بينما يُثخن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتلاً وتنكيلاً بالشعب الفلسطيني، وتحمي قواته المستوطنين أثناء اقتحامهم المسجد الأقصى وتدنيسه، وتداهم أهالي الضفة الغربية، تواصل السلطات السعودية بحث سبل التوصل لاتفاق تطبيع علني مع الكيان المحتل برعاية أميركية، وسط رفض شعبي واسع.
الخارجية الأميركية قالت في 18 سبتمبر/أيلول 2023، على خلفية نشر تقارير تفييد بتجميد الاتصالات حول التطبيع، إن "المحادثات مستمرة، ونتطلع إلى مزيد من المحادثات مع الجانبين، وستظل الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز الاندماج والتكامل الإقليمي لإسرائيل، بما في ذلك من خلال الدبلوماسية النشطة التي تهدف إلى التطبيع الإسرائيلي السعودي".
وأدانت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، المباحثات السعودية-الإسرائيلية-الأميركية الهادفة للتطبيع العلني مع الاحتلال، بمشاركة ممثلي السلطة الفلسطينية، قائلة إن التطبيع السعودي يجري علناً بشكلٍ تدريجي على قدم وساق، ويجب تصعيد مواجهته على كافة الأصعدة، كونه يتجاوز التطبيع ويرمي إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وفي ذروة تضارب الأنباء حول مدى نضوج اتفاقية تطبيع علني بين الاحتلال والسلطات السعودية التي تلتزم الصمت حيال تطورات هذا الأمر، كشف "معهد هوفر للدراسات" التابع لجامعة ستانفورد أن الغالبية العظمى من السعوديين تعارض التطبيع مع الاحتلال، مؤكدا أن 70% من الشعب السعودي يعارضون التطبيع، و20% يعارضون الاتفاق بشدة.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية في مقال تحت عنوان: "السعودية وإسرائيل.. مسارات متعرّجة"، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي كان قد وعد خلال حملته الرئاسية لعام 2020 بمعاملة السعودية باعتبارها دولة منبوذة، ها هي اليوم تتودّد إلى الرياض بغية إقناعها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأشارت إلى أن اتمام التطبيع سيشكل تطوراً وسابقة في العلاقات بين الدولة العبرية والعالم العربي السني، بعد اتفاقات أبراهام عامي 2020 و2021، والتي قادت، برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إلى تطبيع علاقات إسرائيل مع الإمارات والمغرب والبحرين ثم السودان.
وقالت إن اللاعبين الرئيسيين الثلاثة في هذه المفاوضات لديهم مصلحة في التوصل إلى نهاية سعيدة، ولكنهم جميعاً لديهم أسباب وجيهة لعدم النجاح، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصبح اليوم رهينة لتحالفاته السامة مع اليمين المتطرف؛ وهو ما لا ترغب السعودية في الظهور كضامن له؛ بينما تعرف إدارة بايدن مدى تقلب محاوريها.
الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة أبرزها: هل سيتمخض عن المفاوضات الجارية "تطبيع علني"؟، ولماذا تصر واشنطن وتل أبيب على التطبيع مع الرياض، وهل من سبل لإثناء السلطات السعودية عن إتمام صفقة توقعها في هذا الفخ؟ وماذا عن موقف الشعوب العربية ومن بينها الشعب السعودي؟ وهل لديه القدرة للتصدي لتلك الصفقة؟
وللإجابة على هذه التساؤلات وغيرها، استطلعت "صوت الناس" أراء عدد من الخبراء والمحللين السياسيين الفلسطينيين للرد على هذه التساؤلات.
الباحثة السياسية الدكتورة تمارا حداد، قالت إن المملكة من الدول الإقليمية التي باتت تلعب ضمن أكثر من وجهة سياسية وأمنية واقتصادية وتنموية مستقبلية في منطقة الشرق الأوسط، وهذا الأمر يساعدها في أن تكون موطئ جذب للاحتلال الإسرائيلي لأن يعمل على تعزيز التطبيع لأكثر من سبب.
