تقارير

خذلان عربي.. العرب يعزفون عن مقاضاة الاحتلال ومصر تتقدم بمذكرة إدانة

تاريخ النشر:2024-02-20

بعد أن دحرج الاحتلال الإسرائيلي كرة النار لجحر جمهورية مصر العربية باعتزامه اجتياح رفح برياً، وفضح دور النظام الذي يرأسه عبدالفتاح السيسي، في التضييق على أهل غزة بإغلاق المعابر، وتسبب موقف مصر الرسمي المتخاذل مع غزة بأضرار أمنية واقتصادية واستراتيجية، قدمت القاهرة مذكرة إلى محكمة العدل الدولية بممارسات الاحتلال بفلسطين.

المذكرة أعلن عنها رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان، في 18 فبراير/شباط 2024، موضحا أنها تشمل "تأكيد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وكذلك سياسات ضم الأراضي وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، بالمخالفة للقواعد الآمرة للقانون الدولي العام.
وجاءت مذكرة الجانب المصري التي روج لها إعلامياً على أنها تصعيد مصري ضد الاحتلال و"مقاضاة" لإسرائيل أمام العدل الدولية في لاهاي، استجابة لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، لرأي مصر الاستشاري حول السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
كما تأتي في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2022، الحصول على فتوى من المحكمة حول آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 57 عاما.
وبذلك تكون القراءة الصحيحة للدور المصري أنه "استجابة لطلب الأمم المتحدة الاستماع لمصر، وليس مقاضاة مصر للاحتلال، إذ من المقرر أن تستمع العدل الدولية، بين 19 و 26 فبراير الحالي، إلى احاطة 52 دولة من بينها مصر، إضافة إلى الاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية.
وذلك لتكوين رأي استشاري فيما يخص العواقب القانونية لما تتبعه إسرائيل من سياسات وممارسات في فلسطين المحتلة، كل دولة ومنظمة بتقديم إحاطة مدتها ثلاثون دقيقة خلال جلسات الاستماع، التي تستمر ستة أيام.

