عندما يحضر المنطق والعقل سيغيب بالضرورة كل تفسير لا يستند لسواهما! عندما تُحتل الأرض ويُهجر الشعب، ويصبح الوطن الآمن موطناً للمعتدين على الأرض والعرض، ويُنكل بهم بشتى أنواع التنكيل والبطش الذي طال الجميع حتى الأطفال، عندها لا بد من أن تحضر المقاومة وخطط النضال والكفاح لمواجهة المعتدي.
أذكر ولا انسى في عام 2019 عندما استدعت "إسرائيل" الطفل محمد ربيع عليان ذو الأربع سنوات للتحقيق معه! عن تهمة إلقاء الحجارة على سيارة شرطة إسرائيلية أثناء اقتحامها للبلدة، فأجابهم: أنا متجه لدار جدي. ومن قبله محمد الدرة عندما قُتل على أيديهم والعالم يشهد عام 2000 في انتفاضة الأقصى الأطفال في فلسطين المُحتلة يتعرضون للتعذيب أثناء التحقيق وتُكبل أياديهم، ويتعرضون للقتل أو السجن المنزلي ودفع غرامات مالية كبيرة! وهذا غيض من فيض. هكذا يتم تعامل المحتل مع الأطفال فكيف بالراشدين من الرجال والنساء،
في حادثة لا تُنسى على سبيل الذكر عندما اعتقلت شرطة الاحتلال المرابطة المقدسية هنادي حلواني التي يطلقون عليها لقب "أخطر مقدسية على إسرائيل" تم اعتقالها ووضعها بالحجز الانفرادي وتم نزع كافة ملابسها وهذا ما يسمى بالتفتيش العاري وثمة ثلاث كاميرات تصور كل ما يحدث، لا يمكن سرد جرائم الاحتلال -التي لا حدود لها- هنا، ولكن ما يجب قوله هنا، أنه في الوقت الذي كانت فيه "إسرائيل" تقتل الفلسطينيين والمدنيين منهم وتهدم المنازل وتحرقها، ولم تبقَ جريمة لم ترتكبها في حق أهلنا في فلسطين، لم نسمع صوتاً للمجتمع الدولي وأولئك الذين لا تعنيهم قضية فلسطين، ولكن مع انطلاق عملية طوفان الأقصى ظهرت الإنسانية المزيفة وازدواجية المعايير التي طفت على السطح، هل الإسرائيلي وحده هو الإنسان؟! ألا يوجد إنسان آخر فلسطيني يتعرض للظلم والاضطهاد، هل يُعقل أن تحتل أرضه وتقتل أهله وتهجرهم، ثم تتوقع أن يبقَ مكتوف الأيدي بلا رد!؟ أي رد!
ألا تقرؤون التاريخ!؟ التاريخ يعيد نفسه عندما تتوفر نفس الظروف، ثمة دولاً تعرضت للاستعمار الذي دام بها طويلاً وصعدت الأرواح في سبيل استرداد الأرض وانتزاعها من المستعمر، والمثل الأعلى هنا هو الجزائر.
لماذا يُصرف النظر عن "إسرائيل" التي ارتكبت جرائم بحق المدنيين؟! وعندما يتم الرد تُطلق النعوت بالإرهاب والاعتداء ويعلو صوت التباكي ويتردد صوت المظلومية! طالما أن المجتمع الدولي يتعامل مع القضية الفلسطينية على هذا النحو فلن يجد سوى مزيداً من التصعيد الذي لا يريده هو وغيره من الدول خشية تدفق اللاجئين، وجرّ الدول لعدم الاستقرار أكثر.
أما أولئك الذين يُنظرون وهم على الأرائك متكئون يحتسون القهوة، ويلقون باللوم على المناضلين الذين يدافعون بالغالي والنفيس عن أرضهم، أقول لهم: لا وزن لكم ولا قيمة ولا أي يد بالنصر الذي سيتحقق لأهلنا في فلسطين رغم كل الخذلان والخيانة، ولا يصح إلا الصحيح.