أعادت هذه الأيام المباركة القضية الفلسطينية إلى المشهد السياسي بوضوح أكبر بعدما اشتعلت نيران العزة والكرامة في حي الشيخ جراح وفي غزة وفي فلسطين بأسرها، لتحيي وجدان الأمة الذي لم ولن يموت يومًا، ولكن حان وقت الوقوف الفعلي مع هذه القضية الإنسانية قبل كل شيء ورفع الصوت بأن بوصلتنا هي المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين.
ولئن شغلت هذه الانتفاضة حديث الناس في المجالس والأعياد، إلا أن بعض الأصوات والتي تشكّل نشازًا، وهي قليلة، طفت على السطح، وظهورها لا يخلو بطبيعة الحال من الأسباب، منها انعدام الوعي بتصديق روايات الأعداء بأن الفلسطينيين قد باعوا أراضيهم! حد العمى عن التضحيات التي قُدّمتْ منذ بداية الاحتلال وما بعده حتى صار الآن واضحًا للعيان دونما الحاجة إلى العودة إلى كتب تقود قارئها إلى الحقائق وتدحض تلك الروايات، وثمة أصوات تتحدث بلسان حال حكامها، وهي فقط من تمثلها لأنها متواطئة مع المحتل الصهيوني ، ولأن الشعوب لا تمثل حكامها.
في هذا الوقت، علينا الانشغال بنصرة أهلنا في فلسطين وترك بعض المشتتات مثل إضاعة الوقت في ذلك الشخص من يكون، أو الرد على الصهاينة وغيرهم ممن يتغذى على الحديث عنهم سواء كان بشتمهم أو حتى بالرد العقلاني، فما يستحق فعلاً هو التركيز على فضح جرائم المحتل ونشر بطولات المقاومة ودعمهم بأي وسيلة كانت، والاكتفاء بوضع أصحاب المواقف المخزية في القائمة السوداء، حتى يعرفهم الجميع عندما تدق ساعة النصر مهما تأخرت فلا يمكنهم التلون.
فأنا إذ أكتب هذه الكلمات ونشوة العزة والكرامة تدثرني، مقاومة باسلة لم نشهد لها مثيلًا من قبل، وددت لو كنت معهم أقاوم وأقاتل حتى النصر أو الشهادة، وكل هذه المقاومة الجبارة تقربنا من الانتصار وأن لا حل مع المحتل إلا بخروجه واستعادة كافة الأراضي الفلسطينية ، فعلينا أن لا يغيب عن أذهاننا أن كل احتلال مصيره إلى زوال والتاريخ والواقع يشهدان على ذلك.