مقالات

إلى قادة الثورة السورية

الكاتب/ة خلود العنزي | تاريخ النشر:2025-01-07

منذ أن قدح شرارة الربيع العربي في تونس محمد البوعزيزي-رحمه الله- وامتدت شرارة تلك الاحتجاجات على نطاق واسع إلى مصر، ليبيا، اليمن، سوريا، البحرين وغيرها من الدول، وكأن الشعوب العربية منذ ذلك الحين تعاهدت مع بعضها البعض وأقسمت على إسقاط الطغاة، بتنا فعلاً كالجسد الواحد نفرح لانتصاراتنا كما فرحنا باسقاط نظام حسني مبارك وباركنا وصول محمد مرسي -عليه رحمة الله- إلى سدة الحكم، ليس لأنه الرئيس مرسي ولكن لأنها أول خطوة نحو تجربة ديمقراطية ضمن انتخابات حقيقية نزيهة تحدث لأول  مرة في وطننا العربي! 

ولكن لم يُكتب لفرحتنا أن تتم ولا لثوراتنا كعرب أن تنجح وتواصل طريقها نحو الثبات، حيث تحالف المستبدين ضد الشعوب الحُرة وقادوا الثورات المضادة لافشالها، او كما حدث في تونس التي تفائل أغلبنا بوصول قيس سعيّد إلى كرسي الرئاسة قبل أن يُظهر وجهه الاستبدادي الذي كان يواريه خلف خداع الجماهير، إلا في الانتفاضة السورية ضد نظام الطاغية الأسد الذي عثى في الأرض فساداً، انتصرت الثورة السورية أخيراً بعد أربعة عشر عاماً تقريباً من الكرّ والفر والتهجير ونزوح أهلها وقتلهم  والمواجهة بالسلاح. 
في يوم الأحد في الثامن من ديسمبر الذي ضجت وسائل الإعلام بالإعلان عن إسقاط نظام الأسد، كنت قبلها بأسبوع قد أعددت لاحتفال يجمعني مع صديقاتي في المنزل، كان احتفالاً حقيقياً وفرحة،  قبل أن يصلنا ذلك الخبر فكانت الفرحة فرحتين وكأنه عيد! و ما من أحدٍ كان بامكانه النوم، تبادلنا التهاني وشرعت اتصل بصديقاتي وأصدقائي السوريين لتهنئتهم، وهاتفت أقاربي في السعودية، كان فرحنا واحد كأننا شعبٌ واحد حقا. 

كنت وما زلت أتابع الأخبار بشغف أول بأول، إذ كانت أول الانتصارات هي بإسقاط الطغاة ومنها تبدأ قصة التأسيس، والمشوار الذي تناضل لأجله الشعوب قد يطول! 

أينما وجدت مقابلة للقائد أحمد الشرع تابعتها، فوجدت من يمتدح صفاته ويذكر مناقبه في أكثر من فيديو مطوّل ، لكننا في النهاية أمام سُلطة وحُكم تحتاج إلى أفعال، إلى أن وجدت لقاء آخر من بين اللقاءات الأخرى، على قناة العربية الحدث أُجريت معه، تابعتها بحضور تام واتفقت معه مثلاً في ضرورة الالتفات للبناء اللازم لدولة كسوريا عانت من الفرقة والطائفية وسلب الحريات والقمع، فهي بحاجة لأن تتعافى لا أن تصارع وتخلق العداوات التي حتى وإن وجدت ينبغي محاولة امتصاصها بشتى الطرق إلا طريق التملق السياسي! 
فالوضع عندما تكون رئيساً يتطلب قدر من الديبلوماسية لا أن تتحدث بمنطق الثائر والمقاتل، ولكن الشعوب بحاجة إلى طمأنة واتخاذ موقف أقلها هو الصمت بدلاً من تصريح محافظ دمشق على سبيل المثال عندما قال" إسرائيل ليست خصماً ! "  
أيضا صرّح الشرع في نهاية اللقاء بقوله " لن نسمح بأن تكون سوريا محطة لتهديد دول المنطقة " هنا البراغماتية  تبدو بديهية ومفهومة أن تنظر كل دولة إلى مصلحتها وهذا هو جوهر العلاقات الدولية الواقعية ولكن بعيداً عن المساس بسيادة الدولة نفسها بتقديم التنازلات التي لا تليق بدولة حُرة كسوريا التي حتماً ستتسع للأحرار من كل مكان. 
وتهديد الدول المقصود مُبهم! لأن الدول ذات الأنظمة المستبدة يهدد أمنها ويزعزعه منشور على تويتر! 

أنا ومن هم مثلي من الأحرار الذين ما فتئوا يقفون مع بعضهم بصرف النظر عن جنسياتهم وأديانهم وأيديولوجياتهم، نصبوا إلى رؤية سوريا الحبيبة مستقرة آمنة ومزدهرة.. 
أنا التي كنت قاب قوسين أو أدنى أن أكون إحدى طالبات جامعة دمشق لولا ظرفٍ ما جعلني أعدل عن المسار، بعد ما تعلقت بأرض الشام المباركة أسرتني وشعرت فيها بالطمأنينة والسكون لم أجدها في مكان آخر، أنا التي زرت سوريا أبان ثورتها الميمونة ورأيت القناصة بأسلحتهم، وحواجز التفتيش المكثفة، وعانيت من انقطاع الإنترنت وغيرها.. أنا التي صليت في الجامع الأموي، ورأيت بأم عيني وبالخط العريض كُتب على أغلب الجدران " الأسد أو نحرق البلد" اشتقت لجبل قاسيون وروحي تهفو لزيارتها يوماً ما .. 

أما بخصوص تصدير الثورة السورية، فأنا بودي أن أطمئن القائد أحمد الشرع وأقول له: أن الثورة لا تحتاج إلى تصدير! 
فالمواطن الذي يرى الظلم بهضم حقوقه وسلبها من قِبل الحاكم، وقمعه وقهره بشتى الوسائل وتكميم فمه .. كلها ستكون أسباب كافية لأن تخلق منه ثائراً على الاستبداد وأهله. 
فالثوار ليسوا بحاجة إلى تصدير ثورة سورية أو إيرانية، حكومات دولهم أهدتهم أدوات الثورة الكافية.