يمكنكم الإطلاع على الجزء الأول من الحوار بالضغط هنا.

يلاحظ العديد أن العمل السياسي يقع في الخارج بمعنى أن أغلبية المعارضين أو أبرزهم وأكثرهم تفاعلا ونشاطا هم من المستقرين في الخارج؛ فالبعض يعتبر أن لارواج لأنشطة الحزب أو أنشطة العديد من المعارضين ولا صدى لها في الداخل السعودي، ويرى آخرون أن هذا العمل فقاعة يمر بمرور أزمة أو في مناسبات معينة ولا أثر له في الداخل. ولكن سبق وأن قمت بالتصريح بأن هناك اتصالات مع سعوديين في الداخل. إلى أي مدى تقبل السعوديين في الداخل هذا النشاط أي تأسيس حزب وما يعنيه ذلك من أن العمل السياسي المعارض انتقل من عمل أفراد وأصوات حرة ومبادرات فردية إلى عمل مهيكل وجماعي بشكل رسمي، وعمل حزبي منظم يهدف إلى غايات واضحة؛ خصوصا في البيان التأسيسي الذي أكد على مطالبه وشروطه وندد أكثر من مرة بالقمع أو الانتهاكات التي يجريها النظام وقدم مخرجات وتقارير وحلول وتوصيات.

 إلى أي مدى يمكن اعتبار وجود تفاعل في الداخل وتقبل لهذه المفاهيم، خصوصا وانكِ تحدثتي عن صياغة سردية مغايرة لسردية السلطة والتي  مرت بأكثر مرحلة من تبينها للقومية واهتمامها في مرحلة لاحقة بالمحلي وارثها وتراثها المجتمعي؟ 

اولا الحزب لم يخرج في الخارج الا لسبب واحد وهو انغلاق جميع المنافذ والزج بالناشطين والحقوقيين الذين يعملون في مجال حقوق الإنسان في السجون، وهذه الحالة ليست فريدة في العالم العربي، نحن نواجه هذه المعضلة في كل الدول العربية وحتى في تونس مثلا، الكويت أصبح عندها لاجئين ومهاجرين في الخارج وهي دولة تعتبر الأكثر انفتاحا في الخليج، في مصر مثلا الأحزاب التي كانت في الداخل تم حرق مبانيها واتجهت الى الخارج وأصبحت الآن موجودة في الخارج، الخارج والداخل هذه مجرد تفاصيل، الخارج هو امتداد للداخل لكن جغرافيا هو موجود في الخارج بسبب القمع أما سياسيا وعاطفيا وشعوريا هو مرتبط بالداخل بل إنه يفتح فرصة أما الداخل المغلق أن يتنفس في الخارج لأننا رغم كل المخاطر التي تحيط بنا في الخراج نتمتع بشيء من الحرية والقدرة على جميع الشمل وان ننطق بكلمة ديمقراطية، لو أحد نطق بها وكتبها على جدار في الرياض في العاصمة السعودية لزجّ به في السجن. فنحن نعتبر أنفسنا امتداد للداخل ونقدم مساحة للداخل تعتبر معدومة هناك، ولا يستطيع أحد أن يقوم بعمل حزبي مثلا منذ الربيع العربي في 2011 كان هناك مبادرة تأسيس حزب في السعودية عام 2011 وحتى هذه اللحظة يعني بعد 10 سنوات، وهؤلاء المؤسسين في السجن، هم أسسوا حزب في الداخل. وكذلك تأسيس مجتمع مدني مثلا جمعية حسم كل الأعضاء في السجن فكيف يمكن للداخل أن يتحرك والنظام له بالمرصاد. اما عن طريق التواصل فنحن في الحزب عندنا شباب وكفاءات لديهم القدرة الكافية على التواصل، ولدينا بث إعلامي مثل صحيفة "صوت الناس" و وسائلنا للاتصال بالداخل وهم يمدوننا بالمعلومة.

