مقابلات

حقوق الإنسان وحرية التعبير في السعودية والخليج العربي (2) | مقابلة مع عبدالله العودة

الكاتب/ة أسامة سليم | تاريخ النشر:2021-10-30

يمكنكم الإطلاع على الجزء الأول من الحوار بالضغط هنا.

ولكن في هذا السياق، أي نشاطات ملموسة للحزب في الداخل السعودي، الناظر والملاحظ للحزب منذ تأسيسه يجد بيانات، مقترحات، حلول، تقارير وفضح للقمع والانتهاكات التي تقوم بها السلطات السعودية، ولكن أيّ آثار ملموسة تمسّ الداخل السعودي، هل للحزب موطئ قدم في الداخل السعودي، سواء من ناحية التفاعل أو من ناحية الحشد؟

أولا دعني أؤكد لك نقطة مهمة؛ هنالك العديد من الأعضاء في الداخل السعودي ونحن نعمل ضمن سياسة وآلية فرز متكاملة، بحيث نتأكد بأن العناصر الموجود في الداخل للحزب لا تتأثّر أو يُشَكِلُ انضمامها للحزب حرجًا لها، سواء على المستوى السياسي أو الأمني، ومن ناحية أخرى فهذه العناصر هي جزء رئيسي ممّا نسميه المقاومة الإبداعية السلمية،  لأنه -وعودة على الثقافة السياسية- في السعودية على وجه التحديد، فإن الأشكال التقليدية للاحتجاج مثل المظاهرات - وهي مهمة وضرورية في مرحلة ما- فهي ليست أكثر أهمية في السياق الحالي، فهي تشكّل خطرًا عليهم لأنّها ستمثل فرصة هامة للاستبداد من أجل الاطاحة بـالمناضلين والمعارضين، حيث سيكونون لقمة سائغة للاستبداد، لذلك تبنى الحزب رؤية مغايرة، نحن لا نريد أن ندعوا لمظاهرة لا يكون الحزب على رأس القائمة فيها أو الصفوف الأمامية، لن ندعوا لشيء لا نكون -نحن بأنفسنا- فيه، فلذلك نحن أتينا بمشروع مختلف، أكثر أمانًا ولا يلغي أو يرفض الاحتجاجات الحالية ولكن يقترح آلية أفضل ويمكن ممارسته بشكل مباشر، وهنا أتحدث عن أفكار أخرى إبداعية للمقاومة السلمية، وهنالك الآلاف الملتزمين بهذه الفكرة، لذلك انخرط الحزب بشكل أولي حيث تم إنجاز دورات تكوينية لكوادر الحزب في الاحتجاج الإبداعي،  واستفدنا كثيرا من مختلف التجارب حول العالم في خصوص المقاومة السلمية أو الإبداع في الاحتجاج السلمي، واتخذنا خطوة ثانية، بعد توعية وتكوين كوادر الحزب قمنا بمحاولة انتاج وعي جمعي لجميع المنخرطين والمتابعين للحزب ومشاريعه، حيث أنتجنا عدة أفلام وثائقية حول المقاومة السلمية، وسننتج كذلك أشكال مختلفة لطرق المقاومة السلمية، وليس فقط وثائقي حول تاريخ المقاومة السلمية في السعودية أو الخليج ولكن طرقها أيضًا.

أفهم من كلامك أن الحزب اشتغل على مستويين، المستوى الأول هو المقاومة السياسية وتتجلى هذه المقاومة  في فضح السلطات ونقدها عن طريق البيانات والتقارير، أما المستوى الثاني فهو محاربة التصحّر الثقافي الذي عانت منه السعودية وشعبها طيلة السنوات الماضية عن طريق الأفلام الوثائقية والتثقيف السياسي والمقاومة الإبداعية ؟

أتفق مع هذا الاستنتاج، وأضيف مستوى ثالث يشتغل عليه الحزب، وهو الممارسة العملية لهذه المقاومة السلمية عن طريق نشر المعرفة والوعي لعموم الشعب السعودي، في الداخل أو الخارج.

