر بوليسية - حسب مركز كوينسي للدراسات – بحسابات لم تشهر بهويتهم. 


قد استمر عمل هؤلاء الأحرار في الساحة وما كانت مطالباتهم لا تتجاوز أكثر من الحصول على عيشة كريمة وحرية في ابداء الرأي. وقد كانوا مؤثرين فعلا بحيث استطاعوا وصول مطالبهم للترند وبينوا مدى هشاشة السلطة السعودية بكسر تاق الذي كانوا يطالبون من خلاله. وليس هذا بغريب فحسب منظمة Freedom House العالمية، السعودية استهدفت المعارضين والمنتقدين في 14 دولة، بما في ذلك الاستهداف داخل أمريكا، وأن هدفها هو التجسس على السعوديين وترهيبهم أو إجبارهم على العودة إلى المملكة وبالطبع هؤلاء المنتقدين كانوا من أبناء هذا الوطن.


لم ينحصر هذا التجسس على المنتقدين الذين يعيشون خارج البلاد بل طال المواطنين الذين يعيشون في السعودية ومن بينهم معتقلي النحل. كرست السلطة السعودية منذ مجيء محمد بن سلمان جهودها لتعزيز التجسس تحت مسميات كثيرة ووقعت عقود كبيرة مع الشركات التي تعزز الأمن سيبراني فعلى سبيل المثال وقعت شركة IronNet صفقة رسمية مع كلية MBS للأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي؛ وهي مدرسة تم إنشاؤها لتدريب سعوديين في مجال التجسس الإلكتروني، وكان للقحطاني وكيلاً في حفل توقيع الصفقة. فقد كان القحطاني عضواً ناشطاً في منتديات "القرصنة على الإنترنت"، وكان يسعى لشراء أدوات قرصنة، حيث قام بشراء برنامج تسلل يدعى Blackshades، والذي يمكنه إصابة أجهزة الكمبيوتر المستهدفة، والاستيلاء عليها وتنشيط كاميرا الويب والتحكم بكلمات المرور وأطلق القحطاني مشروع يدعىHaboob" " في بداية 2022؛ وهو مشروع يجند قراصنة ألكترونيين حسب موقع Intercept.
لا أريد الاطالة والزيادة في مجال التجسس السعودي والذي طال الكثير من المواطنين على منصة اكس وتسبب باعتقال كل من عبد الرحمن السدحان وتركي الجاسر بل امتد إلى كل من جيف بيزوس والاعلامية غادة عويس والصحفي الكاتب بين هابرد. لأن كتابة هذه الفضائح تحتاج إلى جهد كبير ومع الأسف أنها تشوه سمعة بلدي. 

أصبحت السعودية مثالاً صارخاً في الاستبداد الرقمي، حيث تستخدم الحكومة تكنلوجيا الإتصال لترويج المعلومات المضللة بين مواطنيها، وجمع البيانات ونشر برامج التجسس كتطبيق أبشر وتوكلنا وغيره واختراقهم وتعقبهم. وأنا بصفتي مواطن سعودي أرفع القبعة لهؤلاء الشرفاء والأحرار الذين ضحوا بأنفسهم في عصر الإستبداد الرقمي من أجل اعلاء كلمة الحرية وواجهوا ما يصعب على الكثير حتى تخيله فمثلهم كما يقول مالكوم إكس "إذا لم تكن على استعداد للموت في سبيل الحرية، فعليك أن تشطبها من قاموسك".