مقالات

أقلام مغيّبة | سيطرة الحكومات على التربية الاجتماعية

إن الذي يتأمل واقع أكثر الحكومات العربية اليوم، يدرك أن عدوانًا عظيمًا يمارس آناء الليل وآناء النهار، ضد حقوق الإنسان في مجال التربية الاجتماعية عامة، والتعليم خاصة.
في الزمن القديم كان الحاكم لا يتدخل في شئون التربية إلا قليلًا، وكان السلطان مختصًّا بثلاثة أمور: حفظ الأمن الداخلي وحفظ الأمن الخارجي والإشراف على القضاء. وكان يترك الناس أحرارًا في مجال التعليم والتربية، واليوم ظهرت الدولة الحديثة التي تشرف على الأفراد والجماعات من المهد إلى اللحد، وتتدخل في معاشهم ومراكبهم ومساكنهم وتزاوجهم، وتعليمهم وكافة شئون حياتهم. فصار المستبدون يفسدون بناء المجتمع، ليتفكك وينشغل الناس بالصراعات الإقليمية والقبلية، أو بالرفاة والثروة، أو بالمجون والتسلية، لكي ينصرفوا عن شؤون الحكم. إذا كان تخدير الشعب في الزمن القديم ينتج مشاكل، فإن تخديره اليوم يثير كوارث؛ لأنه أصبح مجال حقوق الإنسان التربوية أكثر انتهاكًا.
إن الأصل يكون الحكام على دين شعوبهم لكن هذا لا يكون إلا إذا كان الحكم شوريًّا، وفي الحكم الجبري يصبح الناس على دين ملوكهم، وأصبح دين الملوك هو القمع والقهر والاستبداد والاستئثار، وتوظيف آلة الإعلام إلى منصات تبث ما تريد تلقينه من تزييف وخداع وكذب لأنها أذرع للمستبد في تعليم ما يهوى أن يراه ويسمعه.
لابد من أن يتكتل المجتمع المدني، فالاستبداد لا يزول بالمقالات والنصوص بل بالبنيان المرصوص، لإقامة النموذج التربوي الذي يؤسس على أخلاق القوة والشجاعة، وأخلاق الكرم والنضال والمبادرة، وعلينا أن لا ننساق كالقطيع، ويجب على الناس أن يدركوا أن وظيفتهم هي القوامة على التربية الاجتماعية، وأنه ليس للحكومة في ذلك قوامة.

نقله النص: وطن الحامد