أخبار

التوازن السعودي الصعب أصبح مهدداً بالتعثر بسبب اقتراح ترامب الأخير بشأن غزة

تاريخ النشر:2025-02-09

في مقال رأي للكاتب لكيم غطاس، 
رأى الكاتب لكيم غطاس، أن على ولي العهد السعودي أن يتذكر أنه يمتلك أوراق مساومة رئيسية في تعامله مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ يريد الأخير من ولي العهد أن يستثمر تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي، ويساعد في خفض أسعار النفط.
وتساءل في مقال رأي كتبه في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية: "هل تستطيع المملكة الحصول على اتفاقية دفاعية مع ترامب، وصفقة تطبيع مع إسرائيل، التي تتهمها بارتكاب إبادة جماعية، بينما تفي أيضًا بوعدها بإقامة دولة فلسطينية، مؤكدا أنه واحد من أكثر التحديات الدبلوماسية تعقيدًا التي واجهتها السعودية على الإطلاق، خاصة مع رئيس أميركي يصعب التنبؤ بسياسته.
وأشار الكاتب إلى أن السعودية كانت تمر بأسابيع جيدة، حيث تحركت بسرعة لاستغلال الفرص في منطقة جرى إعادة تشكيلها بشكل جذري في أعقاب مجزرة السابع من أكتوبر التي نفذتها حماس ضد إسرائيل، والحرب التي استمرت 15 شهرًا في غزة، والعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان.
ولفت إلى أنه سرعان ما جاء لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، مما أدخل بعض الفوضى إلى المشهد.
وذكر بأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، استقبل الرئيس السوري المؤقت الجديد أحمد الشرع في الرياض، وكانت الرياض، قبل ثلاثة أشهر فقط من استقبال الشرع، قد استضافت الرئيس السابق بشار الأسد، بعد أن اضطرت على مضض إعادة التعامل معه بعد أن دعمت التمرد ضده منذ عام 2011، مشيرة إلى أن الأسد أصبح الآن في المنفى في موسكو.

وقال الكاتب: "كان سقوط الأسد نتيجة غير مباشرة للحملة العسكرية الإسرائيلية، التي أضعفت إيران ووكلاءها، فحينما زحفت جماعة هيئة تحرير الشام المسلحة من إدلب باتجاه دمشق، لم يجد الأسد أحدًا يستنجد به ".
وأضاف أن السعودية سارعت أمام هذا الواقع الجديد، لملء الفراغ الذي تركته إيران وحزب الله، بينما أظهرت دول مثل مصر والإمارات ترددًا.
ورأى الكاتب أن الرياض تجنبت الخطأ الذي وقع بعد عام 2003، عندما رفضت معظم الدول العربية، الغاضبة من واشنطن بعد الغزو الأميركي للعراق، الانخراط الكامل مع العراق الجديد، تاركةً المجال مفتوحًا أمام طهران.
وأشار إلى ان حزب الله في لبنان، فرض قبضته على البلاد منذ مشاركته في اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني السابق والمقرب من السعودية، عام 2005، وبحلول عام 2017، انسحبت السعودية من هناك.
ولفت الكاتب إلى أن الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير تسبب في إضعاف حزب الله بشدة، حيث أطاح بعدد من قادته وهو الأمر الذي دفع كبير الدبلوماسيين السعوديين لزيارة بيروت قبل أسبوعين، في أول زيارة على هذا المستوى منذ 15 عامًا، بعد أن ضغطت السعودية وفرنسا وحلفاء آخرون على لبنان لانتخاب رئيس جديد أخيرًا.
وأكد أن السعودية تمكنت رغم كل ما تقدم، من الحفاظ على علاقتها المستقرة مع إيران، بفضل التقارب السعودي الإيراني الذي تم في مارس 2023. 
وأوضح أن الرياض تسعى إلى تجنب أي صراع إضافي، خاصة إذا كان سيجعلها هدفًا للصواريخ الإيرانية، ولذلك ارتاحت لمواقف ترامب الأخيرة بشأن طهران، فقد تعود سياسة "الضغط الأقصى"، في عهده لكن هدفه النهائي هو التوصل إلى صفقة.
وجزم الكاتب بأن السعودية لا تزال تفضل تحييد عدوها الإقليمي، مع تعزيز دفاعاتها عبر اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة، كجزء من جهودها لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
ولفت إلى أن الشرق الأوسط يدخل مرحلة معقدة من التوازنات، مع قطاع غزة المدمر كنقطة ضعف رئيسية، ويمين إسرائيلي متشدد يزداد جرأة، ورئيس أميركي ينظر إلى كل شيء على أنه صفقة عقارية، حتى لو كان ذلك انتهاكًا للقانون الدولي.

وقال الكاتب: "بينما تتطلب الفرصة التي أتاحها ضعف إيران في المنطقة تحركًا سعوديًا، فإن هذا التحدي مختلف تمامًا من حيث الحجم والتعقيد."
وأضاف: "عندما اقترح ترامب الأسبوع الماضي أن تستقبل الأردن ومصر الفلسطينيين من غزة - وهو ما يعادل التطهير العرقي - بعث وزراء الخارجية العرب برسالة إلى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يحذرون فيها من عمليات الترحيل، وقال الأردن إنه سيعتبر ذلك إعلان حرب. "
وتابع الكاتب: ثم يوم الثلاثاء، وأثناء جلوسه بجانب نتنياهو، اقترح ترامب أن تحول الولايات المتحدة غزة إلى “ريفيرا جديدة”، وخلال ساعات، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا شديد اللهجة أكدت فيه أنها لن تتراجع عن مطلبها بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967. 
ولفت إلى أن أمستشار الأمن القومي لترامب، مايك والتز، أوضح لاحقًا أن الهدف من الاقتراح هو الضغط على الدول العربية لتقديم حل خاص بها لهذا “المكان غير القابل للعيش”، لكن الدول العربية قدمت مبادرات سلام منذ عام 2002، والعقبة الرئيسية أمام أي نقاش بشأن “اليوم التالي” في غزة كانت باستمرار حكومة نتنياهو.
وقال: "إذا كان ترامب يعتقد أن اقتراح أن تتنازل إسرائيل عن الأراضي للولايات المتحدة سيمثل ضغطًا على نتنياهو، فعليه أن يعيد التفكير، فالأمر ليس فقط غير قانوني، ولكنه أيضًا غير ممكن من الناحية السياسية، إذ لن يوافق الكونغرس على إرسال أميركيين إلى منطقة حرب لإعادة بنائها".
وأضاف أن ترامب أعاد إحياء حلم اليمين الإسرائيلي المتطرف المتمثل في غزة بلا فلسطينيين، محذرا من أن المكافآت ستكون هائلة، ولكن المخاطر ستكون أكبر، سواء على المملكة أو على المنطقة بأكملها.