نحن نشعر بهموم المواطن ومن غير الصحيح ان نقول ان المجتمع يعيش مرحلة رفاهية وان اي عمل سياسي هو ترف لأن الوضع مزري، هناك ضائقة اقتصادية وعاطلين عن العمل وزيادة ضرائب على المواطنين لرفع مدخول الدولة، لذلك هناك شبة مقاطعة دولية للسعودية حيث لا تأتي الاستثمارات الخارجية بالشكل المطلوب وعندنا كل سنة عجز في الميزانية والنظام يعتمد على مدخراته السابقة حتى يصرف على المشاريع التي يقوم بها. لذلك الوضع ليس بهذه الوردية كما يصوره الإعلام وخاصة وأننا نقوم بحملات وجلسات نتحدث فيها عن هموم المواطن ونجد تجاوب شعبي كبير رغم كل القيود المفروضة على الداخل نجد ان هناك شباب يتواصلون ويتكلمون في شبكات التواصل الاجتماعي معنا وفي حلقات وجلسات كلوب هاوس وسبيسز، الى ماهناك 

ما ذكرتيه كلها مؤشرات تنذر بحراك اجتماعي حيث تعيش الدولة انتكاسة مالية خصوصا وأن أزمة كورونا عمّقت الهوّة الاجتماعية وأوضحت الفوارق الاجتماعية بين الطبقات واصبح واضحا للعديد ان هناك فقر وهي نسبة مرتفعة للغاية في بلد يعتبر من أغنى البلدان من ناحية الموارد الباطنية، هنالك ضرائب مرتفعة ورفع الدعم، هنالك العديد ممن يتحدثون عن أن التعليم سيتم خوصصته وخاصة التعليم العالي، كل هذه المؤشرات هل تنذر بحراك اجتماعي أم أن أي حراك اجتماعي مصيره القمع وإجهاضه قبل أن يظهر للعلن في دولة لديها تجارب وإرث قمعي وانتهاكات حقوق الإنسان معروفة للغاية حيث أن سجلات المملكة حافلة بانتهاكات حقوق الإنسان ضد السعوديين حتى في الخارج،  هل هذه المؤشرات ستهيكل المجتمع نحو تصورات واضحة وحراك اجتماعي على الأقل ومطالب واضحة؟

المجتمع ربما كان يعيش تحت وهم أن هناك ثروة نفطية لن تنفذ وأن الدولة ستواصل الإنفاق على المجتمع، هناك مثل معادلة أن الدولة كنظام مركزي يعتمد على أسرة حاكمة واحدة او شخص واحد الآن بالأصح توفر للمواطنين بعض الوظائف والخدمات الصحية والتعليم والبنية التحيتة مقابل الصمت وعدم المشاركة في الحكم أو المطالبة بتمثيل شعبي. هذه معادلة النظام لكنها سقطت لأن المجتمع استيقظ من ذلك الوهم، فكما ذكرت عدد المساجين السياسيين والناشطين الحقوقيين لم صمت ولا يمكن أن يصمت هي حتمية تاريخية؛ أن الشعوب لا تأكل فقط أو تنام وتتزوج إلى ما هنالك. بل عندها طموحات وخاصة أمام نظام سياسي فيه الكثير من الفساد وتبذير الأموال وسرقتها، لذلك بدأ المجتمع يعي ويتدارك التدهور بالمشاركة الشعبية وصناعة القرار حتى يكون هو مشارك في الحكم. فكل هذا يدل على أن هناك حالة وعي و حالة تململ من الحكم الفردي الذي فرض على المجتمع، مما يعني أن القمع ربما يثني البعض ولكن لا نستطيع ان نقول ان القمع يقضي على مطالب الحرية والعدالة والمشاركة السياسية. شاهدنا الكثير ممن تصدوا للنظام ويعلمون أن تأسيس الأحزاب :تابو" محرم يؤدي للسجن او تأسيس منظمة حقوقية لكنهم أسسوا ودخلوا السجن وماتوا فيه، نحن نحيي نضالهم في الداخل ونفتخر بهذا الإرث النضالي الذي قدمه الكثير من الناشطين وقاموا به رغم ظروف القمع القاسية التي يمرون بها.

يمكنكم الاطلاع على الجزء الثالث والأخير بالضغط هنا.