مقابلات

الديمقراطية والتعددية السياسية في السعودية (3) | مقابلة مع مضاوي الرشيد

الكاتب/ة أسامة سليم | تاريخ النشر:2021-10-15

يمكنكم الاطلاع على الجزء الأول والثاني من الحوار بالضغط هنا.

الدولة أصبحت تستند إلى مدخراتها والشعب بات يستيقظ من الحلم الوردي الذي يصوره النظام والإعلام والسردية التي كان يؤسسه بأن الموارد لن تنضب، هذا الاستيقاظ رافقته تغييرات جديدة سواء نحو تحديث ظاهري وخطوات تجميلية أمام المجتمع الدولي قام بها ابن سلمان ورافقه كذلك على صعيد دولي علاقات ومحاور جديدة تبنتها المملكة ولكن مع هذا، فالبعض بات يتحدث عن ان هناك صراع غير معلن بين الرياض ودبي ومن جهة أخرى أصبح هناك تسوية مع قطر وتركيا ومع الدول التي كانت في السابق على خلاف مع المملكة، كيف تفسرين هذه التصرفات وأي أثر لها على الداخل والمجتمع السعودي ؟

الضائقة المالية بدأت عام ٢٠١٤ مع انهيار أسعار النفط لكن المشكلة هي سرقة المال العام وتبذيره على مشاريع وهمية وغير واقعية، اضطر النظام أن يصرف من مدخرات الصندوق السيادي الذي بدأ يتقلص بشكل كبير من ٧٠٠ بليون إلى   ٤٠٠ بليون على ما أعتقد، هذا من جهة ومن جهة ثانية بدأ بفرض الضرائب وهذا أمر غير مألوفة في السعودية مثل ضرائب على المواطنين وخاصة ضريبة القيمة المضافة على البضائع وكذلك رفع الدعم عن الطاقة والبنزين والكهرباء، وجمّد التوظيف في القطاع الحكومي وسحب المساعدات المالية التي تُدفع لموظفي الدولة ذوي المعاش القليل، كل هذه الأمور نبّهت المجتمع أن النظام ليس بهذه القوة المالية التي يظهرها للجميع. وانت تحدثت عن الاتجاه نحو سياسة خارجية جديدة و أوافقك في هذه الملاحظة، نعم بالفعل لاحظنا خلال الأشهر السبع الماضية عند انتخاب بايدن أصبح يعني هناك قدرة للولايات المتحدة أن تضغط باتجاه مصالحات اقليمية، فبدأت السعودية بخطة سلام في اليمن على الرغم من أنه وقع رفضها، وكذلك تمت المصالحة مع قطر والتوجه نحو العراق بهدف إجراء حوارات مع إيران واستعمال الحكومة العراقية كمنصة للتقارب. كل هذه الأمور يعني تجعلنا نعتقد أن الضغط جاء من الولايات المتحدة لتسهيل الأمور في المنطقة وتغيير سياسة البطش والتكبر والتعجرف التي طبقها محمد بن سلمان ضد جيرانه منذ بداية عهده عام ٢٠١٦ و٢٠١٧.

 

المسألة اذا تتجاوز كونها ارادة سعودية خالصة للتغيير أو التحديث أو غير ذلك وكل ذلك مرتبط بالإدارة الأمريكية وما تقرره في العلاقة بالشأن السعودي الداخلي سواء التشريعات التي قام بها ابن سلمان من حد ولجم سلطة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو السماح للمرأة بالسفر بدون محرم وغير ذلك من الخطوات التي اتخذها، لكن البعض ينكر ويطمس نضالات الحركة النسوية في السعودية طيلة سنوات وعقود ويصور الأمر على أنه جرّة قلم من ابن سلمان هل ترين أن الحركة النسوية السعودية فشلت في الترويج لما قامت به من سنوات حين برز ابن سلمان في الواجهة وكأنه هو المصلح ومحرر المرأة في المملكة ؟

أولا، في علاقة بالشق الأول من سؤالك، فالولايات المتحدة تنجح في الضغط على الحكومة السعودية لتغيير سياستها الخارجية لكنها ليست مهتمة كثيرا بما يحصل في الداخل فهناك نجاح على المستوى الإقليمي في السياسة الخارجية ولكن هذا النجاح لم يكن واضح في أن الولايات المتحدة تضغط على النظام السعودي لتغيير المجتمع، لكن اعتقد ان الاجراءات التي حصلت مؤخرا خاصة في مجال حقوق المرأة وفي مجال الانفتاح الاجتماعي وجعل الحيز الاجتماعي أكثر ليبرالية، كل هذا يعني جاء من أكثر من عشرين سنة حين بدأت المسيرة، خاصة بعد صدمة ١١ سبتمبر كان هناك ضغوط دولية على السعودية لإجراء نوع من الانفتاح وتغيير المناهج الدينية إلى ما هنالك. لكن لا ننسى أن هناك حركة نسوية في السعودية هي من أقوى الحركات التي ظهرت على الساحة  حيث استطاعت أن تلفت انتباه المجتمع بكافة اطيافة وكذلك المجتمع الدولي لمعاناة المرأة السعودية وكان عندها حملات خاصة في ال١٠ سنوات الأخيرة لإبراز المعاناة التي تعيشها المرأة سياسيا واجتماعيا وعلى جميع المستويات، فهؤلاء النسوة ظهروا على الساحة من شابات وشباب ساندوهم وانصدم النظام السعودي بحملاتهم وزج بهم في السجن وآخرهنّ كانت لجين الهذلول، التي خرجت من السجن ولكنها لا تنعم بحرية حتى هذه اللحظة، فالنظام كان لا يريد أن يعطيهم أي أهمية، ولكن في الواقع هم اللاتي بدأن  الحملات وما حصل من إصلاحات بسيطة هي نتيجة الحملات النسوية، بن سلمان كان يريد ان يحسب له كل النجاح والمبادرة، لانه لايريد ان يبادر الشعب بل يريده أن يكون متلقي لمبادرات النظام فهذا ما أزعج النظام وأدى إلى سجن النسويات واتهامهم بالتخوين وانهم عملاء للخارج وزوار سفارات او عندهم تواصل مع جهات خارجية كل هذه التهم تدلنا على خوف النظام من أن يعطي العالم المبادرة والنجاح للحركة النسوية وليس لمحمد بن سلمان ومبادراته.