وأوضحت أن من بين هذه الأسباب أن "إسرائيل" معنية في منطقة الشرق الأوسط أن تندمج بشكل شامل في المنطقة وهي تعلم تماما أن عملية اندماجها الشامل لا يأتي إلا بتطبيع مع السعودية، والذي سيعمل على جعل جميع الدول التي تنطوي تحتها لتطبيع سهل وسلس دون عوائق، وكامل وشامل يحمل بين طياته الثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي، والأمني.
وأضافت حداد: "إسرائيل معنية أيضا بالتطبيع في عهد رئيس وزرائها الحالي بنيامين نتيناهو، لإنقاذ نفسه من أزمته الداخلية بسبب التعديلات القضائية الإسرائيلية وحالة الانقسام، ولذلك يريد تطبيع مجان مع السعودية دون شروط تحقق دولة فلسطينية مستقلة وهي إحدى شروط الرياض لتعزيز التطبيع".
وأوضحت أن "نتيناهو يريد تحقيق تطبيع مجان ليكون بمثابة جائزة كبرى في ظل تواجده في الرئاسة يكسبه سمعة جيدة، ولتوحيد المعارضة الإسرائيلية في صفه"، مؤكدة أن "إسرائيل" لن تحقق شرط السعودية في تحقيق دولة فلسطينية مستقلة لأن نتيناهو تحدث لأكثر من مرة قائلا: "لن نعطي دولة للفلسطينيين".
وأضافت أن من يريد التطبيع هي الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد في فترة الرئيس الديمقراطي الحالي لإنجاح الديمقراطيين وإنقاذ بايدن من فشله خلال فترة وجوده في الرئاسة، كما أن السعودية لديها شروط أخرى قد تعرقل التطبيع من بينها الإصرار على تحقيق مفاعل نووي في أراضيها وهذا لن تقبله أميركا أو إسرائيل.
وتابعت حداد: "السعودية تريد أيضا تشكيل ناتو أميركي يدافع عنها وهذا بحاجة لمصادقة مجلس الشيوخ، ولذلك هناك أمور عديدة قد تعرقل التطبيع الرسمي، وإن كان هناك تطبيع غير معلن نتيجة التقارب الأخير بين وفود مختلفة سعودية إسرائيلية، وهذا يعتبر تطبيع شبه رسمي لكنه غير معلن".
وأكدت أن الشعوب رافضة تماما للتطبيع العربي الإسرائيلي ولكل ما تقوم به الحكومة اليمنية الائتلافية الحالية التي تعزز واقع الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، ناهيك عن أن هناك رفض شامل من الشعوب حول التطبيع، نظرا لأن بعض الدول التي طبعت فعليا مع الاحتلال لم تجني نتائج إيجابية على صعيد تلك الدول.
وأوضحت حداد أن فعاليات الشعوب ضد التطبيع لم تكن عائقا لوقفه وترسيخه في بعض الدول التي طبعت دون مشورة واستفتاء شعوبها، قائلة إن بعض الشعوب مثل ليبيا أوقفت حالة التطبيع وجعلت الحكومة ترفضه تماما وأجبرتها على إقالة وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوشي عقب كشف لقائها مع نظيرها الإسرائيلي، وذلك استجابة لضغط الشارع.
وأكدت أن هذا الأمر لا ينطبق على جميع الدول، فهناك دول ما زالت ترفض واقع التطبيع نظرا لمخاطره على الدولة قبل خطره على القضية الفلسطينية، وحذرت من التطبيع يعزز إنهاء القضية واستبدالها بحوافز اقتصادية دون حقوق وطنية سياسية للشعب الفلسطيني وتحقيق تقرير المصير للشعب.
وقال عضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير العربية محمود الصيفي، إن مسألة التطبيع مع الاحتلال ليست جديدة، ولكن الجديد في الأمر أنه مع السعودية، لأن الدور الذي تلعبه يختلف عن أقطار عربية أخرى كالإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وهي بعيدة جغرافيا عن فلسطين المحتلة إلا أنها طبعت بضغط مباشر من الولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف أن المملكة تتعرض لضغوطات كبيرة من أجل الإعلان عن التطبيع وحكومة الاحتلال متعجلة من أمرها، ولذلك أتوقع أن يتأخر كثير هذا الإعلان نظرا لأن المملكة مرتبطة بدورها العربي والإسلامي خاصة تجاه القضية الفلسطينية، لأنها لن توافق دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه وهي تجهر بذلك.
