مقالات

غزة والسياسة السعودية (2)

الكاتب/ة عماد الجاسر | تاريخ النشر:2024-06-01

 قبل اكتشاف البترول وفي عهد الملك عبدالعزيز حيث كانت الدولة حينها تعتمد مصادر دخلها على ضرائب على رعاية الماشية والزراعة في الاحساء وبعض الضرائب والزكاة عرض جون فليبي المعروف بعبدالله فيلبي بناءً على طلب من تشرشل أن تشرف المملكة بطريقة ماَ على المقدسات الاسلامية في فلسطين مع دعم حق اليهود بوطن لهم في فلسطين، وفي نفس الوقت فإن بريطانيا تقدم هبة قدرها 200.000 جنية ذهب وهو رقم يعد في وقته كبيراً وثروة، لكن حسب ما ورد من حافظ وهبة و "اخ الملك عبدالعزيز" الامير مساعد بن عبدالرحمن تشاور مع مستشاريه وإخوانه في حينه ولخوفهم من ان تقبل هذه الهبة سوف يؤدى الى سلسلة من الدخول في صراعات في المنطقة مما يؤدي الى وأد هذه الدولة الوليدة وصفت هذه الهبة حسب الدارجة السعودية بـ(معاطن الابل) او (خضراء الدمن).

ادرك عبدالعزيز ان حساسية هذا الامر، لذلك اختار تجبنه، اليوم للأسف في الحديث عن غزة ما بعد الحرب بدأت هناك بوادر لاتخذ مسار مغامر بالتدخل في هذا المكان الشائك تاريخاً والحساس عاطفياً على شعوب المنطقة خاصة و المليار ونصف مسلم.

النظام السعودي بهذا التوجه الشاذ، وهذه المغامرة الغير حكيمة يخاطر مخاطرة دولية في مواجه ليس فقط شعبة بل في وجه شعوب المنطقة كاملة، مما سوف يعزز التطرف ويغذي العنف والرغبة في الانتقام، ومع الأسف فإن مخاوف الجيل الاول تتحقق على ايدي الجيل الثاني.

إنما هذا ليؤكد إلى أي مدى يمكن ان يصل مدى الانحطاط السياسي السعودي ولو كان ذلك لا يقارن بثقل دولة مثل السعودية.

مع انخفاض الاهتمام تجاه الأمير محمد بن سلمان وبدأ تلميحات غير مباشرة عن الحالة الصحية للملك سلمان، العائلة الحاكمة تشعر ان محمد بن سلمان قد استنفذ كل اوراقه، وهنا يأتي الرجل المفضل لدى الاسرائليين والامريكيين والذي بدأ تهيئة الرأي العام ليكون الملك القادم وهو الأمير خالد الفيصل، والذي يتمتع بعلاقة مميزة وخاصة مع الغرب والدولة العميقة تعززت مع الزمن من خلال مؤسسة الفكر العربي والذي بدأت ارتباطه بالحركة الصهيونية منذ عام 1961 في الولايات المتحدة الأمريكية.

لقد لعب الأمير سعود الفيصل وتركي الفيصل دوراً ضاغطاً على ياسر عرفات للقبول بالاعتراف بالكيان المحتل وبل اطلاق حملة اعتقالات ومحاكمات لأعضاء المقاومة، لم يكتفي الأبناء بما فعله الملك فيصل بل استمروا اكمال هذه المهمة مما نتج عنه اتفاق أوسلو"الأرض مقابل السلام".

نفس قواعد اللعبة في  1967"حرب الأيام الستة" تتكرر في 1993 "اتفاقية أوسلو" والتي أبقت الجيوش العربية المحيطة بالكيان المحتل مشغولة في استعادة ارضيها المحتلة وابقاء الفلسطينيين مشغولين على المدى الطويل اللامنتهي في محاولة الاستقرار، واشغال الشعوب العربية بالقضية الفلسطينة، وعزز ذلك تغذية الفساد المالي لدى الفئة الموالية للكيان المحتل مثل محمود عباس.

7 أكتوبر أثارت زوبعة وتغيير للأوراق وقلق عميق لدى الساسة السعوديين حيث لم يكن هذا في الحسبان ولم تكن قدراتهم السياسية قادرة التعامل مع هذا النوع من الحرية و الكرامة الغزاوية.

غزة كشفت الاقنعة ونفاق الجميع، وهذا لن يمر على قلوب شعوب العالم دون أن يكون مؤثراُ بشكلٍ ما.

الغضب الشعبي العالمي لم يجد حتى الآن من يضع عليه اللوم، تخطئ السعودية اذا مضت في سياستها الحالية حيث سوف يصب عليها العالم جام غضبة.