مقالات

غزة ليست أسطورة، بل هي حكاية دم وعذاب، والحقيقة غائبة في صمت العالم

الكاتب/ة صلاح الطناني | تاريخ النشر:2025-01-09

في غزة، ليس لدينا أساطير تُحكى ولا أبطال خرافيون. نحن بشر، بشر لا أكثر، نعيش على أطلال الأمل الذي يحترق في قلبنا يومًا بعد يوم. نحن أطفال يلعبون بين الحطام، وأمهات يغمرهن الخوف والدموع، نبحث عن مأوى، عن لقمة، عن حرية تحترم إنسانيتنا.
لكن العالم، الذي يصمت ويشاهد، يصر على أن يجعل منا أساطير. يصفنا بالتماثيل الصامدة، القوية، الذين لا يعرفون البكاء ولا الضعف. يكذبون علينا، يكذبون لأن ذلك يخفف من وطأة الحقيقة. لأن في كل صرخة لنا، في كل دمعة، هناك إدانة لهم، لإحجامهم عن الفعل، لصمتهم المتواطئ.

نحن لا نريد أن نكون أساطير. نحن لا نريد أن نصبح رموزًا في عيون العالم، ليتغنوا ببطولاتنا ليشعروا بالتفوق على وجعنا. نحن لا نحتاج إلى تمجيدنا ونحن تحت الركام. نحتاج أن نُسمَع، أن تُحسَّ آلامنا، أن تُشاهد استغاثاتنا. أن يعرف الجميع أن هناك بشرًا يعانون في صمت، وسط القصف والجوع، وسط شتاء قارس لا يرحم.

أصواتنا لا تتردد فقط في الزمان والمكان، بل هي صرخات إنسانية لا يحق لأحد أن يحولها إلى أسطورة. لا نريد أن نكون مجرد حكايات تكتب في عيون الإعلام ليشعروا بأنهم قد فعلوا ما بوسعهم. نريد أن نعيش. نريد أن نشعر بالأمان. نريد أن يرانا العالم كما نحن، بشرًا يرفضون الموت من أجل حقهم في الحياة.
غزة ليست أسطورة ولا يجب أن تكون. نحن أحياء، نشعر، نؤلم، نحب ونحلم. نحن أكثر من مجرد صورة تُعرض على الشاشات. نحن أرواح، ونحن مستعدون أن نموت من أجل الحرية، لكننا نريد أن نعيش بكرامة أولًا.

إلى أولئك الذين يتفرجون من بعيد، الذين يصفوننا بالصمود: أفيقوا، نحن بشر كما أنتم، نحتاج إلى أن تُسمع أصواتنا، لا أن تُصنع منا أساطير