لاحظت أنك تتحدث كثيرًا عن الداخل السعودي وباقي الشعب ضمن أجندات الحزب ومشاريعه بل واهتمامهم بالحزب، في المقابل هل من الممكن أن تخبرنا عن كيفية استقبال السلطات السعودية لأطروحات الحزب وخبر تأسيسه.؟

استقبلت السلطات السعودية خبر تأسيس الحزب بطرق متعددة، على سبيل المثال قاموا بالضغط على عائلات وذوي أعضاء الحزب، أحد مؤسسي الحزب على سبيل المثال تعرضت عائلته والمحيطين به إلى ضغوطات وتحرّشات متعدد من أجل محاولة اثناءه عن البقاء في الحزب وحلّه بالكامل، ولكن وجدنا -حماية له- أن الانسحاب هو أفضل حل من أجل الحفاظ على خصوصيته وعدم تعريضه للخطر، وقامت السلطات كذلك بمحاولة القدح والشيطنة وتشويه سمعة أعضاء الحزب وضرب مصداقيتهم، فالحزب قدّم كوكبة من أبرز المعارضين والمؤثرين في السعودية وهذا الأمر لوحده يزعج السلطات السعودية، التي قامت بمحاولة دسّ بعض أعضاء المخابرات السعودية داخل المعارضة لتفكيكها أو خلق مشاكل داخلها، وكذلك الدفع نحو استغلال كل الفروقات الاجتماعية والسياسية والدينية بين مختلف الأعضاء  من أجل ضرب الحزب. هذه استراتيجية الاستخبارات السعودية، ترسل لنا عملائها كمعارضين ليصبحوا في وقت لاحق معارضين للمعارضين. هدف السلطات قدح وضرب أعضاء الحزب وبث الفتنة والانشقاق والخلاف بين الأعضاء المختلفة، ولكن كعادة الحكومة السعودية -المعروفة بالغباء السياسي- فشلت في ذلك حيث لم يتم أخذها على محمل الجد. لا وقت لنا للخلاف رغم تعددية واختلاف أعضاءه، ورغم حجم الحزب ورمزيته باعتباره الحزب السعودي الأكثر تنظمَا وحجمًا إلا أنه لا وجود للصراع بيننا، الصرع الوحيد الموجود هو صراعنا ضد الاستبداد، وهذه سمة الحزب وأعضاءه؛ الالتزام بمشاريع ومبادئ الحزب وتجنب الخلافات والمشاكل. نحن لدينا عدو واحد ومحدد وواضح، لن ولم نفقد البوصلة، ولن نتوقف حتى نبلغ هدفنا، وهو تأسيس حرية وعدالة ومشاركة سياسية في السعودية.

حديثك عن الاستبداد يقودني إلى مغالطة مهمة ورائجة للغاية؛ هي أن محمد بن سلمان يمثل منعرج هام في تاريخ المملكة عن طريق الاصلاحات التي قام بها مثل تمكين المرأة وتحجيم دور هيئة المعروف والنهي عن المنكر، كيف تنظر الى هذه المغالطة وكيف تقيّم واقع السعودية بعد بلوغ بن سلمان ولاية العهد؟

في الحقيقة، أعتبر أن بن سلمان قدم خدمات جليلة جدا لنا وللشعب عن طريق تسريعه عمليات التحديث وأن القمع والاستبداد لا يمكن أن يكون ناجحًا أو يصنع دولة أو شعب أو مستقبل، في يوم من الأيام كانت الدولة السعودية تجمع أطراف كثيرة ضمن شبكة  مصالحها والذين أصبحوا يقاتلون لأجلها وليس لأجل الوطن، لأن مصالحهم الذاتية كانت مرتبطة بالحكومة، وما قام به بن سلمان هو التقليل من هذه الشرائح المختلفة ليصبح هو وحفنة قليلة من الفاسدين المستفيدة فقط من ثروات الوطن، بن سلمان احتكر الوطن وكل ثرواته هو وحلفائه، ما سهّله علينا بن سلمان هو عملية إقناع مختلف الشرائح في السعودية، وأقصد بمختلف الشرائع عامة الشعب والموظفين، المهتمين بالشأن السياسي والاجتماعي وغير المهتمين، هذا مكسبنا من تواجد بن سلمان، سهولة تعرية الواقع وفضحه داخل العائلة الحاكمة والقبائل المختلفة، بين السنة والشيعة، بين اليسار واليمين، بين الشمال والجنوب. هذا جعل مشروع الحقوق والحريات الضامن الوحيد لمستقبل حقيقي يعيش فيه كافة السعوديين والسعوديات، لأن بطش بن سلمان ذاقه الجميع، جميع الفئات الاجتماعية، الجغرافية، الطبقية وغير ذلك، وما يقوم به بن سلمان من تفرقة داخل الشعب الواحد نقوم نحن بتوحيده وتجميعه، هذا الفرق بيننا وبينهم في النهاية، التهجير القسري على سبيل المثال لم يسلم منه أحد.

