مقالات

وطن الزنازين

الكاتب/ة وطن الحامد | تاريخ النشر:2021-09-30

أ يفهم أحدًا منهم ما معنى الوطن؟ دون أن تتغنى حناجرهم الحانقة من مرارة العيش التعيسة بأسماء من صادروا أصواتهم! معنى الوطن الذي يسمى به دون هز أجسادهم التي تجر خيبة الحاجة العسيرة على أنغام الحكام الذين أباحوا تكبيلها وضربها وزجها بالسجون! إن الوطن يا سادة يَسِعُ الجميع بخيراته لا محاولة مصادرته، أن تجني ثمار الإنجاز التي قامت بمشاركة أجدادنا بدمائهم وأرواحهم وتضحياتهم لا باحتكاره على سلالة ما، أن لا يقوم أحدهم بتشبيكه ومعاملة مواطنيه كالقطيع المنقادة، الوطن لا يعني نخلة أو أرض أو بيت وعائلة! إنما يقوم على حقي اتجاهه وحقه إتجاهي، أن تكون الحقوق أعمدة أساس بنائه، علينا وعليه، وطنًا حقيقيًا حيث تكون فيه كريمًا حرًاأبيًا غنيًا لا تضام ولا يؤخذ حقًا بسيطًا منك حتى تقطع يد من حاول أخذه قسرًا منك أو خلسة. هنا يكون المعنى الصادق للوطن الذي أتغنى به وأحب وانطرب. لكن هذا المعنى السامي غائب، لا وجود له كما لا وجود لنا في بقاعه التي اتسعت فيها بالمستبدين وأضافوا علينا، معنى مظلم مدجج بالسواد ومخفي عن العقول، مسدلين عليه زنازين وقيود ومظالم ومواجع، من ينادي بها يتجرع الويلات والعذابات والنفي .. إن التهاون الجمعي عن هذا الحق العظيم يجعلني اتسائل: لمَ لم يكترثوا عن منازعة حقوقهم ومكابدة واجباتهم تجاه الوطن الحبيب؟ ألم يكتفوا بالمناضلين الأبطال الذين تحركوا أمثال المعلم والقائد والعون والساعد "أبو بلال" عبدالله الحامد ورفاقه العظماء ومما شاركهم هذا الطريق؟ لتنفك هذه السبحة المتراكمة حتى تتدافع وتخرج عن السائد؟ وفي ذكر الأحباب والأصحاب جزء لا يتجزأ عن واجباتنا وهو لب كلماتي التي اكتبها على استحياء ومن وراء حجاب اتجاه من أقدموا في طوابير الحق وسبقونا وقدّموا للوطن أعمارهم وأرواحهم وراياتهم التي وأن غابوا لا تزال في سماءنا ترفرف على نسائم الحرية. أنه احتقار ودهس آلامهم وأوجاعهم وجروحهم التي لا تندمل، التي فتقت إثر الكلمة التي جاهروا بها بدلنا منا، الذين تجمّدت أجنحتهم المحلّقة وسط سماء سوداء قد تخللها ثقوب متفرقة صنعوها لنا من أشعة الشمس، الذين حملوا الكلمة على أكتافهم وجعلوها نُصب أعينهم وصابروا على على قساوة ما جنوه منها، تحملوا العذابات النفسية والجسدية والظلم المرير المديد والسنوات المأخوذة قسرًا من عداد أعمارهم،الذين ما أن ران صمتهم لم يسمعوا قط إلا أصوات القيود التي تضرب على أجسادهم، والأحكام الثقيلة التي تجري على أنين تعذيبهم، في وقت كانت أسماعهم تود أن تترنم على أصواتنا من بعدهم، أن لا تخمد جهودهم وتذهب و تذروها الرياح، يا خيبة ظنونهم منا، نحن الذين لم نستطع أن تكون لنا الكلمة الثقيلة، مُثقلة بالمعنى، اخمدنا أصواتنا عن الظالم، وخارت قوانا لدفاع عنهم ومجابهة من يريد أن يعمّر هذا الظلم على أرواحهم الطاهرة، ونفذت ذخائرنا في مجابهة المذلة والاستعباد، يا خيبتهم ويا واجبنا تجاه شجاعتهم التي مهدت لنا الطرق الوعرة، يا للرعيّة الحمقاء نحن نتناساهم في حين الجلاد يتمتع بخفة أصواتهم التي جرّحها الصراخ .. أعزائي الذين لن يقرؤوا السطور التي كتبتها وأنا أذرف دموع القهر والوجع وقلة الحيلة، ما أن يأتي وقت ينقشع ظلامكم الذي اُجبرتهم عليه،وتخرج في سماء الوطن شمس واضحة وكاملة من غير ثقوب أو غيوم سوداء تحجبها، في حين أن الخوف قد زال في إزالة أصفادكم، وأصبحتم لا ينقادون لها، وتلبّس المستبد اللئيم ثيابه التي يستحقها من تحسيرٍ وشقاءٍ ومهانة، وظهر الحق وزهق الباطل، سنجتمع معًا فوق رحابة الأرض بنا وتحت سماء لا حدود لها من الحرية، سلامي من تحت سقف غرفتي المُهترئ الذي لا يكاد يسترني، إليكم أحبتي أبطال الوطن الحقيقيون.