وأشار الصيفي، إلى أن مراقبين أفادوا بأن أميركا تتفهم موقف المملكة وتضغط بالمقابل على حكومة الاحتلال للتخفيف على الفلسطينيين ومنحهم تسهيلات سواء اقتصادية أو أمنية، إضافة إلى تجميد الاستيطان، متوقعا ألا يحصل هذا في ظل تغول الاحتلال بالاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية خاصة المنطقة المسماة (ج).
كما استبعد الصيفي أن يخفف الاحتلال عن الفلسطينيين في ظل الإعلان عن مخططات ومشاريع عملاقة مثل بناء 13 ألف وحدة استيطانية، وإقامة شوارع التفافية لربط المستوطنات بقيمة 500 مليون دولار، إضافة إلى زيادة عدد المستوطنين ليصل إلى مليون في الضفة الغربية، وإنشاء 22 محطة شمسية لإنتاج الطاقة البديلة بقدرة 320 ميغا واط على مساحة 3500 دونم سيتم مصادرتها، مرورا بخطة تهويد القدس.
وقال إن أمام ذلك كله لن تستطيع الولايات المتحدة كبح جماح هذه الحكومة العنصرية المتطرفة لإرضاء السعودية أو غيرها، لكن ما يمكنها عمله هو تقديم ما تسمى تسهيلات اقتصادية بشرط عدم مساسها بمخططاتها للسيطرة على مناطق (ج) بالكامل والبالغة مساحتها61% من مساحة الضفة الغربية.
ورأى الصيفي أن لذلك فإن المملكة لن تطبع مع الاحتلال في الفترة القادمة نظرا لموقفها من حل القضية الفلسطينية، ولمكانتها عربيا وإسلاميا لأنها فيما لو حصل التطبيع ستلحق بها كل الأنظمة العربية والإسلامية، وهنا ستكون بمثابة الضربة القاضية للقضية الفلسطينية ومستقبلها إضافة لكل القضايا العربية والإسلامية.
كما استبعد أن تطبع المملكة لأنها ستخسر عمقها العربي والجماهيري لأن الشعوب العربية والإسلامية ترفض ذلك وبشدة، بل وتذهب أبعد من ذلك برفض الاعتراف بوجود الاحتلال على أرض فلسطين، مستدلا على ذلك بما حدث في ليبيا من رفض جماهيري رغم الأوضاع المأساوية التي تعيشها جماهير الأمة في معظم الأقطار.
وحذر الصيفي من أن تنقلب الطاولة على أنظمتها الحاكمة إذ خالفت إرادة الشعب وطبعت مع الاحتلال، خاصة أن الأنظمة لم تنجح في تدجين جماهيرها مثل مصر والأردن والموقعة مع الاحتلال اتفاقيات تطبيع منذ عشرات السنين، قائلا: "لذلك نعول كثيرا على جماهير أمتنا في رفض التطبيع مع الاحتلال وستنتصر وإن طال الزمن".
وأكد الخبير المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، سعيد بشارات، أن التطبيع السعودي الإسرائيلي حاصل وموجود في أعلى مستوياته وهناك تعاون اقتصادي وعسكري وتبادل وفود رسمية وغير رسمية وتجارية وإعلامية بين الطرفين، قائلا إن السعودية هي من رعت اتفاقيات أبراهام التي أقامتها كل من الإمارات والبحرين مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أن التطبيع واضح وجلي لكنه غير معلن، وما هو مرتقب إعلانه رسميا فقط، والآن السعودية مستفيدة من الوضع الحالي، ومن الصعب إثنائها عن إعلان التطبيع رسميا لأن المصالح هي التي تقود المنطقة اليوم، وبدون أخلاق أو دين أو قيم أو أبعاد استراتيجية، وهو ما قد يدمر هذه الدول.
وأكد بشارات، أن التطبيع يتناقض مع إرادة الشعوب الرافضة لكافة أشكاله وهو ما ظهر جليا في مونديال قطر 2022، والذي برز خلاله أن الاحتلال كيان منبوذ ومرفوض، ولكن الشعوب غير قادرة على فعل شيء لأنها تعيش في دول استبدادية وتحت حكم مطلق لا يمكنها من الاعتراض على شيء أو إعلان رفضها للتطبيع".