من الاقتصادي والاجتماعي يمكننا المرور للشأن الديبلوماسي والسياسي، خاصة وانّك معروف بمساهمتك في عدد من الأبحاث السياسية والجيوسياسية، كيف تنظر الى مشروع ذا لاين أو نيوم والذي يروّج النظام على أنه سيقضي على البطالة ويساهم في إشعاع المملكة، ولكن الواقع الاقتصادي يؤكد عكس ذلك، حيث أصبح الوضع الاقتصادي متردي للغاية مع ارتفاع معدلات البطالة؟

أريد أن أختصر الإجابة حول هذا الموضوع المهم لجميع السعوديين؛ الوضع الحالي للمملكة سيء للغاية، هنالك شبه عزلة تعيشها السعودية ولا يوجد حليف لها، من باكستان والتي كانت تعرف بأنها حليف تاريخي للسعودية إلى ماليزيا وتركيا ومختلف دول الخليج والدول العربية، كل يوم يتخلى عن بن سلمان حلفاءه، وليس لأنهم يختلفون معه حول الاستبداد ولكنهم يختلفون معه على الغباء، بن سلمان يقوم بأخطاء كارثية وهم لا يريدون أن يكون جزء من دفع ثمن حماقاته المتعدد، يمكن تلخيص الوضع في قصة حدث منذ ثلاثة أسابيع، عندما زار وفد أمريكي المملكة من أجل محاولة معرفة الوضع في السعودية ودراسة قابلية إعادة تأهيل محمد بن سلمان، وبعد عدة جلسات واجتماعات في الدولة السعودية وجد الوفد أن الوضع مخيف للغاية هناك، إذ أن درجة الخوف والتوجس من اتخاذ أي قرار دون الرجوع لبن سلمان تحوم لدى أغلب الموظفين وتمثل كابوس لهم، بن سلمان خلق مركزية في غاية السوء والرعب، مركزية يسيطر عليها بن سلمان والمقربون منه. انتهى الوفد بخلاصة وحيدة؛ أن بن سلمان غير قابل للتأهيل ولا حل له إلا محاولة تخفيف الكوارث وإطفاء الحرائق المسؤول عنها مثل الحرب في اليمن، وأؤكد أنّ رغبة الغرب في إنهاء عدد من الملفات داخل المملكة لا يعود الى مبادئهم ولكن لأن مصالحهم تقتضي ذلك.

في الختام؛ هل من كلمة تتوجه لها للشعب السعودي وهو يمرّ بأحلك الفترات في تاريخه، وأي رسالة يكتبها الحزب لهم؟

إلى أصدقائي وصديقاتي، رفاقي ورفيقاتي، عائلتي وكل عائلات شباب السعودية، المواطنين والمواطنات، المعتقلين والمعتقلات، وكل من يتوق لطعم الحرية، نحن على العهد، ونحن جزء من هذا الوطن ونريد أن ندفع قدر المستطاع لتحقيق أحلامكم في العيش الكريم والحقوق والحريات والعيش الكريم والانتخابات الحرة النزيهة، نريد أن ندفع قدر المستطاع لتحقيق هذا الحلم، نحن دعاة سلام ولسنا دعاة ثأر وانتقام، نريد أن يحافظ الكل على منصبه ومكانته وميزته وعلاقاته، نحن نريد تحقيق كل هذا في كنف المساواة، نريد أن يعرف كل شخص دفع ريال واحدًا أين ذهب، ومصير أموال دافعي الضرائب، وهذا يمكن تحقيقه عن طريق من يمثلهم في برلمان تعددي، نريد أن تكون السلطة تجسيدًا لأحلام الشعب لا أحلام الحكام، نعدكم، وهذا وعد من حزب التجمع الوطني بأن نكون دائمًا في جواركم ومعكم وأن ندافع على حريتكم أبد الدهر، لأننا جزء منكم وجزء من هذا الوطن، وجزء من هذه الناس، لأننا نحن حزب الناس.