مقالات

“الشورى الشعبية أساس العدل”

إن العدالة والمساواة الشورية (المشاركة الشعبية في القرار السياسي) والحرية والتعددية والكرامة والالتزام بالروح السلمية وسائر حقوق الإنسان التي عرفها البشر بالطبيعة، وهي وظيفة الدولة في صيانة الحرية والكرامة والتعددية في الرأي والسماح بقبول الاختلاف والتعايش معه في إطار الأمة الواحدة.

إن من وظائف الدولة هي حفظ حقوق الناس وحريتهم، والقانون في الدولة وسيلة لا غاية، وغايته تحقيق مصالح الناس، ويخضع القانون أيًا كان لمبدأ المشروعية، فجميع القوانين غايتها الدفاع عن حريات الناس وحقوقهم الطبيعية، وعن الأمن والسلامة الجماعية وحماية البلاد والعباد. ومن أجل ذلك لا يجوز أن تصدر الدولة أي قانون ينال من حقوق الناس وحرياتهم المشروعة، فيحد من حرية الكلام عبر المنابر أو الصحف أو وسائل الأعلام، أو يحد من حق الناس في الاجتماع السلمي، أو يحد من حقهم في مطالبة الحكومة بإنصافهم من أي إجحاف.

إن الحكومات تستمد مشروعيتها من حماية الحقوق الطبيعية للبشر، التي أكدتها الشرائع، فإذا أخلت فإذا أخلت بهذه الحقوق فقدت أساس مشروعيتها.

ومن أجل ذلك فإن معارضة أي قانون يخالف مبدأ المشروعية، أنت مشروع لأن معارضته مقاومة للطغيان، وهذا المبدأ لم يغب عن الفكر السياسي في الإسلام، فقد جسده أبو بكر الصديق بقوله: “إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني”.

إن أي حكم يريد الاستمرار، لابد أن يكون حريصًا على إقامة العدل والمساواة، ولابد أن يضع نصب عينيه على الدوام أن علاقة الحكومة والشعب أساسها الرضا والاختيار، فالحكومات إنما تقام لخدمة الشعب.

ثمة معادلة، إن الشعوب التي لا تعطى الحقوق لا يمكن أن تقوم بالواجبات، والشعوب لا تحكمها القوانين المكتوب فحسب، فالناس لا يحتاجون إلى من يفتيهم بالتمرد والثورة عندما يطفح الكيل، وتتنامى الأزمة إلى غاية الانسداد، التي لا يعود بعدها للصبر من جدوى، ومتى اعتدت الدولة على حقوق الأفراد، ستواجه بالعصيان والقلاقل، سواء أنص القانون على مشروعية العصيان أو تجريمها، فالعصيان ينبع من حجم الإحباط واليأس والغضب، الذي يتولد عند الأفراد والجماعات ضد النظام، وهدا ما يشهد به تاريخ الثورة الفرنسية والروسية والصينية والإيرانية، وهذا ما يدل على الانقلاب الأتاتوركي على الخلافة العثمانية أيضًا.

من أجل ذلك لابد من أن تدرك الحكومة الملكية طبيعتها ووظيفتها، أنها وكيلة عن الشعب، وأن الشعب وهو ولي أمر نفسه، وأن تحقق جانب العدالة، ملتزمة بالطرق التي عرفها الناس، وأيدها، وهي أنه لا عدالة من دون شورى شعبية ملزمة.