وأعرب الإعلامي الفلسطيني رومل السويطي، "عن أسفه من أن التطبيع السعودي الإسرائيلي الرسمي موجود لكن بشكل خفيّ من خلال أدوات قذرة يطلقها النظام أو ربما بعض أجنحة النظام، مؤكدا أنه لا يمكن إثناء السلطات السعودية عن التطبيع إلا بزوال أو استئصال "الأجنحة المتورطة مع الصهاينة من داخل النظام وكذلك زوال الأدوات القذرة".
وأضاف: "لا شك أن الضغط الإعلامي العربي الحر على النظام للحيلولة دون تطبيعه مع الصهاينة ووجود فعاليات شعبية صاخبة في العالم العربي ضد التطبيع وتوعية الجماهير العربية بأنه من المستحيل أن يعود التطبيع بالخير على العرب، بل العكس تماما، كل ذلك له دور ملموس في المساهمة بمنع هذه المهزلة".
وأكد الباحث والمحلل السياسي ماجد الزبدة، أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يحرص على إقامة علاقات وعقد اتفاقية تطبيع مع المملكة نظرا لمكانتها الرمزية والدينية ولموقعها الرمزي الكبير في العالمين العربي والإسلامي، والمملكة تدرك أن اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال لها أثمان كبيرة وقد تؤثر بشكل واضح على رمزيتها وحضورها ومكانتها.
وقال إن المملكة دأبت خلال السنوات الماضية على المناورة من أجل تحقيق أكبر ثمن ممكن من خلال صفقة التطبيع التي يمكن أن تحدث، وقدمت بعض الأمور الإيجابية تجاه الاحتلال كالسماح لطائرات الكيان باستخدام أجوائها، واستقبال الوفود الإسرائيلية، والسكوت عن اتفاقيات تطبيع الإمارات والبحرين، ما يعد دعما خفيا لهذه الاتفاقيات.
ورأى الزبدة، أن السعودية تحاول المناورة ووضع اشتراطات عسكرية وسياسية مقابل التوقيع بشكل علني على اتفاق تطبيع مع الاحتلال، كبناء تحالف استراتيجي مع أميركا وإقامة محطة نووية، والإقرار بتبوء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لعرش المملكة، والحصول على رضا أميركي عنه.
وأوضح أن التطبيع مع المملكة يواجه تحديات كبيرة، منها أن الكيان يديره حكومة يمينية هي الأكثر تطرفا، وغير مستعدة لتقديم تنازلات على صعيد القضية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية سواء انسحابات، أو إنهاء الاستيطان، أو عودة اللاجئين، أو السماح للفلسطينيين بالسيطرة على مدينة القدس أو شرقي مدينة القدس.
وأكد الزبدة، أن الحكومة الإسرائيلية غير مستعدة لتقديم أي تنازلات سياسية أو ميدانية ذات جدوى للفلسطينيين وهذا من شأنه أن يحرج المملكة كثيرا في حال ذهبت إلى اتفاق تطبيع مع الاحتلال دون حل القضية الفلسطينية، قائلا إن هذا يمثل تراجع كبير وحاد فيما يتعلق بالمبادرة العربية للسلام التي طرحتها السعودية في 2002.
وفسر بأن ذلك يعني أن المملكة إذا ذهبت للتطبيع دون حل القضية الفلسطينية أو تقديم إسرائيل تنازلات لصالح الفلسطينيين فهذا يعد "نقوص" ومن شأنه أن يهدم من مكانة المملكة نظرا لحضور القضية الفلسطينية.
ولفت الزبدة، إلى أن إقامة تحالف عسكري استراتيجي بين واشنطن والرياض يتطلب دعم مجلسي النواب والشيوخ الأميركي، مستبعدا تحقيق ذلك في ظل الانقسام السياسي الأميركي والاستقطاب الحاد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
ورأى أن المملكة لن تستطيع تحقيق أثمان عسكرية كبيرة خاصة في سياق مطالبتها بأسلحة متطورة وطائرات F35 وغيرها، كما أن إدارة بايدن غير مهيئة لتقديم هذه التنازلات الكبيرة، مذكرا بأن المملكة دأبت في الأشهر والسنوات الأخيرة على إعادة تموضعها وترتيب الملفات في المنطقة ومعالجة مشاكلها مع الجمهورية الإيرانية، والحوثيين، وتركيا، وغيرها.
