تشهر السلطات السعودية سلاح المقاطعة وتدعم المروجين لها وفق أهوائها ومصالحها، تارة بدعم حملة مقاطعة كل ما هو تركي إبان احتدام الخلافات السياسية الخارجية مع تركيا في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وأخرى بفرض كافة أشكال الحصار على قطر إبان الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين البلدين في يونيو/حزيران 2017، واستمرت 4 سنوات.
أما اليوم فعلى النقيض تماما تروج السلطات السعودية للمنتجات الإسرائيلية ومنتجات البلدان الداعمة للاحتلال وتتصدى بقوة لكل حملات المقاطعة التي انطلقت في أعقاب تصعيد الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، المتواصل حتى اليوم، مخلفا آلاف القتلى والجرحة غالبيتهم من الأطفال والنساء.
برز ذلك في تحدي رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ، المقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، لحملات المقاطعة بعرض مقطع فيديو دعائي لمطعم ماكدونالدز الداعم للاحتلال والذي يوفر وجبات لجنود الاحتلال، ووصفه له بالشريك الرسمي والاستراتيجي، ودعوته للمقبلين على فعاليات موسم الرياض 2023، لزيارته والاستفادة بالعروض المقدمة منه.
وأثار مقطع آل الشيخ موجة غضب واستياء واسع بين رواد منصة إكس يبدو أنها أجبرته على حذفه لاحقا، والاكتفاء بتغريدة بذات المضمون دونها باللغتين العربية والإنجليزية قائلا: "ياأهل الرياض عرض Big Time، من ماكدونالدز.. اطلبوا وجبة Big Mac والقاني هدية من الموسم، العرض ساري من 23 نوفمبر 12 ظهرا إلى 25 نوفمبر 2 صباحا".
مطاعم الوجبات السريعة العالمية "ماكدونالدز" لم تجد حرجا في نشر صور عدة لتبرعها للجيش الإسرائيلي بأكثر من 4000 وجبة يوميا، ونشر صوراً لتسلم الجنود هذه الوجبات، تصاعدت على إثرها حملات المقاطعة لجميع الفروع، تأديبا لها على دعمها للكيان، وتبع ذلك تداول مقاطع فيديو وصور توثق فعالية الحملات وتظهر الفروع خالية من الزبائن.
ورأى ناشطون أن عرض آل الشيخ، فيديو ترويجي للمطعم ونشر تغريدة على حسابه دليلا قويا على أن الشعب السعودي يشهر سلاح المقاطعة الاقتصادية بوجه الاحتلال الإسرائيلي في صمته، ويؤتي ثماره بقوة، مستنكرين على آل الشيخ أحد أركان السلطة السعودية والمسؤول الرسمي الترويج له بهذه الصورة المبتذلة وتحوله لممثل دعاية وإعلانات.
ورحب إسرائيليون بتغريدة آل الشيخ، وأعاد الإعلامي الإسرائيلي إيدي كوهين، نشرها قائلا له: "كفو يا أبو ناصر بعد ماكدونالدز أبيك تصور في ستاربكس فرع التحلية قل تم".
وتأتي مناهضة السلطات السعودية لحملات مقاطعة الاحتلال وداعميه التي تجتاح العالم، في حين تدعم حملة مقاطعة لتطبيق "تيك توك" بدعوى أنه يحجب أو يحذف محتوى متعلقاً بالمملكة، وروج للحملة مسؤولين سعوديين بارزين وفنانين ومشاهير ودعاة وكتاب، بدعوى أن المقاطعة رمز للتعبير عن الوطنية والتضامن.
وسبق وأشهرت السلطات السعودية سلاح المقاطعة إبان الأزمة الخليجية مع قطر، وروجت لها على وسوم عدة أبرزها #قطع_العلاقات_مع_قطر، #حصار_قطر، وأغلقت كافة المنافذ الجوية والبحرية والبرية، ومنعت العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، وزعمت أن ذلك انطلاقا من ممارسة حقوقها السيادية التي كفلها القانون الدولي.
وسجل الإعلام السعودي حالة غير مسبوقة في الحرب على قطر إبان اندلاع الأزمة الخليجية، محاولا أن يذيقها مرارة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ويفرض عليها معايشة محنة، واتخذت السلطات السعودية إجراءات مجحفة تسببت في تضرر المستثمرين وتأثر قطاعات المال والاستثمار والمصارف.
وجنحت السلطات السعودية إلى استخدام سلاح المقاطعة بوجه تركيا ودعمت حملات عدة لمقاطعة المنتجات التركية منها "#حمله_مقاطعه_المنتجات_التركيه" #الحمله_الشعبيه_لمقاطعه_تركيا، وشارك فيها رئيس مجلس الغرف التجارية عجلان العجلان، وأعلنت عدد من المتاجر السعودية التوقف عن استيراد المنتجات التركية.
وزادت حدة الحملات السعودية لمقاطعة المنتجات التركية في أعقاب تصاعد التجاذبات السياسية بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وتبرأت منها السلطات السعودية وزعمت أن مواطنين هم من يقودها، إلا أن مجموعات تركية بارزة كشفت أن الشركات السعودية "أُجبرت على توقيع خطابات تلزمها بعدم استيراد منتجات من تركيا".