هل تتوقعين ان هنالك علاقة بالضغط الأمريكي للشأن الداخلي، انت استبعدت ذلك، والتركيز الأمريكي في السعودية يتعلق بالقضايا الإقليمية، لكن هل تتوقعين وجود ضغط أمريكي تجاه ملف حقوق الإنسان خاصة أنتم منذ شهرين تم اعدام شاب قاصر وإدارة بايدن أكدت أنها ستضغط على المملكة في ملف حقوق الإنسان هل لديك أي تصور حول هذه النقطة؟

إلى هذه اللحظة الولايات المتحدة لا تتدخل في الشأن الداخلي بهذا الشكل من أجل الدفع بالديمقراطية أو الإصلاح، نحن لم نرى ذلك، هنالك حديث رائج قبل الانتخابات الامريكية أن بادين سيضغط على هذه الأنظمة لتتبنى شيئا ما من الديمقراطية وتحترم حقوق الانسان لكن لم نجد ذلك فعليا الا في حالات نادرة جدا. مثلا تم إطلاق سراح لجين الهذلول لكنها محرومة من حرية السفر والتنقل واستعمال منصات التواصل الاجتماعي ولا تستطيع أن تعطي حوار أو مقابلة للصحافة. وجدنا أن الإدارة الأمريكية تحاول أن تقايض النظام السعودي وتريد أن تدفعه باتجاه سياسة خارجية معينة لكنها ليست مهتمة بشكل كبير جدا بالوضع الداخلي، هذا ما لاحظناه رغم كل الدعاية الأمريكية وكلام بايدن قبل الانتخابات خلال الحملة الانتخابية.

هل لديك أي كلمة توجهينها للشباب والشابات في الداخل السعودي حول ما يحصل وحول القضايا الحالية والمستقبلية هل لديك كلمة لهم باسمك واسم الحزب؟

باسم الحزب نتوجه  لجميع الشباب أن يعوا خطورة المرحلة الحالية حيث نلاحظ تقلص لمدخرات البلد وانهيار للاقتصاد، وأن لا تنبهروا بالمشاريع الوهمية التي يطلقها محمد بن سلمان بل ان يركزوا ويروا ما وراء هذه الدعاية الحكومية وأن يكونوا منصة تستمع لما يقوم به الحزب من أعمال تثقيفية ويقتنعوا أن المسار الديمقراطي هو الطريق الوحيد للخلاص.

 

باسمي الشخصي اشد على ايدي جميع الناشطين وخاصة أعضاء الحزب الذين بدأ يكثر عددهم ووصلنا الى مرحلة لانعرف أسمائهم كلهم بسبب العدد الكبير، نشكرهم ونشد على اياديهم لأنهم هم بصراحه من يحمل اسم الحزب ويقوم بجميع الأنشطة وكل النجاح الذي تحقق حصل خلال السنة الماضية هو نتيجة عمل هؤلاء الشباب والشابات، والمؤسسين في الحزب فتحوا لهم المجال لكنهم هم اخذوا المبادرة بأيديهم واصبحوا هم من يعمل ويبادر ويقترحون أفكار متطورة جدا. نشد على اياديهم وايضا لا ننسى رسالة المناضلين السابقين الذين فتحوا لنا الطريق رغم معاناتهم الصعبة وسجنهم ونترحم على الذين قتلوا منهم، خاصة اغتيال جمال خاشقجي عام ٢٠١٨ نحن لا ننسى هؤلاء ولا ننسى المناضلين في السجون ونترحم على الذين رحلوا عنا بسبب القمع والإخفاء والتعذيب في السجون ونتمنى ان يكون لعملنا نتيجة ملموسة وهي ما نصبو إليه، وهي إطلاق سراح جميع المعتقلين وعلى رأسهم مؤسسي جمعية حسم والشيخ سلمان العودة وفتح الحرية للحركة النسوية وعلى رأسهم لجين الهذلول للعمل الجماعي الواضح والصريح وعدم تقييد حرياتهم.