في الوقت الذي يُباد فيه قطاع غزة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تشن حرب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين لليوم الـ23 على التوالي وتستهدفهم جويا وبريا وتفرض عليهم حصارا كاملا وتمنع عنهم كافة أساسيات الحياة، أطلقت السلطات السعودية فعاليات موسم الرياض بنسخته الرابعة في العاصمة الرياض، وافتتحه رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ.
وذلك خلافا لما كانت تتوقعه الشعوب من الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي سبق أن وصف السعودية بأنها "قلب العالم الإسلامي التي تستشعر آمال وآلام المسلمين في كل مكان" بأن يصدر قرارا بتأجيل فعاليات موسم الرياض "الترفيهي" احتراما لآلام الشعب الفلسطيني الذي وصل عدد شهدائهم إلى 8000 شهيد و2000 مفقود وأكثر من 20 ألف مصاب.
وأثار غياب التضامن السعودي الرسمي مع الشعب الفلسطيني، وتجاهل دعوات سابقة وأراء عاقلة طالبت السلطة بتأجيل موسم الرياض، موجة غضب واسعة بين الناشطين على منصة إكس بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، وصبوا جام غضبهم على ولي العهد محمد بن سلمان، ورئيس هيئة الترفيه، واتهموهم بتقزيم دور المملكة والتعامل كأن ما يحدث في غزة لا يعنيها.
وتبرأوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزة_تباد_والرياض_تحتفل #موسم_الرياض2023، #موسم_الرياض_2023، من سياسات السلطات السعودية في التعامل مع القضية الفلسطينية والأحداث المتصاعدة في غزة، مؤكدين أن مواقفها لا تمثل الشعب السعودي المتضامن مع غزة وأهلها والرافض لإقامة الحفلات مؤازرة لغزة.
وكان حزب التجمع الوطني السعودي المعارض قد استنكر فيه إصرار السلطات السعودية على إقامة الفعاليات الترفيهية المتمثلة بموسم الرياض وغيره دون إرجاء، بتصرف يشي بالتجاهل التام وعدم المبالاة لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجزرة تدمي القلوب، داعيا السلطات لاتخاذ مواقف رسمية توضح حقيقة موقف الشعب المتضامن مع فلسطين.
وطالب في بيان أصدره في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بإطلاق حملات إغاثية لأهالي غزة، ووقف الفعاليات الترفيهية، وإطلاق سراح الفلسطينيين المعتقلين، داعيا إلى استخدام أدوات التأثير التي تملكها البلاد للضغط عالمياً من أجل وقف إطلاق النار.
ودشن الحزب مساحة على حساب صحيفة "صوت الناس" تحت عنوان "أوقفوا حفلات الترفيه من أجل غزة"، قال خلالها الأمين العام للحزب الدكتور عبدالله العودة إن بن سلمان لبث بشكل ممنهج منذ مجيئه للسلطة لمحاولة تنفيذ عمليات "غسل الأدمغة" والتعتيم والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن الحزب عرض نماذج لكثيرين اعتقلوا لمجرد دفاعهم عن القضية الفلسطينية، خلافا للفلسطينيين الذين اعتقلوا بسبب جنسياتهم ومواقفهم وارتباطهم بهذه القضية بشكل أو بأخر، مذكرا بابن عمه عبدالعزيز العودة، المعتقل بسبب دفاعه عن القضية الفلسطينية وانتقاده للتطبيع.
وأكد العودة أن بن سلمان حاول خلال الفترة الماضية تجهيز الشعب بشكل كبير، لكنه فشل فشلا ذريعا حيث جلس قبل عدة أشهر مع إعلاميين يعتقد أنهم مؤثرين على فئة الشباب في السعودية وقال لهم إنكم فشلتم ونحن أمام كارثة وأن الأغلبية الساحقة من الشعب ليسوا معنا وإنما مع المعارضة وقضاياهم وعلى رأسهم "القضية الفلسطينية".
وشدد على أن الأغلبية الساحقة من الشعب السعودي متعاطفة مع غزة ومع القضية الفلسطينية بشكل يصعب على السلطات العودة إلى مسار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت عضو حزب التجمع ترف عبدالكريم: "بالكاد نأكل الطعام بشهية مفتوحة، ما هي إلا لقيمات، تأثراً وادراكاً لحجم الكارثة التي طالت أهلنا في غزة، بل وفي فلسطين بأكملها، فضلاً عن حضور ومتابعة موسم الرياض الذي يفصل الشعب عن الإحساس بمعاناة الآخر لا سيما كالقضية الفلسطينية"، مؤكدة أن ذلك تحوّل خطير، وتقع على عاتق الشعب مسؤولية مقاومته.
وعلق عضو الحزب أبو الجوائز المطاميري، على تغريدة لتركي آل الشيخ أعلن فيها عن فتح البوابات لجماهير موسم الرياض استقبالا لهم فيما وصفه بـ"النزال التاريخي"، مؤكدا أن ما يقوم به النظام في السعودية من موسم الرياض ما هو إلا فعل من لا يهتم بأمر المؤمنين، ويوالي العدو.