وأضاف الزبدة، أن المملكة تحرص اليوم على تحقيق استقرار اقتصادي وسياسي داخلي وذهابها للتطبيع مع الاحتلال ربما يدق ناقوس الخطر لدى إيران، وبالتالي يكون هناك مساحات رمادية أكبر لصالح طهران، ويؤثر على مكانة المملكة، نظرا لأن الاتفاق الإيراني السعودي لازال في بداياته وليس راسخا بشكل كبير.
وحذر من أن أي إقدام من المملكة على خطوة استراتيجية كبيرة باتجاه الاحتلال قد يستفز إيران وتحدث بعض التراجعات على صعيد ترتيب المنطقة، مما يؤثر سلبا على المملكة واستقرارها السياسي والاقتصادي المستقبلي.
وأكد الزبدة، أن الشعوب العربية في مجملها ترفض التطبيع مع الاحتلال، وكانت ولازالت رافضة لوجوده فوق الأرض الفلسطينية وفي مدينة القدس ذات الرمزية الكبيرة، مشيرا إلى أن جميع استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الفترة الماضية أكدت أن شعوب المغرب العربي والخليج رافضة للتطبيع مع الاحتلال، واليوم باتت أكثر دافعية لرفض الكيان.
وذكر بأن كيان الاحتلال يعيش أزمات كبيرة داخلية وهذا يشكل دافعية كبيرة للشعوب العربية لتلفظ هذا الكيان، خاصة في ظل تصاعد المقاومة الفلسطينية والضفة والقدس وسائر الأراضي المحتلة، وهناك أوضاع ساخنة في الجنوب اللبناني والحدود مع غزة، مؤكدا أن هذه العوامل داعمة لصمود الفلسطينيين والشعوب العربية وللرأي المناهض لوجود الكيان.
أيضاً الكاتب السعودي د. علي الخشيبان في مقال له قي صحيفة الرياض بعنوان" الحق الفلسطيني في صلب السياسة السعودية ولن يتغير" تساءل عن رسالة السعودية في تعيين سفيراً لها في فلسطين، عندما عينت سفيرها في الأردن ليكون سفيراً مفوضاً وفوق العادة لدى دولة فلسطين وقنصلاً عاماً للملكة العربية السعودية في القدس عاصمة دولة فلسطين، وحول ما تدور حولها ماهية هذه الخطوة وفسرها بأنها " خطوة تعكس فلسفة دقيقة حول المساحات التي تتحرك بها السعودية فيما يخص الحق الفلسطيني الذي تتبنى فيه السعودية موقفاً صارماً لا يتغير، ألا وهو التمسك بقيام دولة فلسطينية على حدود 1967 م وعاصمتها القدس الشرقية‘ وفق القرارات العربية والدولية" وأضاف د. علي الخشيبان أن إسرائيل التي ارتبكت من القرار السعودي تدرك أن السعودية بسياساتها الهادئة والمتزنة تتعامل مع الموقف يشكل مختلف عن كل مثيلاتها في العالم العربي، فالسعودية تدرك حجم تاريخها كدولة مركزية في الشرق الأوسط تمتلك من المقومات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والعقدية ما لا تمتلكه أي دولة في العالم، فهي مركز المسلمين وفيها الحرمان الشريفان‘ وإن فهم السعودية في سياق مبسط هو خطأ استراتيجي من الجانب الإسرائيلي، فالسعودية مختلفة عن كل من حولها، فهي لن تقبل بانحراف أهدافها تجاه القضية الفلسطينية تحت معطيات أو شروط أخرى خارج إطار إقامة دولة فلسطينية في المقام الأول، فطموحات السعودية – مهما كانت- فهي مشروعة ويمكن تحقيقها من خلال اتجاهات البوصلة الأربعة، الفكرة الرئيسية هنا أن ذلك لن يكون على حساب القضية الفلسطينية."