وفضحا لدور الإعلام في الترويج الكاذب عن مقاضاة مصر للاحتلال أمام العدل الدولية، أوضحت الصحفية منال عبدالعال، أن المحكمة طلبت من مصر المشاركة في تقديم رأي استشاري طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية، عن السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية من 1967.
وسخرت في تغريدة على حسابها بمنصة X، من زعم أحد الصحف المصرية المحسوبة على السلطة أن "مصر تقاضي إسرائيل" بقولها "تقاضي ايه؟"، مضيفة أن "المذكرة والمرافعة مش تقاضي، ده علشان تأكيد أن محكمة العدل الدولية مختصة بالنظر في الأزمة".
وبالرغم من الخلاف حول طبيعة دور مصر أمام محكمة العدل الدولية، إلا أن تقديمها بمذكرة تدين الاحتلال الإسرائيلي حظي بحفاوة وترحيب خاصة أن الإعلان عنها جاء بعد يوم من تصريحات لوزير الخارجية المصري سامح شكري، ناهض فيها حركة المقاومة الإسلامية حماس التي تقف ضد العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ أكثر من 4 أشهر.
وقال بمؤتمر ميونخ للأمن، في 17 فبراير/شباط 2024، إن "حماس خارج الأغلبية المقبولة، المعترفة بإسرائيل، والتي تريد التسوية، مثل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، بسبب رفضها التنازل عن دعم العنف، لكن يجب أن تكون هناك محاسبة لماذا تم تعزيز قوتها في غزة، وتمويلها من أجل إدامة الانقسام بينها وبين بقية الكيانات الرئيسة لصنع السلام".
وبدورها، أكدت الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، أن مذكرة مصر أمام محكمة العدل الدولية ستشكل ضغطا إيجابياً عالمياً، كما ثمن مجلس أمناء الحوار الوطني الخطوة، فيما نظر لها ناشطون على منصة إكس على أنها خطوة تاريخية لها تبعتها ووقعها على الاحتلال خاصة أن مصر باتت اليوم مهددة في أمنها القومي.
وتأتي المذكرة المصرية وسط عزوف الدول العربية عن تقديم شكاوى أو رفع قضايا مماثلة للقضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام العدل الدولية ضد الاحتلال، رغم كل ما يرونه من قتل للمدنيين والأطفال بالآلاف وتدمير البنى التحتية وقصف المنشآت الطبية والمدارس واصطياد الصحفيين وغيرها من الجرائم الأخرى.
وهو ما أثار موجة غضب وفسره مراقبون بأنه "خذلان ويدخل في باب التواطؤ والعجز والجبن العربي، وقال الكاتب في شؤون الإسلام السياسي وشمال أفريقيا جلال الورغي، إن أنظمة العرب التي تخاذلت كلها عن نصرة غزة والدفاع عنها عليها أن تشعر بالعار وتنكس رؤوسها لأنها وصلت بتخاذلها وعجزها وخذلانها لأهل غزة الكرام حد القبول بتشريدهم وبتجويعهم.
وأضاف في تغريدة على حسابه بمنصة x، أن "أنظمة عربية لم نطمع ولم نطلب منهم الحد الأقصى، فتخاذلت وعجزت عن تقديم الحد الأدنى"، مضيفا أن "من يرضى بإبادة وقتل وتشريد وتهجير وتجويع إخوتنا في غزة، إنما يرضى أن يفعل بنا كما فعل بهم"، عارضا مشاهد لدخول مساعدات إنسانية لغرب مدينة غزة، بعد أسابيع من الانقطاع يظهر فيها لهفة أهل غزة على الحصول على المساعدات.
ورأى الباحث الفلسطيني سعيد زياد، أن من سخرية القدر أن تجتاح المجاعة أهل الأرض المباركة، في وقت تتربع فيه بلدان العرب على قمة هرم أعلى معدلات السُمنة في العالم، وفي عصر يعتبر فيه العرب أكثر الأمم ثراءً.
وتحدث الصحفي الفلسطيني محمد أمين، عن وجوب الإنزال الجوي الفوري للمساعدات لأهل غزة، مشيرا إلى أن الناس تموت جوعا في شوارع شمال غزة، وتساءل: "أين طائرات الدول العربية وتركيا وكل من يتحدث عن أنه مع فلسطين".
وأشار إلى أن عقب الحرب العالمية الثانية كسر الحصار عن برلين الغربية عبر إنزال جوي، مناشدا من تبقى من ضمائر العرب، وطياري الخطوط الجوية المصرية والأردنية والعربية، أن يكسروا الحصار، كما دعا تركيا المصنعة للطائرات لأن تطير فوق غزة، متسائلا: "ماذا سيحصل؟ هل ستقصف إسرائيل طائرات الإغاثة فلتقصفها؟ أليس هناك دولة في الإقليم قادرة أن تتحدى؟".
وكان رئيس وزراء تركيا السابق أحمد داوود أوغلو، قد قال في لقاء مع الإعلامي المصري أسامة جاويش، إن الدول العربية والإسلامية أضاعت فرصة تاريخية بعدم تقدمها بدعوى لمقاضاة الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية، مذكرا بأنه قال في الأسبوع الأول من الأزمة إن على الدول الإسلامية رفع قضية بمحكمة العدل الدولية وأن يجب على تركيا قيادة هذه العملية.
واليوم تتصاعد الدعوات لنبذ الاحتلال الإسرائيلي كونه كيان استيطاني إجرامي، إذ طالبت منظمة العفو الدولية في 19 فبراير/شباط 2024، جميع الدول لمراجعة علاقاتها بإسرائيل لضمان عدم المساهمة بإدامة الاحتلال ونظام الفصل العنصري، مشيرة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو أطول احتلال عسكري وأحد أكثرها فتكا في العالم.