وقال: "لا يكتفي من يريد اتباع شهوات النفس والملذات بأن يلهي أهل الحق ومناصرة المظلومين ومقارعة الظلم والاستبداد عن هدفهم، بل يريد أن نبتعد عن طريق الاستقامة بعدا شديدا، فبدل أن يناصر المظلوم ويواجه الظلم يرقص ويغني على أجساد شهداء غزة الطاهرة".
وعرض الناشط ناصر بن عوض القرني، صورة سابقة لولي العهد وهو يلعب ألعاب الفيديو، وحذر بالقول: "يبدأ عدوك في الاستهانة بك إذا شاهدك تلهو في وقت الحرب، أما صديقك سييأس من حالك وينظر لك بنظرة المشفق"، متسائلا: "من المسؤول عن تقزيم دور السعودية؟".
وأرفق العسكري المنشق عن الحرس الوطني السعودي مهند الصبياني، صورتين الأولى تظهر نتائج القصف الإسرائيلي على غزة، والثاني للألعاب النارية التي أطلقت في افتتاح أحد فعاليات موسم الرياض، ساخر بالقول: "تضامن الحكومة السعودية مع غزة مختلف تماما عن باقي الدول بما أنها دولة عظمى.. حكومتنا المتصهينة حالياً منفصلة عن الواقع".
وبث الحقوقي البحريني يحيى الحديد، مقطع فيديو من أحد فعاليات موسم الرياض، قائلا: "هكذا تفاعل جمهور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع جرائم الكيان الصهيوني.. يرقصون ودماء الفلسطينيين تسفك في غزة، تركي آل الشيخ يرى أن 10 آلاف شهيد فلسطيني لا يستحقون إلغاء موسم الرياض 2023.
ونشر في تغريدة أخرى صور عدة للمغنيين والممثلين المشاركين في موسم الرياض، قائلا: "هؤلاء المشاركين في موسم الرياض يشربون نخب فلسطين بينما يذبح أطفال غزة".
كما عرض الناشط السياسي اليمني عيسى الشفلوت، صور من موسم الرياض 2023 للرقص والغناء، وسخر بالقول إنها احتفالاً بقتل 7000 طفل وامرأه في غزة، متسائلا: "ما الذي سيقوله أعداء الأمة حين يرون الرقص والعناء في مهبط الرسالة والحزن يعم الأمة، بل الإنسانية جمعا؟".
وأرفق الكاتب الدكتور محمد الهاشمي الحامدي، صورتين الأولى تظهر غزة تحرق وتباد، والثانية من الرياض يظهر بها سعود بن سلمان وتركي آل الشيخ - وليس عموم الشعب - يرقصون على أنغام شاكيرا، متسائلا: "ماذا تقولون لتركي آل الشيخ ورئيسه بن سلمان؟".
وخاطب في تغريدة أخرى، آل الشيخ قائلا له: "لو كان عندكم ذرة مروءة، أنت والذي عيّنك في منصبك، لألغيتم الموسم احتراما لدماء أطفال فلسطين"، متسائلا: "ترقصون وتغنون وأهلكم يُقَتَّلون؟ ألا.. تستحون.. ألا تخجلون؟"؛ وتهكم قائلا: "في غزة نيران القصف الوحشي الإسرائيلي.. وفي الرياض نيران الطرب والنشوة على أنغام شاكيرا".
وأشار المستشار الإعلامي اليمني أنيس منصور، إلى أن الفنانة شاكيرا غدا في الرياض، لافتتاح موسم خيبر، مستنكرا مضي السعودية بالرقص على جثث وأشلاء الشعب الفلسطيني في موسم الرياض، بينما ألغى الفنان كاظم الساهر حفلات في قطر وعمان، لأنه يرى أنه لا يليق أن يحتفل في وقت يعاني إخوانه في الدم والعروبة والدين هذه الويلات.
ولفت إلى أن فنانين ومشاهير كثيرين أوقفوا وجمدوا أنشطتهم وأعمالهم إلا السعودية إذا لم يحترموا مشاعر العرب والمسلمين.
وسخر الصحفي عبدالباسط الشاجع، من مواصلة المملكة الإعداد لموسم الرياض والإعلان عن فعالياته، قائلا: "السعودية ترد على إسرائيل والغرب بإبادة غزة، بتدشين أكبر وأضخم حفل ترفيهي وغنائي موسم الرياض 2023، بحضور المارشال، نانسي عجرم وأليسا وكريستيانو!".
ولفت الصحفي الاستقصائي عبدالحميد قطب، إلى مقتل 12 فلسطينيا في قصف إسرائيلي استهدف "مسجد بلال بن رباح" بالنصيرات وسط غزة، موضحا أن قصف المسجد وغيره وقع بينما كانت السعودية تستعد لبدء فعاليات موسم الرياض حيث تقام الحفلات الصاخبة ومهرجانات العري والانحلال والتحرش، وتتعالى ضحكات الجمهور بينما أطفال غزة يقتلون.
واستنكر استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور عصام عبدالشافي، افتتاح موسم الرياض، ساخرا بالقول: "انجاز وتهنئة نبارك للعرب في كل بقاع الأرض هذا الإنجاز الكبير بافتتاح موسم الرياض 2023 للإنتاج الحربي والعسكري والهادف إلى تعزيز مقدرات الأمة وبناء خير أجناد الأرض.. لا تخرج قبل أن تقول: لله الأمر من قبل ومن بعد".