شهدت العقود الماضية مستبدين كثر كمعمر القذافي، أدولف هتلر، صدام حسين، ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ إل ورئيس أوغندا السابق عيدي أمين. والسؤال هنا هو كيف أصبح هؤلاء الأشخاص مستبدين وكيف نجحوا في ذلك؟

في هذه المقالة أشرح كيف يمكن لشخص أن يكون مستبداً بشكل تدريجي، خطوة بخطوة، وليس فقط لفهم طبائع المستبد والآليات التي يستخدمها لاستدامة استبداده ولكن أيضاً حتى لا تكون أنت مستبد وتتنبه لذلك فتتجنب أن تكون مثلهم. 

أولاً: حدد قضيتك أو هدفك في الحياة

صدام حسين جعل قضيته بعث قيم العروبة وجعلها الهوية العظمى لحزبه ولكل مواطني العراق على الرغم من تنوع أعراق وأطياف الشعب، وعليه أقصى صدام عناصر مهمة من الشعب العراقي بل وارتُكبت جرائم ابادة في حقهم، كما حدث في مجزرة حلبجة التي ارتُكبت ضد الأكراد سنة 1988. أدولف هتلر استخدم نفس الآلية وكان جوهر قضيته إيمانه بأن القبائل الجرمانية هي المجتمع الرئيسي في ألمانيا وهو العرق الأنقى بحسب فهمه للجنس الآري، وعليه أقصى وأباد أدولف هتلر اليهود الألمان وغيرهم من الأقليات وجعل السلطة في يد عرق واحد وهو الجرماني. قد يظن البعض أن هذه الأمثلة من الماضي وقد لا تنطبق على وضعنا الحالي لكن في الحقيقة هناك نشطاء بل ومعارضون للسلطة في السعودية ممن يمارس نفس هذه الآليات، كالذين يؤمنون بحكم الأشراف ووجوب عودتهم للحجاز. 

ثانياً: وحد الزي الوطني واجعله الزي الرسمي للبلاد

صدام حسين، أدولف هتلر، عيدي أمين كيم جونغ إل كلهم جعلوا الزي العسكري هو الزي الرسمي لأحزابهم وحاشيتهم. وكلما التزموا بهذا الزي كلما أثبتوا ولاءهم لمن هو في السلطة. فصدام حسين والمقربين منه لم يلتزموا فقط بالزي العسكري بل كانت لهم جميعا نفس الشوارب حتى كادوا يتطابقون في المظهر ويصعب التمييز بينهم. معمر القذافي اخترع زي جديد مزج فيه الزي الليبي التقليدي المسمى بالجرد لكن برسوم وألوان أفريقية متعددة ليرسم في أذهان الناس من خلال زيه أنه لا يمثل ويقود ليبيا فحسب بل القارة الأفريقية برمتها. ولحسن الحظ أن الشعب الليبي لم يتبع موضة معمر القذافي. 

السلطة السعودية تعمدت توحيد الزي السعودي وقصره في الثوب والشماغ وأجبرت المواطنين على ذلك من خلال سن قوانين خاصة في الدوائر الحكومية كأن تكون صورة المواطن المصحوبة مع النماذج الرسمية بالشماغ، وأن لابد من لباس ثوب لدخول هذه الدوائر الحكومية. ومع الزمن محيت الأزياء الشعبية الأخرى كالحجازية والجنوبية وتعرضت السلطة لانتقادات لأن في توحيد الزي محوٌ للتنوع الجغرافي والثقافي الثري للبلاد فقرر الملك عبد الله حينها تغيير نمط وأهداف مهرجان الجنادرية الثقافي كنوع من الإصلاح واحتواء القبائل باعطائهم مساحة محدودة للتعبير عن ثقافتهم من خلال الأزياء والموسيقى لكن بسمة نجدية. فالحقيقة تبقى كما هي أن مهرجان الجنادرية ما زال يعقد في نفس المكان سنوياً وهو العاصمة الرياض معقل السلطة وأن الاسم هو الجنادرية والذي يعني روضة يستقي منها أهل الرياض. 

ثالثاً: تحتاج إلى فريق

لا يمكن لأي مستبد أن يحقق مهمته وقضيته التي يؤمن بها وحده مهما ظن أنه قادر ومتميز فوق المعتاد فلابد من فريق حوله يساعده في ذلك. هذا الفريق يحتوي على منظم ومساعد ورؤساء عسكريين وخبراء ماليين وإعلاميين ليروجوا لفكر المستبد ومعتقداته. صدام حسين مثلاً جعل من أقاربه وأولاده رؤساء حوله لمساعدته في قضية اعادة بعث العروبة لكن اعتمد اعتمادا شبه كلي على نائبه عزة ابراهيم الدوري. أدولف هتلر اعتمد اعتمادا كلياً على مساعده مارتين بورمان الذي كان يكتب ملخصات في الأحداث الراهنة مقرونة بنصائح مقدمة لهتلر. في كل قصة مستبد تجد أن لديه الذراع اليمين التي يعتمد عليها ويسلمها المهام الصعبة. ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جعل من سعود القحطاني مستشاره وذراعه اليمنى وسلمه مهمة قتل وتقطيع جثمان الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا.
لمعرفة الخطوات الأخرى ترقبوا مقالتي في الشهر القادم.