كانت ساحة المعارضة السعودية الجادة بحاجة إلى نقلة نوعية وقفزة جريئة في وضع حجر الأساس للانطلاق، مثلما فعل أبطال حزب التجمع الوطني عندما تم تأسيسه وأُطلقت الفكرة للتأسيس لمسار ديمقراطي.
هذا المسار الديمقراطي بحاجة لتوعية بأهميته وأدواته وضرورة تبنيه لا أن يعرف المعنى الشائع للديمقراطية بأنه حكم الشعب ونكتفي بذلك، وإن كان هذا المعنى هام وهو ما نصبوا إليه، أن يكون لنا كشعب كلمة وقرار في تحديد مصيرنا، ولكن قبل بلوغ الهدف المنشود ينقصنا خطوات أولية لا تقل أهمية عن فكرة الديمقراطية، إذ هي أجزاء جوهرية منها لا تكتمل بدونها.
أولى تلك الخطوات هي بالتخلي عن الولاءات الضيقة التي تعيق التقدم نحو السلام والتأسيس الصحيح للمسار الديمقراطي، الولاءات الضيقة مثل تلك التي تنشأ مع الطفل.. الولاء للعائلة، ثم للأقارب، الجيران، الطائفة، الدين، وصولاً إلى الحاكم، لكن من الضروري أن نعلم أن ليس كل ولاءٍ ممقوت، ولكن ذلك الولاء المغلف بالكراهية وعدم الاحترام ونبذ الاخر المختلف سواء بالدين أو الطائفة أو العرق أو حتى مغلف بالاتباع الأعمى للحاكم أو القريب وإن لم يكن على حق، هو ما يجب خلعه.
المسار الديمقراطي في معناه الأشمل هو الوعي بضرورة التكاتف رغم الاختلاف، وعدم ادعاء الأفضلية لزعمك أنك على حق في مذهبك بينما الآخر على باطل، لزعمك أنك الأصح فيما تصفها فطرتك بينما من يخالفك في ذلك فقد خالف الحق، والسؤال الجوهري هنا كيف يمكننا أن نؤسس لمسار ديمقراطي، ومنا من يحمل في داخله داعشي صغير قد ينفجر بأي وقت، ومنا من يمقت الآخر لتوجهه العام الذي لا لن يضر أحدنا بشيء؟!
نحن أمام مصائب سياسية بفضل الحكم المطلق، وحكم الأوليجاركية، لذلك اهتمامنا هو ما يجب أن يصبّ في محاربة ومكافحة الظالم لا المظلوم المختلف، نريد أن نصل إلى صندوق الاقتراع ونختار من يمثلنا، فإذا ما أخفق أو أخلّ بواجباته اخترنا غيره، نريد أن نشارك مشاركة حقيقية في بناء وطننا، لا أن نختار من يشبهنا ونقصي الآخر، وإلا في هذا المعنى فنحن نسخة من الطغاة والمستبدين! لا نريدهم أن يغربوا لكي يحل شبيههم مع اختلاف الأسماء، نريد أن نحيا بسلام وأن نستفيد من اختلاف بعضنا البعض، اختلافنا يثرينا.