مقالات

ومضة | استجداء الحقوق

الكاتب/ة ترف عبدالكريم | تاريخ النشر:2021-04-20

يحدث في مملكة “الإنسانية ” أن يئن فيها الإنسان تحت وطأة الجوع والفقر والتضييق عليه في رزقه من خلال قوانين جائرة مثل إيقاف الخدمات التي يحتاج موضوعها إلى مقال مستقل من شدة مرارتها، أو تجد ذلك الإنسان يقهر بسبب إغلاق أبواب الوظائف والكسب الحلال أمام وجهه، وحتى لو كان موظفًا، ستجد راتبه بالكاد يسد حاجياته حتى منتصف الشهر! وكل هذا الوضع كان قبل إقرار الضرائب على الشعب فما بالنا بعده!

حتى عندما يظن المرء أن ثمة تسهيلات لحياته من خلال بعض البرامج التي ترمي إلى مساعدة المواطن يشعر فيها المستفيد بالذل والهوان، ومن كان يرفض المبلغ الزهيد من حساب المواطن الذي يمن به الحاكم عليه، صار يرضى به وهو مبلغ يخجل أحدنا أن يضعه في جيب طفل ما “كعيدية”!

ولكي يكرس الحاكم هذا الشعور وكأنه ينتشي بالإمعان بكسره وتبديد كرامته، راح يتيح للناس فرصة “لاستجداء الحقوق” إن جاز التعبير وتعليمهم كيف يكتب المحتاج معروضًا يرجو به سيده ويُسهب في ذلك ولو كان أمامه ربما للثم يديه لإعطائه قيمة الدواء! مثالًا على ذلك، حيت يذيل ذلك المعروض “بخادمكم” ولك أن تتخيل ما زاد وقل.

ومؤخرًا منصة “إحسان” التي تبرع لها الملك سلمان بـ 20 مليون ريال وابنه بـ 10 ملايين ريال! في حفل إعلامي يتحسر به المواطن على حاله كلما سمع بتلك الأرقام المهولة ولا يرى أثرًا لها، وفي ظل انعدام الرقابة والمساءلة يتفشى الفساد المالي وغيره من أنواع الفساد.

هنالك من ينام دون عشاء ويحلم بمنزل يمتلكه فيكف عنه مطاردة المؤجر الذي يهدده بالطرد.

حكومتنا قادرة على أن تجعل المواطن يعيش في رفاهية لا أن تلبي احتياجاته فقط، لو كان الحكم يقوم على أساس من العدل.

حاجة الإنسان ليست فقط هي الغذاء والغطاء، وعار أن ينتظر مواطني هذه البلاد التي تفيض بالخيرات أن يكون في فقر مدقع وحاجة تنتفي معها أسباب الحياة الكريمة، ثم يأتِ من يمن عليه بحقه ملقيًا عليه بالفُتات، لا يمكن لذاكرتي أن تنسى منظر أولئك الفقراء في بعض أحياء الرياض عندما زارهم الملك عبدالله وكان حينها أميرًا، وشاهدنا معًا تلك المرأة التي تلتحف عباءتها وليس لديها سوى آنية طعام معطوبة وشبه البيت الذي تسكنه متهالك، فما كان منه إلا أن قال “ساعدوها يا أهل الخير” ومضى، والكاميرات والذاكرة والتاريخ شهود، وأهل الخير هم أنفسهم بحاجة إلى تحسين أوضاعهم، وكل هذا غيض من فيض.