مقالات

ومضة | من الذي يشيطن الدولة؟!

الكاتب/ة ترف عبدالكريم | تاريخ النشر:2023-11-19
الأوضاع السياسية والاجتماعية في المملكة السعودية، تختلف بطبيعة الحال عن ما هي عليه في بقية الدول حتى تلك المجاورة لها.
لذلك نجد سيطرة الإعلام الموجّه، وغياب الشفافية التي لا تعرف لأراء الشعب طريقاً، فالأفراد في داخل البلاد يجاهدون لكي يكونوا مستقلين بأفكارهم السياسية وإن كانوا صامتون! بالتالي لا يمكن أن تسمع لأحدهم صوتاً إلا ما ندر! وقد ينتهي به المطاف إلى السجن! 
 
لذلك تجد بالآونة الأخيرة صوت "الأنا العليا" قد علا لا سيما مع انطلاق عملية طوفان الأقصى ويتم ترجمتها بأننا كشعب " سعودي" نتعرض للحسد والجحود و" شيطنة دولتنا" من قِبل أعداء و "خونة الوطن" وهذا كله يتم بإشارة من السلطات ليكمل المشوار اتباع الحاكم ممن لهم تأثيرا على مواقع التواصل لا سيما منصة إكس.
 
نعم، نحن نحب وطننا ونريده أن يكون الأفضل ونغار عليه من أن يحكمه مستبدون وطغاة، ومن تمام حب الوطن الوقوف بوجه الحاكم عندما يكون مستبدا. 
فالوطن يريد مواطنين أحرارا لا رعية لا رأي لها بأهم شؤونها السياسية. 
 
ولا نرضا بإجحاف المواطن ومحاولة النيل من وطننا بل ونقف مع الحاكم عندما يكون منصفاً ويحكم بالعدل.
لا نقبل بالظلم ولا بشيطنة بلدنا، ولكن لا أحد يستطيع أن يشيطن اي دولة مهما كانت! وإن حاول ذلك فسرعان ما سيندم؛ لأن نور الحق أسطع، و من الضروري أن نعي أن ما يساهم في شيطنة دولة ما هو سياساتها الداخلية والخارجية، فعندما يقوم الحاكم باعتقال خيرة بنات وأبناء الوطن بسبب رأي أو تغريدة، ويرهب المواطنين، ويفرض عليهم الضرائب، ويوجههم وفق هواه ..هنا تشيطن الدولة نفسها بلا مساس من أحد، إذ لا أحد يمكنه أن ينال من حاكم يستمد شرعيته وقوته من تكاتف الشعب معه نلك ما تعرف بقوة الشرعية، وهذا يكون بعدم تجاهله للشعب وقمعه وفرض الرأي الواحد بالإرهاب.
فإن أراد الحاكم أن يقيس مستوى قبوله لديهم فليدع لهم فرصة للتعبير بحرية.
ومن يدافع عن وطنه فليكن دافعه اتباع الحق أينما كان، وقبل كل ذلك عليه أن يفكر بذاته وثقله كإنسان من المفترض أن يكون له صوت يُسمع لا أن تُسلب حقوقه وهو مطأطئ الرأس دون حِراك يذكر، إلا إن كان للتصفيق المفضي إلى النفاق وطمس الهوية المجتمعية واضفاء القداسة للحاكم، وهنا نقطة التحول إلى العبودية الطوعية، التي تحتاج إلى وقت طويل للخلاص منها ومن تبعاتها.